مصر تفند ادعاءات "فورين بوليسي" بشأن الوضع الاقتصادي
"فورين بوليسي" نشرت مقالة تضمنت العديد من البيانات الخاطئة وغير الصحيحة عن الاقتصاد المصري
قالت الدكتورة جيهان صالح، مستشارة رئيس الوزراء المصري للشؤون الاقتصادية، إن برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر الذي أطلق في عام 2016 كان محاولة شجاعة كانت البلاد في أمس الحاجة إليه.
وأضافت أن البرنامج أعده فريق اقتصادي محلي، ووافقت عليه القيادة السياسية، وأيدته المؤسسات المرموقة دوليا مثل صندوق النقد الدولي.
وأشارت إلى أن البرنامج يهدف إلى تحقيق تحول كبير في مؤشرات الأداء الرئيسية الاقتصادية في مصر، بهدف نهائي هو رفع مستوى المعيشة المصرية بناء على أسس متينة ودائمة.
وأكدت في مقال بعنوان "بالعودة إلى 2013: نعم الاقتصاد المصري يتحسن بشكل جوهري"، أنه بداية من عام 2018 شرعت أهداف البرنامج تتحقق مع تحسن اقتصادي واضح كخطوة أولية وأساسية نحو الهدف النهائي للبرنامج، هذا التحسن حظي بتأييد العديد من المؤسسات الاقتصادية والمالية، وألقى بوضوح نظرة إيجابية على تصنيفات الاقتصاد (رفع وكالات التصنيف الائتماني للتقييمات عدة مرات)، بالإضافة إلى تقييمات صندوق النقد الدولي الإيجابية المتتالية (الإفراج السلس وفي الوقت المحدد عن دفعات شرائح قرض صندوق النقد الدولي دليل قوي على ذلك)، والعديد من المؤسسات الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية الأخرى.
وأكدت "للأسف.. المد الإيجابي يصطدم دائما بالصخور، ولكن فقط ليصبح أقوى".
وجاء المقال تكذيبا من الدكتورة جيهان صالح لمقال يحيى حامد وزير الاستثمار في عهد جماعة الإخوان الإرهابية، والذي نشر الجمعة بمجلة فورين بوليسي، وردا على ما به من افتراءات وتضليل.
وأضافت مستشارة رئيس الوزراء المصري "مؤخرا؛ نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالة تضمنت العديد من البيانات الخاطئة وغير الصحيحة، وبدأت تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، للأسف.. المقال أعمته بشدة الآراء السياسية الشخصية التي اجتاحت المؤلف وحاولت بدورها إخفاء وتشويه الحقائق والأرقام التي نشرتها الكيانات الدولية، وقد تفاقم هذا الأمر بسبب الإهمال في معالجة المقال الذي لا يليق إلى حد كبير بفريق "فورين بوليسي" المحترف".
وأضافت: "وفقا لذلك، ولضمان الموضوعية في تقييم الأداء الاقتصادي مقارنة بعام 2013، يوجد أدناه مقارنة بسيطة من 8 نقاط بين الوضع الاقتصادي لمصر في الفترة بين عامي 2012/2013، والوضع الاقتصادي الحالي للفترة بين عامي 2018/2019.
نسب النمو
نما الاقتصاد المصري بنسبة 2.1% خلال الفترة 2011-2013، وهو معدل أقل من معدل النمو السكاني ما دفع متوسط حصة المواطن في النمو إلى الانخفاض.
وفي 2018/2019، بلغ معدل النمو في مصر 5.6% وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة التخطيط المصرية، فضلا عن تقديرات صندوق النقد الدولي المحدثة، مع تزايد متوسط حصة المواطن من النمو بنسبة 2.2%، وهذا يجعل مصر واحدة من أقوى وأفضل الدول أداء في مجال النمو في المنطقة وبين مختلف البلدان الناشئة.
