طرح شركات الجيش المصري في البورصة.. القصة الكاملة
قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إنه كلف الحكومة بطرح شركات مملوكة للقوات المسلحة في البورصة قبل نهاية العام الجاري.
ويرى خبراء أسواق المال أن قرار طرح شركات الجيش في البورصة المصرية بجانب طرح بعض شركات القطاع العام له أبعاد اقتصادية وفوائد عدة، منها إنعاش البورصة المصرية التي تضررت بشدة من خروج الأموال الساخنة عقب الحرب الأوكرانية، وضخ استثمارات حقيقية في سوق المال المصرية عبر مشاركة القطاع الخاص وطرح بعض شركات القطاع العام.
وكلف الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة المصري بالإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص بالأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار سنويا ولمدة أربع سنوات.
وفقا للبنك الدولي، هناك نحو 60 شركة تابعة للجيش تعمل في 19 صناعة في مصر، من إجمالي 24 مدرجة على جدول تصنيف الصناعات.
"ما أشبه اليوم بالبارحة"
إن مسألة طرح شركات الجيش المصري في البورصة ليست بجديدة، ففي عام 2019 قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إنه يجب السماح للقوات المسلحة ببيع حصص من شركاتها في البورصة إلى جانب الشركات الحكومية الأخرى التي وُضعت خطط لخصخصتها.
وتتحدث الحكومة منذ سنوات عن بيع شركات حكومية من غير المملوكة للجيش، وفي 2018 أعلنت أنها ستطرح حصصا أقلية في 23 شركة حكومية في البورصة في خطة لجمع ما يصل إلى 80 مليار جنيه مصري (4.33 مليار دولار).
وتأجل البرنامج مرارا، وقال مسؤولون في الحكومة إن التأجيل المتكرر يرجع إلى ضعف الأسواق والعقبات القانونية ومدى جاهزية الوثائق المالية لكل شركة.
وكان السيسي قد أعلن في وقت سابق أن الجيش المصري "لا يعمل بأكثر من 3% من حجم الناتج القومي، مؤكدا أن مشاركة الجيش لا تصل إلى 10 أو 50% - كما ادعى البعض-".
واعتبر الرئيس المصري أن تدخل الجيش بشركاته في القطاع المدني "ضرورة لسد حاجات استراتيجية أو لتخفيض الأسعار"، وكرر دعوته للقطاع الخاص للمشاركة في هذه الشركات (التي تتبع القوات المسلحة) وغيرها.
شركات الجيش المتوقع طرحها
وبحسب تصريحات سابقة لوزيرة التخطيط المصرية الدكتورة هالة السعيد، فمن المستهدف طرح 10 حتى 100% من شركتي الوطنية للبترول والوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية والزيوت النباتية "صافي"، التابعتين للقوات المسلحة، في خطوة تهدف إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
ومن المخطط أن يعقب طرح شركتي الوطنية للبترول وصافي المملوكتين لجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة المصرية، دراسة تنفيذ طروحات 3 شركات أخرى تابعة للجيش المصري، حسبما أعلنت وزيرة التخطيط.
وكشف الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، عن كون الخطة الأولية تستهدف بيع ما يقارب 100% من أسهم 10 شركات يمتلكها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، حيث سيساعد الصندوق في اختيار الأصول والترويج لها أمام المستثمرين.
وأوضح سليمان، في تصريحات لوكالة بلومبرج، احتمالية مشاركة صندوق مصر السيادي في الطروحات عبر الاستحواذ على حصص أقلية بتلك الشركات.
توقع الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، أن تكون شركات تابعة للجيش المصري، ومنها شركة "وطنية" لتوزيع المنتجات البترولية، وشركة الأغذية "صافي" جاهزة للطرح بعد عيد الفطر المقبل، مشيراً إلى أنه تم اتخاذ خطوات متسارعة مؤخراً لتهيئة هذه الشركات لطرح عام أو خاص قبل الصيف المقبل.
وقال رئيس صندوق مصر السيادي إن الصندوق يمتلك حصصا أقلية تتراوح بين 15 إلى 20% في الاتفاقات والمشروعات المعلنة مؤخراً، ومنها مشروع إنتاج الوقود الأخضر من الهيدروجين والأمونيا بهدف تموين السفن والتصدير.
وأضاف أن "البورصة ما زالت الخيار المتاح أمام طرح الشركات التابعة للجيش المصري، ونحن بصدد الانتهاء من إعادة الهيكلة القانونية لشركتين تابعتين للجيش لتكونا قابلتين للطرح في البورصة قريباً".
