خبراء: داعش فشل نهائيا في تأسيس ولاية بسيناء
الجيش والشرطة المصريان خاضا معارك ضارية خلال السنوات الأخيرة لإفشال مخطط إقامة فرع لتنظيم داعش في سيناء وإحباط محاولات التدخل الأجنبي
اتفق خبراء عسكريون وباحثون مصريون على أن تنظيم داعش فشل بشكل نهائي في تحقيق حلمه باستقطاع جزء من سيناء المصرية لإقامة ولايته المزعومة عليها وذلك بسبب الضربات المتتالية للجيش والشرطة للعناصر الإرهابية ومراكز تمويلها.
وتسعى الدول التي تقف وراء داعش إلى إثبات أن له فرعا ووجودا قويا بسيناء بكافة الطرق؛ حيث إنها قد تستغل ذلك في الدعوة لتدخل دولي عسكري خارجي بحجة محاربة داعش.
وأمام هذا الفشل لجأ الإرهابيون إلى عمليات تثير القلاقل في مصر وتأليب الشعب على جيشه، وهو ما تشير إليه رسائل العملية الإرهابية الأخيرة في رفح بشمال سيناء، والتي أسفرت عن مقتل 40 إرهابيا واستشهاد وإصابة 26 من رجال الجيش في 7 يوليو/تموز الجاري.
وأوضح الخبراء في أحاديث مع بوابة "العين" أنه رغم حجم العملية الأخيرة، إلا أن المؤشرات تؤكد قدرات الجيش المصري وأنه قادر على إنهاء تواجد الإرهاب في سيناء وفي مختلف مناطق مصر.
غير أنهم يرون أن الحرب على الإرهاب طويلة ولها ثمن، خصوصاً إذا ما استمرت عمليات التهريب والتمويل للتنظيمات الإرهابية من دول عديدة.
اللواء دكتور محمد الغباري مدير كلية الدفاع الوطني أفاد بأن الشواهد على أرض المعركة في سيناء تؤكد أن الجيش المصري في المرحلة الحالية يحارب تنظيمات مجهولة، يخرج أفرادها من أي مكان، سواء من منزل مجاور أو نفق، أو خندق غير معلوم.
وقال: "إن هذا الحلم الإرهابي الخاص بفرض داعش على سيناء ضاع تحت قوة الضربات التي تلقاها الإرهاب في سيناء وخارجها، وحرمانه من الكثير من الإمدادات والأسلحة التي تتجاوز قيمتها مليارات، ومحاصرته في العديد من المناطق، ومنع وصول أكثر من ألف طن من المواد المتفجرة، والعديد من كميات الأسلحة، والسيارات".
ولفت لواء الغباري إلى أن العمليات الاستباقية في مخابئ الإرهابيين في سيناء، خصوصاً في جبل الحلال، دفعتهم إلى تحويل أهدافهم بعد فشل خطط "الاقتطاع" لتأسيس ما يسمونه بولاية سيناء إلى إثارة القلاقل من خلال عمليات إرهابية باستخدام مفرط في المواد المتفجرة.
وعن مصدر تلك المواد قال إنها تأتي عبر التهريب وبتمويل خارجي من دول محددة داعمة للإرهاب، وهو ما لا يخفى على أحد الآن.
وسبق أن رصدت وزارة الداخلية المصرية أسلحة مكتوبا عليها باللغة الفارسية في مداهمة مزرعة تتبع تنظيم الإخوان الإرهابي في محافظة دمياط بشمال البلاد.
ولفت الغباري إلى أن امتداد حدود مصر لـ 5 آلاف كيلو متر، منها 3 آلاف كيلو متر حدودا بحرية، يفتح مجالات لعمليات التهريب، ولكنها ليست بالكثافة التي كان يمكن أن تكون عليها لولا يقظة القوات المسلحة المصرية.
واعتبر الخبير العسكري أن التهريب والتمويل أخطر تحديين في هذه المرحلة، غير أنه أكد يقينه بانتصار الشعب المصري على التنظيمات الإرهابية خصوصا مع الوعي المجتمع الواسع ومحاربة "الطابور الخامس".
