بالصور.. فتاة مصرية تنتصر على جمال الوجه بـ"الروح الحلوة"
فتاة مصرية تتحدى سخرية وازدراء الناس لشكلها بنشر فيديو يتجاوز 2 مليون مشاهدة صار بعده لقبها "أم روح حلوة"
"وبعض الأنام كبعض الشجر.. جميل القوام شحيح الثمر".. أبيات من ذهب لشعر أبو العتاهية يوضح بها أنه ليس كل جميل المنظر يُرجى منه الخير، وليس كل متواضع الشكل ميؤوسا منه.
"حالتي تلك ليست إعاقة، أستطيع أن أقوم بكل شيء يقوم به الإنسان الطبيعي، ومن ثم فما بي هو اختلاف نسبي في الشكل أو شكل مميز".. بتلك الكلمات وصفت إسراء أحمد هيئتها من ضمور في إحدى عينيها؛ ما يجعلها ترى بعين واحدة، وأصابع 8 غير مكتملة النمو في يديها، الأمر الذي دفع بعض الأصوات القاصرة إلى السخرية من شكلها، وعرضَّهَا إلى الكثير من المضايقات، فلجأت إلى الانطواء في بيتها، فحجبت وجهها من صورها الشخصية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، ثم كان قرارها في النهاية بعدم الانعزال عن الناس؛ لا على أرض الواقع، ولا في العالم الافتراضي.
كان ذلك عبر فيديو نشرته تتحدث فيه عن المضايقات التي تتعرض لها، وإلى أي مدى هي عازمة على مواجهة تلك السخرية، ولا ترى بنفسها أي نقيصة أو عيب، وفي حال أفضل كثيرًا من غيرها.
عزلة
تقول إسراء، لبوابة "العين" الإخبارية، عن شكلها عند ولادتها: إن "هيئتي تلك تحسنت كثيرًا عما كنت عليه عندما كنت طفلة، فقد خضعتُ لـ10 عمليات جراحية، أولها بعد ولادتي بـ10 أيام".
وتضيف الفتاة المصرية "كانت عيني المضمورة تلك مفتوحة متصلة بفتحة أنفي، وكانت أصابع يداي بها كرات دهنية. ومع شكلي وهيئتي تلك أبت كل المدارس أن تقبلني لتحصيل العلم". وكأن شكلها هي من كونته أو على الأقل اختارته، أو ربما أرادوا أن يضيفوا على بلاء الشكل سواد العقل".
تكمل إسراء مشيرة إلى أن كل محاولات والديها لإلحاقها بالمدرسة باءت بالفشل، قائلة: "في النهاية اهتديت إلى تقديم أوراقي في أحد معاهد الأزهر.. وتم ذلك بالفعل وكان التحاقي بالابتدائية الأزهرية، ولكن عن طريق المحسوبية".
تصمت إسراء برهة لتقول -وقد علت وجهها لمسة حزن-: "كانت حياتي في الطفولة أشبه بالجحيم، كانت زميلاتي بالصف يصرخن لمجرد رؤيتي، كن يخفن من شكلي، يتساءلن ويتغامزن لماذا هي بهذا المنظر القبيح، الأمر الذي أثار تساؤلا في نفسي لماذا أنا مختلفة عنهن!".
تتابع إسراء: "مرت السنوات الـ4 الأولي من الابتدائية وأنا في حالة شبه عزلة، حتى استطعت فيما بعد أن أهزم الأمر رويدا رويدا وأكون صداقات واختلط بزميلاتي، وهكذا بدأن يتعودن عليّ وعلى منظري".
ورغم أن العمليات الجراحية الـ10 أسهمت كثيرًا في تحسن الشكل، إلا أنها لم تسلم من المضايقات والسخرية والازدراء في الشارع وفي كل مكان تذهب إليه، وكأن الناس اتفقوا على كونها شخصا غير مرغوب في رؤيته، وتسرد إسراء ذلك بالقول: "إذا سرت في الطريق سمعت سخرية بعض الشبان، وعلامات التعجب من بعض الفتيات، والصريخ من الأطفال، ومحاولات التضامن الجارح من الكبار في السن".
