أشهر قصص الحب في مصر الفرعونية.. أجملها لمطرب وكاهنة
الحكيم المصري القديم سنوهي يقول "سكن الجمال ديار مصر، وأبى إلا يبرحها إلا على جناح الحب"
كعادتها كانت الحضارة المصرية القديمة رائدة في إرساء القيم الإنسانية مثل الخير والحب، وأسست قانون "ماعت" رمز الحق والعدل على أساس الحب.
ومن هنا أصبح لقيمة الحب مكانة مهمة في حياة المصريين القدماء، قبل أن يخصص العالم في نهاية القرن الـ18 يوم 14 فبراير/شباط من كل عام يوماً للاحتفال بـ"عيد الحب".
دستور فرعوني
وعن أصل عيد الحب في الحضارة المصرية القديمة، يقول الخبير الأثري الدكتور مجدي شاكر إن الحضارة الفرعونية صنعت دستورها المعروف بقانون "ماعت" رمز العدالة والمساواة على أساس الحب.
وبعبارة "أنا أنفتح على الحب بكل أشكاله"، رسم المصري القديم ملامح حياته التي ظهرت تفاصيلها على جدران المعابد والمقابر الفرعونية على مدار الأسرات والعصور.
ويضيف شاكر لـ"العين الإخبارية" أن الحب نبع من أرض مصر، واعتاد المصري القديم على العيش في بيئة مليئة بالقيم والعاطفة المقدسة، حتى نسجت أسطورة إيزيس وأوزوريس على أساس قصة حب وفاء الزوجة التي ظلت تبحث عن زوجها.
وقال الحكيم المصري القديم سنوهي: "سكن الجمال ديار مصر، وأبى إلا يبرحها إلا على جناح الحب"، ما جعل المؤرخين يطلقون على مصر مسمى أرض الحب".
مظاهر الحب
ولم يغفل المصري القديم تسجيل يومياته واحتفالاته التي تشير إلى مظاهر الحب على مدار الأسرات. وقديماً حرص المصريون على تبادل الهدايا المتمثلة في الزهور والورود كنوع من تقدير الأحبة لبعضهم بعضاً ووسيلة للتعبير عن مشاعرهم.
وعلى جدران المقابر والمعابد اعتمد المصري القديم على الصور لتسجيل وتوثيق هذه اللحظات، وإن لم تتوافر النصوص التي تدل على هذه الاحتفالات، بحسب تفسير مجدي شاكر.
ويتابع: "احتفال المصريين والعالم كله بعيد الحب حالياً يشبه مظاهر الاحتفال في مصر القديمة كثيراً، وتتشابه الهدايا من الزهور والورود التي كانت تقدم تعبيراً عن الحب في احتفالية كبرى، وهي تلك النقوش المدونة على جدران المعابد ومقابر الجيزة وعشرات الجداريات التي توثق احتفاء المصري القديم بمحبوبته".
قصص أسطورية
قصص الحب والعشق في مصر القديمة لم تكن مقتصرة على طبقة الملوك والنبلاء فقط، بل تنوعت باختلاف الطبقات الاجتماعية.
وطوال التاريخ الفرعوني، هناك قصص تعد نموذجاً في الوفاء والحب على مدار القرون والأزمنة.
ويذكر شاكر بعض هذه القصص قائلا: "عاشت قصة حب بين الملك أمنحتب الثالث والملكة تي، إذ تحدّى الجميع وتزوجها على الرغم من أن قراره كاد يهدد عرشه وقتها".
ومن بين هذه العلاقات أيضاً قصة عشق الملك توت عنخ آمون للملكة عنخ أس يا أمون، على الرغم من أن زواجهما لم يدم طويلاً، إضافة إلى قصة حب الملكة نفرتيتي والملك أخناتون، والتي خُلِّدت على جدران المعابد.
وكان بناء المعابد في مصر القديمة إحدى وسائل التعبير عن الحب، ويقول الخبير الأثري: "شيد الملك رمسيس الثاني أحد ملوك الأسرة 19 للملكة نفرتاري معبد أبوسمبل، الذي يجاور معبدا بأسوان جنوبي مصر"، مشيراً إلى أنَّ عشق رمسيس الثاني لنفرتاري وصل إلى حد وصفه لها بـ"حتحور" معبودة الحب والجمال.
وكشفت المقابر عن قصص حب أخرى لطبقات غير الملوك، ومنها مقبرة "كاهاي" مطرب البلاط الملكي وزوجته "ميريت إيتس" إحدى كاهنات معبد آمون.
ويوضح شاكر أن اكتشاف المقبرة يعود إلى عام 1966 بمنطقة سقارة في محافظة الجيزة، ويرجع تاريخها إلى نحو 4400 عام، مشيراً إلى نقش جداري يسجل لحظة تحديق الزوجين في أعين بعضهما البعض وهما يتبادلان مشاعر الحب الطيبة.
وتسجل المقبرة أيضاً مشهداً تضع فيه الزوجة يدها اليمنى على الكتف الأيمن لزوجها تعبيراً عن الاحتواء والحنان، ويصف الخبير الأثري قصة كاهاي وميريت بـ"أجمل قصة حب عرفها التاريخ القديم".
ويرى شاكر أن التعريف بهوية الأشخاص ومكانتهم في المجتمع أسهمت في إبراز قصص الحب لدى الفراعنة، إذ يظهر كاهاي مرتدياً شعراً مستعاراً وقلادة وتنورة وأساور، ممسكاً بعصا وصولجان كرمز للمسؤولية والسلطة، كما ظهرت ميريت بملابس الكاهنات في مصر القديمة.
ولم تخلُ البرديات الفرعونية من سرد قصص العشاق، التي تظهر معاناة الأحبة إذا غاب الحب أو تخاصم الطرفان مثل بردية "شستربيتي".
وسجّل التاريخ الفرعوني وقائع لمن ماتوا في سبيل الحب، ومنهم فتاة تدعى "أيزادورا" أحبت ضابطاً، لكن اعتراض أبيها على زواجهما دفعها للذهاب لوداع حبيبها، ولكنها سقطت في النهر وهي في الطريق إليه.
وتظل قصة "شهيدة الحب أيزادورا" خالدة على جدران مقبرتها في منطقة تونة الجبل في محافظة المنيا بصعيد مصر.