من جانبه، قال اللواء محمد الشهاوي المستشار بكلية القادة والأركان التابعة لوزارة الدفاع المصرية إن الواقع على الأرض ونتيجة الجهود العسكرية للجيش والشرطة في سيناء تثبت أن الإرهاب فشل بشكل واضح في تحقيق كافة مخططاته في أرض الفيروز، ولم يحقق أي شيء على الإطلاق فيما يتعلق بتأسيس "حلم ولاية سيناء" في الشيخ زويد.
وأفاد أن القوات المصرية وجهت العديد من عشرات الضربات القاصمة على مدار أربع سنوات إلى مختلف مواقع الإرهابيين، وتدمير البنى التحتية الخاصة بالتنظيم، وهو ما أسهم في إفشال كافة المخططات لإقامة فرع لداعش في سيناء.
ووفقا لوصف الشهاوي فإن الإرهابيين في المرحلة الحالية "كالأشباح، وبمثابة خفافيش لا يظهرون في النور، بل يختبئون في الأنفاق والجحور".
غير أنه رغم صعوبة الرصد فإن القوات المصرية "تنجح في ملاحقتهم في هذه الحرب الممتدة والتي ستكون في نهاية الأمر لصالح الجيش المصري والشرطة المصرية"، مؤكداً بالقول أنه: "لا مكان لداعش في مصر".
اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع المصري الأسبق أوضح أن التنظيمات الإرهابية في مرحلة تراجع، قائلا إن تنظيم داعش يلفظ أنفاسه في العالم؛ فمؤخراً تم تحرير الموصل العراقية من داعش، كما هرب من مناطق مختلفة أخرى في دول المنطقة.
كذلك أشار إلى الحرب القوية الجارية ضد الإرهاب في ليبيا، وقبل كل هذا أوقعت الضربات الاستباقية على الإرهابيين في سيناء خسائر فادحة أسهمت في وقف كل مخططات إقامة فرع لداعش فيها.
أما ما يقوم به الإرهابيون حاليا من عمليات إرهابية سواء في سيناء أو غيرها من المحافظات المصرية فاعتبرها سالم "عمليات لإثارة القلاقل".
غير أنه نبَّه إلى عدم التقليل منها، ووجوب مواجهتها بشكل مختلف "لأن مصر تحارب عدواً مجهولاً".
كذلك نبَّه إلى أن مصر رصدت معظم تحركات القائمين على محاولة زرع داعش في البلاد.
وسبق أن رصدت الأجهزة الأمنية مجموعات إرهابية عائدة من مناطق الصراع، سعت إلى تشكيل مجموعات إرهابية تنفذ عمليات إرهابية في شمال سيناء والمحافظات القريبة للسيطرة على منطقة ترفع عليها أعلام داعش، ويتم تصوير هذا فيديو يجري تسويقه عالميا على أن جزءا من مصر أصبح تحت سيطرة التنظيم الإرهابي.
إلا أن الأجهزة المصرية أفشلت هذه المخططات أكثر من مرة، من بينها إحباطه في معركة الشيخ زويد وكمين الرفاعي 1 يوليو/تموز 2015، وكذلك القضاء على إرهابيين يتدربون في صحراء محافظة الإسماعيلية القريبة من سيناء الشهر الجاري.
إلى ذلك قال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية ناجح إبراهيم إن تنظيم داعش فشل في إقامة ولاية بسيناء لشدة الضربات التي تم توجيهها إلى العناصر الإرهابية ومقتل الكثير من عناصرها ومحاصرة عمليات الإمداد وقوة الحصار المفروض من الأجهزة الأمنية وتجفيف منابع تهريب السلاح من ليبيا والسودان وقطاع غزة.
أما عن هدف الإرهابيين من عملياتهم الحالية في مصر بعد فشل هدفهم الأكبر في فرض وجود لداعش فقال إبراهيم إنه لم يعد الهدف إقامة ولاية جديدة، بل محاولة إثارة الرأي العام ضد الجيش وتشويه قدراته وإثارة القلق في المجتمع.
غير أن هذا أيضا- وفق الباحث- يفشل بمجرد الرد القوي على كل عملية، وهو ما حدث في عملية رفح الأخيرة، حيث تم تصفية 40 إرهابية وإصابة أعداد كبيرة أخرى.