ماذا يريد المواطن المصري من «مدبولي»؟.. خبراء يحددون الأولويات لـ"العين الإخبارية"
يترقب الشعب المصري خلال الأيام المقبلة الإعلان عن التشكيل الوزاري الجديد، وسط طموحات وآمال معلقة على وزارة الدكتور مصطفى مدبولي بتحسين أحوال الاقتصاد المصري.
وأعلنت رئاسة الجمهورية المصرية، الإثنين، عن تقديم حكومة الدكتور مصطفى مدبولي استقالتها للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وكلف الرئيس السيسي الدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة، وجدد ثقته بالرجل الذي قاد الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية متخطيا العديد من الأزمات الاقتصادية التي واجهتها البلاد في ظل متغيرات عالمية أثرت على الأوضاع في مصر.
وتواجه الحكومة الجديدة التي يتم تشكيلها العديد من الملفات الاقتصادية المهمة، يأتي في مقدمتها السيطرة على معدلات التضخم التي شهدت ارتفاعات قياسية خلال الأشهر الماضية.
وأظهرت بيانات نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، خلال الشهر الماضي، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية انخفض إلى 32.5% في أبريل/نيسان من 33.3% في مارس/آذار.
من ضمن الأولويات التي يجب على الحكومة المصرية أن تضعها في الاعتبار أزمة توفير العملة الأجنبية، والاستمرار في السيطرة على السوق السوداء للدولار.
وكان الدولار قد سجل خلال الأشهر الماضية نحو أكثر من 70 جنيها مصريا، قبل أن تنجح الحكومة في القضاء على السوق السوداء، واقتصرت التعاملات على البنوك الرسمية ومكاتب الصرافة، وأصبح هناك سعر وحيد للدولار يخضع للعرض والطلب، حيث تراوح السعر بين 46 و48 جنيها، وهو اليوم مستقر عند 37.10 جنيه للدولار الواحد.
وفيما يخص توافر النقد الأجنبي، فقد أعلن البنك المركزي المصري في مايو/أيار، زيادة صافي الاحتياطيات الدولية إلى 41.057 مليار دولار أمريكي في نهاية أبريل/نيسان من 40.361 مليار دولار في مارس/آذار.
وأدى نقص في العملة الأجنبية بعد الأزمة الأوكرانية إلى نزوح استثمارات أجنبية من البلاد مما دفع الحكومة إلى طلب دعم من صندوق النقد الدولي الذي وافق في مارس/آذار على حزمة بثمانية مليارات دولار، ووافقت مصر في إطار الحزمة على خفض الإنفاق على المشروعات الحكومية الكبيرة.
من ضمن التحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة في مصر زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ تستهدف مصر استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 30 مليار دولار في السنة المالية 2024-2025 التي تبدأ في الأول من يوليو/تموز.
قال عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع وليد جاب الله، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن التضخم هو المشكلة الأكبر للمواطن المصري، لذا فإنه على رأس الملفات التي تنتظر الحكومة المقبلة، بجانب إعادة هيكلة الديون والتعامل مع المؤسسات المالية الدولية، يليها قضايا أخرى مثل البطالة ومستوى المعيشة.
في مايو/أيار قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر إن معدل البطالة في البلاد تراجع إلى 6.7% خلال الربع الأول من العام الجاري بانخفاض 0.2% عن الربع السابق.
وكشفت بيانات من البنك المركزي المصري في مايو/أيار أن الدين الخارجي للبلاد ارتفع 3.5 مليار دولار في الشهور الثلاثة المنتهية في ديسمبر/ كانون الأول، حيث ارتفع إجمالي الدين الخارجي إلى 168 مليار دولار من 164.5 مليار دولار في نهاية سبتمبر/أيلول ومن 162.9 مليار دولار في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022.
وأضاف جاب الله أن انخفاض أسعار السلع الأساسية سيجعل المواطن أكثر تفهماً وصبراً على الحكومة في مواجهة بقية المشكلات، والمجموعة الاقتصادية تحتاج إلى وجوه جديدة قادرة على المناورة في ظل الظروف العالمية الصعبة والمشكلات الحالية.
وذكر رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية الدكتور خالد الشافعي، لـ"العين الإخبارية"، أن أزمة ارتفاع أسعار السلع هي الأكثر تأثيراً في الشارع المصري، إذ تجاوزت هذه الزيادات قدرة المواطن العادي على التحمل في ظل تدني الأجور.
