محمد بدر.. شاب مصري يكسر احتكار الألمان لرئاسة كلية الإعلام بميونخ
الدكتور محمد السيد بدر يروي لـ "العين الإخبارية" رحلته المهنية من على شاطيء الأسكندرية إلى أن أصبح أول مصري يرأس كلية الإعلام بميونخ.
على شاطيء مدينة الأسكندرية نشأ شاب مصري وسط عائلة تهتم بالجوانب الثقافية واللغات، وبداخل مدرسة كان لها تأثيرًا إيجابيًا ضخمًا على حياته الشخصية والمهنية، وبعد 39 سنة من ميلاده حقق هذا الشاب إنجازًا بأن أصبح أول مصري يتقلد منصب رئيس كلية الإعلام بجامعة مايكروميديا للفنون التطبيقية بمدينة ميونخ الألمانية.
- بالفيديو.. ترزي مصري يحصل على 7 مؤهلات عليا ومتوسطة ويصبح حديث العالم
- المصري أسامة محمد على.. أول طبيب عربي يزاول المهنة في طوكيو
الدكتور محمد السيد بدر.. اسم تداولته الوسائل الإعلامية المصرية بعد تفوقه على 17 أستاذًا ألمانيًا في منافسة شرسة مكنته من الفوز بمنصب رئيس كلية الإعلام بجامعة مايكروميديا للفنون التطبيقية بمدينة ميونخ الألمانية، وعبر الهاتف تحدث "بدر" لـ"العين الإخبارية" عن حياته وكيف ساعده برنامجه الانتخابي على الوصول للمنصب، كما يمنح بعض النصائح للراغبين في الانتقال إلى ألمانيا.
نشأ بدر في كنف الموسيقى والقراءة والصالونات الثقافية، ولم يكن للفنون فقط دورًا فيما وصل إليه، يقول: "حب اللغات كان عاملًا أساسيًا، كنت متقنًا للإنجليزية والإيطالية والفرنسية في مرحلة مبكرة من الطفولة".
وعلى خلاف ما يعتقده البعض بأن حياة المرء الجامعية هي التي تحدد مستقبله، فإن بدر أثبت خطأ هذا الاعتقاد، فقد تخرج في كلية التجارة شعبة اللغة الإنجليزية في جامعة الأسكندرية، وكانت بداية مسيرته المهنية مختلفة بالكامل عما هو عليه الآن، إذ التحق بالعمل في مجال البنوك والبترول في البداية.
ولأن للطفولة أثرًا مهمًا على حياة الإنسان فكانت نشأة بدر وسط عالم ثقافي فرصة أن يكون ملحقًا في الأكاديمية المصرية للفنون بروما – التابعة للسفارة المصرية هناك، وكانت هذه الفرصة المفتاح الذي أجاب على سؤال بدر: "أنا احب مجال الإعلام وأرغب في دراسته.. ولكن ما الوسيلة المناسبة لذلك؟.. وكانت الإجابة داخل "جامعة لاسابينزا" الإيطالية أحد أعرق الجامعات في العالم.
عندما بدأ بدر عمله في روما قرر أن يبدأ في دراسة الإعلام داخل كلية الإعلام– في الجامعة الإيطالية - المعروفة على مستوى العالم، وبالفعل بدأ في الدراسة، يقول: "خلال 9 سنوات أنهيت دراستي وحصلت على الماجستير والدكتوراة في 2010".
وكان للأكاديمية المصرية للفنون بروما بصمة بارزة في حياة بدر، إذ بدأ مسيرته بداخلها بالعمل ملحقًا ثم ملحقًا ثقافيًا ثم وكيلا للأكاديمية، ولحسن حظه رشحته جامعة لاسبينزا لمنحة مكنته من الانتقال من روما إلى ميونخ.
"ألمانيا هي التي اختارتني.. وأنا أحببتها.. لا أجد سلبية واحدة يمكن أن أقولها عن هذه البلد.. شعب يقدس العمل ويحترمونه.. ويقدرون المجهود".. بهذه الكلمات يصف بدر الدولة التي يعيش على أرضها منذ نحو 17 عامًا نجح خلالها في التدرج الوظيفي السريع إذ درس إدارة الإعلام ثم عيّن أستاذًا مساعدًا ثم حصل على الاستاذية ثم رئاسة أحد الأقسام بالكلية إلى أن أصبح رئيسًا لكلية الإعلام.
ساعات طويلة ومرهقة يعملها بدر يوميًا لينجح في الإيفاء بكل الالتزامات الواقعة على كاهله، فبعد أن بدأ العمل في الجامعة، التحق بالعمل مدير تطوير أعمال في رويترز للاستشارات كما أنه عضو في مجلس إدارات 4 شركات حتى الآن.
