من عامل بـ"سوبر ماركت" إلى مترجم للرؤساء.. قصة نجاح مصري في اليابان
الدكتور المؤمن عبدالله يتحدث لـ"العين الإخبارية" عن رحلته إلى اليابان، والمحطات التي عاشها في البلد الآسيوي على مدار 22 عاما.
إذا كان لقصص نجاح العرب في الغرب مذاق جيد وتأثير ساحر لدى الكثيرين، فإن نجاح العرب في الشرق قد يكون أكثر إبهارا رغم عدم تسليط الأضواء بالشكل الكافي على النماذج البارزة هنا.
الدكتور المؤمن عبدالله واحد من هؤلاء العرب الذين خطوا قصة نجاح في الشرق الأقصى، وتحديدا في اليابان، فهو مصري يعمل أستاذا مشاركا في جامعة طوكاي اليابانية، وأحد المتخصصين العرب القلائل في علوم اللغة اليابانية وآدابها، وحاصل على درجة الدكتوراه في علوم اللغة اليابانية وآدابها من جامعة جاكوشئين اليابانية.
عمل "عبدالله" في اليابان بمجال الترجمة والتعاون الدولي، على مدار ١٧ عاماً، وإلى جانب كونه أستاذا مساعدا (مشارك) بجامعة طوكاي اليابانية، يعمل في مجال التأليف والترجمة الإذاعية والفورية والأدبية.
وقدم "عبدالله" برنامجا لتعليم اللغة العربية لليابانيين، بهيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية، وله العديد من المؤلفات الخاصة بعلم اللغة والمقارنة بين الثقافتين العربية واليابانية.
رحلة طويلة قطعها الدكتور المؤمن عبدالله في اليابان، على مدار 22 عاما، يروي أبرز محطاتها في حواره مع "العين الإخبارية".
كيف كانت تذكرة سفرك إلى اليابان ذهابا بلا عودة؟
منذ 22 عاماً سافرت إلى اليابان، وبحوزتي 850 دولارا فقط، وكانت تذكرتي ذهاب بلا عودة، وكنت حاصلا على بكالوريوس السياحة والفنادق، وكان لدي إصرار كبير على التعلم وتحقيق النجاح.
وأعتقد أنني بعد هذا الوقت وتعاملي مع مختلف الجنسيات، وجدت أن الشخصية المصرية شخصية طموحة للغاية.
وماذا عن علاقتك بمصر؟
عندما جئت إلى اليابان كانت تذكرتي ذهابا بلا عودة، لأنني لم أملك وقتها سوى هذا المبلغ اللازم للذهاب فقط، ولكن الآن أذهب وأعود، وأؤكد أن الانتماء والهوية مبدأ لا يتجزأ، خاصة إن كان هذا الانتماء مرتبطا ببلد مثل مصر. وبالنسبة لي كنت أتطلع لثقافة جديدة، وكان الهدف الدراسة لمدة سنة أو سنة ونصف، ثم العودة لمصر، ولكن الصدمة الثقافية الإيجابية، جعلتني أتوجه للدراسة أكثر والتعليم أكثر، وبدأت قصتي.
لكنك عندما جئت إلى اليابان لم تكن تتحدث اليابانية.. فماذا فعلت؟
في الحقيقة كنت محبا للغات، خاصة اليابانية، وعندما جئت إلى هنا في اليابان كانت حياتي مثل ما يجري في الأفلام، كنت أغسل الصحون في أحد الفنادق، وكان لا بد أن أعمل من أجل أن أجد سكنا وفرصة للدراسة، فقد كانت الدراسة هي الهدف الأول بالنسبة لي. وعندما وصلت اليابان ساعدني شخصان أحدهما ياباني والثاني مصري، لإيجاد فرصة عمل، وكانت "غسل الصحون". ووجدت السكن، حتى أصبح لدي المال الكافي لحياتي الأساسية والذهاب إلى معهد اللغة، من أجل رفع مستواي في اللغة اليابانية.