وتتساءل الفتاة التي بلغت الـ20 هذا العام: "ماذا عليّ أن أفعل؟ هل ألجا للاعتكاف ببيتي فلا أخرج منه؟! هل أستسلم أم أواجه الناس لأقول لهم إنني مثلكم؟ إن اختلف شكلي قليلًا.. ثم إن لي مشاعر تتألم من طريقتكم تلك ومن أسلوبكم هذا".
مفترق طرق
وتشير إسراء إلى أن والدتها كانت من أوائل الناس الذين ملؤوها بالطاقة الإيجابية، ما جعلها تقاوم بعض سخرية الناس، حتى حدث أثر في حياتها، ترويه إسراء: "كنت في نادٍ لذوي الاحتياجات الخاصة ذات يوم، فرأيت شخصا يجلس على كرسي متحرك لا يستطيع فراقه، وآخر كفيف البصر لا يسير إلا بِمُعَاون، وكلاهما ذوا وجه جميل، فقلت في قرارة نفسي إنني أفضل من غيري: أسير على قدمي، وأرى حتى إن كان بعين واحدة".
وتتابع الفتاة ذات التعليم الأزهري: "ومن ثم استقر في قلبي الرضا وزاد بالحمد والشكر لله، وعزمت على عدم شكوى حالي وهيئتي، واستمر ذلك العهد يُطبّقَه قلبي بالشكر والعرفان، حتى يوم كنت فيه خارج البيت، فكانت السخرية والمضايقات وعلامات التعجب والنفور، فتمنيت في تلك اللحظة لو كل شخص عمل بقول النبي (ص): "من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". فشكلي ومنظري لا يعني الناس في شيء، لا يقدمهم ولن يؤخرهم، لذا فليتجهوا لما يقدم حياتهم خير من التدخل في شؤوني!".
رسالة
وتكمل إسراء: "عدت إلى البيت أحمل على كاهلي عبئًا ثقيلا لم أتخفف منه إلا بحديثي لأمي وأختي عما كان في مشواري، وطلبت من أختي أن تسجل لي مقطع فيديو بالصوت والصورة ألفظ فيه ما بداخلي، واستجابت أختي لطلبي، وتم الفيديو على أكمل وجه، رسالته الأساسية أن أقول للناس إنني لست أقل منكم.. فأنا أسمع وأرى وأتكلم وأحس!".
وبصوت مليءؤه فخر واعتزاز تقول: "بلغت مشاهدات الفيديو الكثير حتى وصل إلى 2 مليون مشاهدة، لم أتوقع أن يكترث لحالي كل هذا العدد، وكانت كل التعليقات متضامنة معي ومُعجبة بشجاعتي واعتزازي بنفسي".
وتتابع: " لفت نظري في إحدى التعليقات تعليق لشاب كان من هؤلاء الذين تندروا مني يقول لي: (أنا آسف.. أنا من الذين أزعجوكِ بسخريتي.. لم أكُن أقصد مضايقتك)، فكان ذلك انتصارًا عظيمًا لرسالتي".
وتضيف بابتسامة عريضة: "جاءني تعليق آخر من إحدى الفتيات اسمتني فيه (أم روح حلوة)، وقالت لي ينبغي أن تُسمي صفحتك على (الفيس بوك) بهذا الاسم لأنكِ تستحقيه.. ومن هنا أتاني ذلك اللقب".
وتناولت بعض وسائل الإعلام المحلية قصة إسراء، وكافأها بعض المشاهير مثل الفنان محمد صبحي الذي لبي طلبها بمقابلتها، وحدَّثها الفنان أحمد السقا هاتفيًا.
علاوة على ذلك، أهدي الفنان طارق بدر أغنية له تشجيعًا وتضامنًا لإسراء باسم (أنا البنت أم روح حلوة) والتي تقول في كلماتها: أنا البنت اللي مبتزعلش.. أنا الضحكة اللي متكشرش.. ولا بشكلي.. ولا بصوتي.. ولا بجسمي هتحرجني.. أنا بسامح.. أنا بسامح.. وقلبي أبيض مابيشلش.. أنا البنت أم روح حلوة".
وبناءً عليه، تشير "أم روح حلوة" قائلة: "أحسست أن رسالتي قد لاقت آذانا صاغية، وشعرت أن أوزارًا وأثقالًا قد نفضت عن كاهلي، فما أقبح ظلم الإنسان لأخيه الإنسان!".