وفي الجامعة الألمانية يكون اختيار رئيس الكلية عن طريق الانتخاب، ولكن "التوافق على الشخص" يجب أن تكون الصفة المميزة له، يقول بدر: "أهم شيء التوافق على الشخص.. يجب أن يحوز هذا الشخص على قبول كبير جدًا في البيئة المحيطة"، موضحًا أن المنصب يمتد لأربع سنوات ومؤكدًا "سأترشح مجددًا ومجددًا".
بدر ليس المصري الوحيد الذي يتولى هذا المنصب، بل هو الشخص "الوحيد غير الألماني في الجامعة بأكملها"، ورغم ذلك يقول إنه لم يواجه أي صعوبات بيروقراطية عندما بدأ حياته في ألمانيا، وأن التحدي الوحيد الذي واجهه كان "اللغة الألمانية وأهمية أن أتعلمها سريعًا".
بدأ بدر دراسة اللغة الألمانية في ميونخ، وخاصة أن إتقان الفرد لها في المجال الأكاديمي أمر ضروري للغاية، ولكن بدر يصفها بقوله: "اللغة الألمانية ليست سهلة ولكنها منطقية".
ومن بين 17 أستاذًا ألمانيًا آخرًا تنافسوا على منصب رئاسة الكلية، كان لبرنامج بدر الانتخابي التأثير الأقوى إذ صب تركيزه على "الطالب" وكيفية تأهيله للخروج إلى سوق العمل وتعرفه على ثقافات ودراسات دول العالم المختلفة، ليصبح بتوليه المنصب من بين عدة مصريين حققوا إنجازات رائعة خارج بلادهم مثل العالم المصري الراحل أحمد زويل والسير جراح القلب المصري مجدي يعقوب.
يحصل الطلاب خلال فترة رئاسة بدر على امتيازات عديدة، منها إمكانية "التعامل مع الشركات" وهو حصول الطالب على ما يسمى Internship Semester أي فصل دراسي كامل داخل شركة قبل التخرج؛ وذلك "كي يكون متخصصًا أكثر ومستوعبا لكل النواحي المهنية في تخصصه عن طريق التدريب العملي".
وإلى جانب ذلك سيمنح برنامجه الانتخابي الطلاب فرصة "التعامل مع جامعات أجنبية من جميع العالم"، ولكي يتخرج الطالب ينبغي أن يدرس فصلًا دراسيًا في الجامعات الشريكة لجامعة مايكروميديا وهو ما يسمى Semester Abroad، فهناك شركات للجامعة مع جامعات دولية في دول متعددة مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وفضلًا عن ذلك، فالطالب بالكلية يقدم سنويًا مشروعًا إعلاميًا فإذا حاز هذا المشروع على قبول لدى الشركات المختلفة في ألمانيا يمكنه الدخول في شراكة مع هذه الشركات عبر برنامج Intrapreneurship.
"أن يؤمن بالتخصص وأن يكون متجه لتخصص يعرفه وواضح له".. هذه هي النصيحة التي يوجهها بدر لأي شخص يرغب في الإقامة بألمانيا، فالشعب الألماني يقدر التخصص، كما يقول بدر إنه لا ينبغي على الفرد القدوم لدراسة اللغة الألمانية هناك وإنما "يأتي لتطبيق اللغة أو استكمالها لأن اللغة عامل مهم جدًا.. لذلك يمكنه أن يدرس حتى مستوى C1 في بلده"، وهذا المستوى هو المستوى قبل الأخير لإتقان اللغة الألمانية.
ووفقًا للقانون، يجب على رئيس الكلية ألا يتوقف عن التدريس، ويقول بدر إنه يدّرس للطلاب 15 ساعة في الأسبوع، ولكن ليس إجبار القانون هو الذي يدفع بدر المتخصص في الإعلام التجاري الدولي لذلك فقط بل حبه للمهنة في ذاتها "لا أستطيع العيش بدون تدريس فهو حياتي.. من الممكن أن أترك رئاسة الكلية ولكن المهم أن أدّرس هذا أهم شيء بالنسبة لي.. التدريس مهنة في غاية السمو.. وأحب التعامل مع طلبة مختلفين".
أما عن ردود أفعال العائلة والطلاب على الإنجاز الفريد الذي حققه بدر، فيقول البرفيسور إنهم كانوا في غاية السعادة وإنه كان يعتقد أن وصوله إلى هذا المنصب شيء عادي "ولكن فوجيء بسيل التهنئة "وعلى الجانب الحكومي هنأتني وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم عبيد بعد إعلان النتيجة بساعتين".
وفي النهاية يقول بدر: "أشكر الله فهو مسبب الأسباب.. وسعيد جدًا بوجودي في ألمانيا والعمل مع الشعب الألماني.. وسعيد بهذه الجدية في كل شيء على المستوى الشخصي والعملي ونقاء العلاقات وأن تقييم العمل يكون مبنيًا على نواحي مهنية بحتة".
aXA6IDMuMTQ1LjM5LjE3NiA= جزيرة ام اند امز