ويري اقتصاديون أنه آن الأوان لإدارة هذه المشروعات بشكل اقتصادي ناجح من خلال صندوق مصر السيادي، الذي ستؤول إليه عائدات بيع أسهم شركات الجيش وشركات الدولة الأخرى، وهي الخطوة التي تعول عليها مصر للانتقال إلى جدول أكبر 30 اقتصادا في العالم في نهاية العقد المقبل.
وبديهي أن خطوة خصخصة بعض الشركات المدنية التي تمتلكها القوات المسلحة بعد أن توسعت في أنشطتها الناجحة، يمثل رداً مثالياً على حملات الهجوم على دور تلك الشركات في الاقتصاد، وينهي الغموض حول كيفية استثمار أموالها التي ستكون جزءاً من صندوق مصر السيادي.
مدبولي يعلق على طرح شركات الجيش في البورصة
قال مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، إن "كل دول العالم دائما تدخل في استثمارات في قطاعات استراتيجية، الدولة تراها من وجهة نظرها تمس الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي، ونحن درسنا كل التجارب العالمية في هذا الشأن".
وتابع: لو تحدثنا عن حجم المؤسسات التابعة للقوات المسلحة، فهي لا تمثل شيئا في الاقتصاد المصري، وتمثل حوالي أقل 1%، ومع الأرقام ونمو الاقتصاد فهي أقل من 1%.
وأوضح أنه بالنظر إلى هذه القطاعات، نجد أغلبها في مجالات القطاع الخاص وهو لم يكن موجودا أو يتواجد بنسبة قليلة جدا لا تكفي احتياج الاقتصاد المصري، وبالتالي كنا نستورد كميات هائلة ونسدد بعملة صعبة، نتيجة لأن القطاع الخاص لم يكن يغطي أكثر من 10 أو 15 أو 20% منها.
وأكد أن مصر كدولة في هذه المرحلة، مضطرة لزيادة الاستثمارات العامة من كل مؤسسات الدولة من أجل بناء الدولة وبنية أساسية ضخمة، وحجم الإنفاق الضخم الذي تم في الاستثمارات العامة خلال الفترة الماضية أكثر من 50% فقط منه في البنية الأساسية، ولن تستمر هذه النزعة- يقصد ما اسمته مذيعة بي بي سي باقتصاد الجيش.
وعن خصخصة الشركات التابعة الجيش، أكد مدبولي، أن الرئيس السيسي أعلن أنه سيتم طرح الشركات المملوكة للجيش في البورصة المصرية للشراكة مع القطاع الخاص.
وقال مدبولي، إن ما يقال عن أن الشركات التابعة للجيش لا تعلن ميزانيتها "غير صحيح"، وهناك شركات تعمل في قطاعات اقتصادية مدنية، ويتم هيكلتها اليوم لتكون جاهزة في الطرح بالبورصة المصرية.
وأشار إلى أن هناك طرحا خاصا بشركة "إي فاينانس" إحدى الشركات التي كانت مملوكة بالكامل للدولة المصرية، وتم هيكلتها وطرح أكثر 25% منها، مؤكدا أن الدولة تستهدف مثل هذا الأمر خلال العام المقبل لشركات كثيرة من الدولة، ومنها شركات تابعة للقوات المسلحة التي تعمل في قطاع الأعمال.
5 فوائد لطرح شركات الجيش في البورصة
ويرى محمد رضا محلل مالي، أن هناك 5 فوائد رئيسية من إعلان طرح شركات الجيش المصري في البورصة.
- ثقة مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية لديهما في البورصة المصرية، وعلى دورها الرئيسي بأنها السوق التمويلي الأهم لدعم الاقتصاد المصري.
- توفير قاعدة تمويلية حقيقية للشركات المملوكة للدولة سواء التابعة للحكومة أو للقوات المسلحة المصرية تقوم على مبدأ المشاركة الاستثمارية.
- السماح للقطاع الخاص المحلي والأجنبي بتمويل التوسعات وعمليات إعادة الهيكلة للقطاع العام وفقاً لمبدأ الاستثمار وليس الاستدانة.
- إتاحة المشاركة المجتمعية الواسعة من أفراد الشعب المصري في الاستثمار في شركات دولته والمشاركة في القرار الاستثماري، مما يتيح للدولة المصرية آفاق تمويلية مستقبلية بناءً على ثقة الشعب في مؤسساته بمشاركة المواطنين في تمويل مشروعاته القومية والوطنية من خلال البورصة المصرية.
- رسالة وتجديد التزام الدولة بتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية والذي شهد العديد من التأجيلات وتأخر الحكومة في اتخاذ إجراءات تنفيذية حقيقية لتنفيذه، مما سيعيد اهتمام الاستثمار المحلي والأجنبي بالمشاركة بهذا البرنامج ويخلق نجاحاً لتحقيق أهدافه الرئيسية.