كيف كانت مسيرتك للحصول على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من اليابان؟
التحقت بكلية وبدأت الدراسة، لأنني كنت مُهوَّوسا باللغة اليابانية، وكان لدي تطلع في البداية أن أكون متخصصًا في اللغة اليابانية أو مدرس لغة يابانية، فاتجهت إلى دخول الجامعة، ولذا أصبح الأمر أكثر صعوبة، خاصة أن الجامعة هي "قصر الإمبراطور الياباني"، وهي جامعة مميزة تاريخيًا وعلميًا، ودرست بها بكلية الآداب بقسم اللغة اليابانية وآدابها، وكان تطلعي المبكر أن أدمج اللغتين العربية واليابانية وثقافتيهما معا.
هل غيرت عملك في "غسل الصحون" بعد دخول الجامعة؟
بالفعل غيرت وظيفتي، ليس لكرهي أو عدم تقبلي لغسل الصحون، ولكن بسبب العائد المادي، لأن أول عام دراسي لي في الجامعة كانت المصروفات الدراسية 10 آلاف دولار، وكان مبلغا كبيرا، وتواصلت مع الجامعة على تقسيط المصروفات لنصفين، وكانت المشكلة التي تلاحقني هي الأعوام التالية في الدراسة. وعملت في "سوبر ماركت" ثم مطعم ثم محل تصوير، وبدأت انتقل لمرحلة ثانية لرفع مستوى الدخل والتقليل من أوقات العمل الزائدة، فبدأت أحترف الترجمة، حتى وصلت إلى مرحلة متقدمة، ثم أصبحت مترجما لكثير من الرؤساء والملوك العرب عند زيارتهم لليابان.
قمت بتدريس أصول اللغة اليابانية لأبناء اليابان أنفسهم.. كيف ذلك؟
هذه الخطوة لم تكن في الخطة الخاصة بي في حقيقة الأمر، لكن يبدو أنه كانت هناك بعض التغيرات في الحياة اليابانية، وأصبح هناك استقطاب لبعض الأساتذة في مجالات متعددة.
كم تبلغ مصروفات الجامعة؟
تختلف المصاريف من قسم لآخر، ويبلغ المتوسط نحو 8 آلاف دولار، وأريد أن أوضح أن الجامعات في اليابان معظمها خاصة، فلدينا 800 جامعة خاصة.
وماذا عن الجامعات الحكومية؟
لا تختلف كثيرًا عن الجامعات الخاصة، لكن مصروفاتها تقل بنسبة 30% تقريبًا، فيكون متوسط المصروفات قرابة 5 آلاف دولار للعام الدراسي الواحد، ولكن إذا كان هناك شخص غير قادر تساعده الدولة في تقسيط المصروفات، بالإضافة إلى وجود المنح الدراسية للمتفوقين والمتميزين.
ما رسالتك إلى الطلاب من واقع تجربتك؟
ليس عيبًا أن تبدأ من جديد، فقد كنت في الـ21 من عمري، وبدأت أدرس من جديد من البداية، ودائماً كان حديثي مع الطلاب في هذا الشق، حيث إن الناس يقلقون من فكرة الزمن والوقت.
وماذا عن العمود الأسبوعي الذي تكتبه في النسخة اليابانية من "نيوزويك"؟
أكتب في هذا العمود عن القضايا المرتبطة بين الثقافات، وبعض القضايا اليابانية، أو قضايا العولمة، أو قضايا اليابان والعرب.
ماذا عن مسقط رأسك؟
شبرا موطني، ما زالت في قلبي لم تتغير، فأنا مصري قلباً وقالباً، ومصر لم أنقطع عنها، فما تعلمته في وطني من إنسانية وتواصل أحاول أن أطبقه في حياتي هنا، وهو ما يسمى بالدبلوماسية الثقافية.
كيف يمكننا أن نتقدم إلى الأمام؟
بالاعتماد على الكوادر التي لدينا، فنحن نمتلك كوادر عظيمة لكن لا يتم الاعتماد عليها أو الانتباه إليها، فتقدم اليابان جاء بالاعتماد على الذات، وانتهاء مقولة الظروف لدى الشخص، فمن ضمن أسباب تراجع قدرات الشخصيات هو إعطاؤه انتباها للظروف.
aXA6IDMuMTQyLjIxMC4xNzMg
جزيرة ام اند امز