ترجمة جديدة لـ"الخروج للنهار".. أيقونة الأدب الجنائزي عند الفراعنة
كتاب "الخروج للنهار" يتضمن تصورات المصري القديم عن العالم والإنسان، وتقع في إطار ما يسمى بالأدب الجنائزي.
صدرت حديثاً عن مكتبة تنمية في القاهرة ترجمة جديدة عن اللغة المصرية القديمة لكتاب "الخروج للنهار"، المعروف بكتاب الموتى، قدمها الدكتور شريف الصيفي، الذي رشح من قبل لجائزة الشيخ زايد للكتاب، عن ترجمته لكتاب "فلسفة البحر".
وقال "الصيفي"، وهو متخصص في المصريات يعمل في إحدى الجامعات الألمانية، إن نصوص الكتاب تضمنت محاولة للإجابة على الأسئلة الكبرى التي أرَّقت أتباع الفلسفة الأفلاطونية، والأفلاطونية الحديثة، وبقية المدارس الغنوصية (العرفانية) فيما بعد.
ومن بين هذه القضايا، الشر في العالم، وعلاقة الجسد بالروح، وقضية الحق، والتوحيد؛ ويؤكد الكتاب أن النصوص الجنائزية ليست دعوةً للانسحاب من العالم، ولا تقديساً للموت، إنما دعوة للتوحيد بين الإنساني والإلهي والطبيعة في منظومة واحدة.
ويتضمن الكتاب تصورات المصري القديم عن العالم والإنسان، وتقع في إطار ما يسمى بالأدب الجنائزي، وحسب المترجم تفترض القراءة السطحية لنصوص الأدب الجنائزي أن المصري القديم قدَّس الموت، وأنه عاش مهموماً بما في العالم الآخر طيلة حياته القصيرة على الأرض.
لذلك أفرد المصري القديم للموت صفحات وصفحات في إنتاجه الأدبي، واهتم بتطوير معمار المقابر، من مصاطب وأهرامات ودهاليز في عمق جبال طيبة، إلى جانب المعابد الجنائزية.
ولم يعترف المصري القديم بالموت كنهاية للحياة ونقيض لها، بل كجزء من صيرورتها، ورفض أن يكون الموت موتاً، وكان هذا التصور وليد البيئة.
ويشير المترجم إلى أن أدبيات المصري القديم جاءت خالية من أية مقولات بشأن فناء العالم أو نهاية الزمن، ومع وعي المصري بأن الموت انفصال عن العالم، قَرَّر ألا تقف علاقته بالعالم عند لحظة الرحيل عنه، فكانت هناك الرسائل المُدوَّنة على جدران المقابر، وحرصه على تقديم نفسه للمارين على القبر بتدوين سيرته الذاتية.
وتشير فصول الكتاب إلى محاربة المصري القديم عزلة القبر بتذكارات من عالمه؛ فامتلأت المقبرة بالرسومات المعبرة عن النشاط والحركة ونزق الحياة، إلى جانب الأثاث الجنائزي، الذي ضم مقتنياته الشخصية.
ويكشف المترجم أن اللفظ الأفروآسيوي الدال على حدث الموت الذي نستخدمه في لغتنا الحديثة "موت"، كان ضمن المادة المعجمية للغة المصرية القديمة، فلم يظهر إلا في صيغة النفي.
وبغربلة الفكر المصري القديم، وتنقيته من الشوائب الأسطورية الدخيلة، سنجد أنفسنا أمام محاولة جنينية وجادة لطرح تصور فلسفي عن العلاقة الجدلية بين دوائر الوجود الـ3؛ أي الإنساني، والإلهي، والعالم، فلم تُشِر النصوص إلى الإنساني والعالم بوصفهما وجوداً مؤقتًا.
وسبق أن صدرت هذه الترجمة عن المركز القومي للترجمة في مصر قبل سنوات، ونالت اهتماماً كبيراً، ونفدت من الأسواق، غير أن المترجم أضاف لها وقارن عدة نصوص عن الهيروغليفية.