وفي فبراير/شباط الماضي، رفعت مصر الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، ووجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي برفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهريا.
ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بتنفيذ أكبر حزمة اجتماعية عاجلة للحماية الاجتماعية، بقيمة 180 مليار جنيه، اعتباراً من الأول من مارس/آذار 2024، وتمت زيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، بحد أدنى يتراوح بين 1000 و1200 جنيه بحسب الدرجة الوظيفية (1000 جنيه للدرجات من السادسة إلى الرابعة، و1100 جنيه للدرجات من الثالثة للأولى، و1200 جنيه للدرجات من مدير عام إلى وكيل أول وزارة).
وتابع الشافعي أن المجموعة الاقتصادية القادمة في الحكومة يجب ألا تقتصر على وضع القرارات والقوانين، بل العمل على ضمان تنفيذها بالتنسيق مع المصنعين والتجار، وفرض السيطرة على الأسواق، وإطلاق المبادرات التي تُظهر اهتمام الحكومة بمطالب المواطنين ومشاكلهم.
وأكد أن الاقتصاد يحتاج إلى عقلية تحوله إلى منتج لتوفير العملة الصعبة، بجانب الاهتمام بملفي الصناعة والزراعة، بتقليل فاتورة الاستيراد، وزيادة الصادرات المصرية للوصول إلى هدف الـ100 مليار دولار.
وارتفعت الصادرات السلعية خلال الربع الأول من العام الجاري إلى 9.621 مليار دولار مقابل 9.129 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي بنمو 5.3%، وفقا لبيانات وزارة التجارة والصناعة المصرية
قال الخبير الاقتصادي، عز الدين حسانين، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الحكومة المستقيلة واجهت عدة تحديات خلال فترة توليها، على رأسها جائحة كورونا، والتوترات الجيوسياسية مثل الحرب الأوكرانية وحرب غزة، سلاسل الإمداد وسعر الصرف، وخدمة الدين للقروض، ما أثقل كاهل الاقتصاد المصري.
وحقق الاقتصاد المصري نموا بنسبة 5.6% بنهاية 2019، وكانت الحكومة المصرية تتوقع أن يصل إلى 6% بنهاية 2022، لكن جائحة كوفيد-19، حالت دون ذلك.
ووفقا لبيان وزارة التخطيط المصرية استطاع الاقتصاد المصري الحفاظ على معدل نمو إيجابي خلال الربع الثاني من العام المالي 2021-2020، حيث سجل نموا بنسبة 2%.
وأضاف حسانين، أن الحكومة حاولت مواجهة هذه التحديات عبر إطلاق عدد من المبادرات لتخفيف الأزمة الاقتصادية، مثل المبادرات السياحية و"ابدأ" للصناعة، بجانب مبادرات التشغيل في الجهاز المصرفي للتيسير على المصنعين المتعثرين وتوفير التمويل، وافتتاح عدد كبير من المشروعات، كان للقطاع الخاص نصيب جيد منها، فضلًا عن صفقة رأس الحكمة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وقال الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، لـ"العين الإخبارية"، إن الحكومة عانت بسبب الزيادة السكانية، حيث ارتفع تعداد الشعب المصري خلال السبع السنوات الأخيرة بنحو 14 مليون نسمة، وهو ما يستلزم توفير تعليم وصحة وإسكان وفرص عمل لهم، ما يمثل تحديا في غاية الصعوبة.
وأضاف بدرة أنه رغم التحديات التي واجهت الحكومة، إلا أنها أنجزت مشروعات تضمن استمرارية مسار التنمية خلال السنوات المقبلة، من خلال توظيف التكنولوجيا، وبناء الطرق والمدن وغيره.
وأشاد بدرة بالإنجازات المحققة من مشروع قناة السويس الجديدة، وإنشاء 30 مدينة جديدة، من بينها العاصمة الإدارية الجديدة، بجانب المتحف المصري الكبير و32 متحفًا خلال 6 سنوات، مع تحقيق زيادة بنسبة 14% في حجم العمران، وهو رقم كبير مقارنة بـ7% عام 2014.
aXA6IDMuMTQ1LjgxLjI1MiA= جزيرة ام اند امز