هذا الأداء القوي للنمو أشارت إليه جميع وكالات التصنيف مثل "موديز" و"ستاندرد آند بورز"، وكذلك المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي وصندوق النقد الدولي. ربما كل هذه المؤسسات المهنية مخطئة، وكاتب مقال "فورين بوليسي" محق؟
البطالة
وفقا للهيئة الإحصائية الرسمية في مصر (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء)، بلغ معدل البطالة في المتوسط 12.7% في 2011-2013 قبل اتباع مسار هبوطي ثابت على مدى السنوات الأربع الماضية ليصل إلى 8.1% في مارس/آذار 2019.
توفير المزيد من فرص العمل للشباب والشعب المصري تعد أهم معيار فيما إذا كانت رواية النمو الحالية تستفيد منها قطاعات أوسع من السكان أم لا، وبالتالي، ليس فقط النمو يرتفع في مصر، ولكنه يمكّن المزيد من الناس من العثور على وظائف.
المالية العامة
من المؤكد أن المالية العامة في مصر اليوم في وضع أفضل وأكثر قوة مما كانت عليه في عام 2013.
ووفقًا لآخر التقديرات الصادرة عن وزارة المالية المصرية وصندوق النقد الدولي، فإن العجز الكلي في مصر (النفقات الحكومية مخصوما منها الإيرادات) سينخفض إلى 8.4%. من الناتج المحلي الإجمالي في 2018/19 مقارنة مع 13% من الناتج المحلي الإجمالي في 2012/2013.
بكلمات بسيطة، ستكون فاتورة الإنفاق الحكومي أعلى من الإيرادات التي جمعتها الحكومة بنسبة 8.4% من الدخل القومي لمصر (الاسم المستخدم غالبا هو الناتج المحلي الإجمالي) بعد أن بلغت هذا الفاتورة ذروتها عند 13% من دخل مصر في 2012/2013.
تحقيق فائض أساسي
الأهم من ذلك، أن وزارة المالية المصرية تبعد شهرا واحدا من الإعلان الرسمي عن تحقيق فائض أساسي هذا العام (2018/2019) لأول مرة منذ 15 عاما.
والفائض الأساسي يعني أن إيرادات الحكومة الحالية ستتجاوز إنفاقها دون دفع فوائد.
يعكس هذا المؤشر المعياري والمهم السياسات الحالية التي تتبناها الحكومة على مدار العام دون النظر في فاتورة سداد الفوائد، لأنه يعكس رصيد الدين الحكومي الذي تراكم على مدار السنوات بسبب السياسات المتعاقبة للحكومات السابقة.
للتأكيد مجددا، مصر على المسار الصحيح لتحقيق فائض أولي بقيمة 2% من إجمالي الناتج المحلي مقابل عجز أساسي بقيمة 5% من إجمالي الناتج المحلي في 2012/2013.
هذا يعني أن سياسات الحكومة الحالية التي تم تبنيها مكنت الحكومة المصرية من تحقيق فوائض بعد سنوات من العجز الذي بلغ ذروته في 2012/2013 (عندما كان الطرف المؤلف لمقال فورين بوليسي هو المسؤول).
تحسين الخدمات
تمكنت الحكومة المصرية الحالية من تحقيق هذه الفوائض على الرغم من أنها ضاعفت 3 مرات الإنفاق على الاستثمارات على مدار السنوات الأربع الماضية، لتحسين قاعدة البنية التحتية، وتحسين الخدمات الأساسية لجميع السكان، بما في ذلك توافر وموثوقية إمدادات الكهرباء، إلى جانب تحسين نوعية محطات الكهرباء الحالية والشبكات.
كما أنفقت الحكومة مليارات الدولارات لتوسيع شبكة الطرق وجودتها لتحسين الاتصال عبر المحافظات وخفض حوادث الطرق والوفيات بشكل كبير.
كما موّلت الحكومة واحدة من أكبر الحملات العالمية التي فحصت السكان بالكامل البالغ عددهم 100 مليون نسمة لكشف الإصابة بفيروس سي والأمراض الخطيرة الأخرى، وفي الوقت نفسه قدمت علاجا مجانيا فوريا لجميع المرضى.
في الوقت نفسه، تمول الحكومة واحدة من أكبر برامج الإسكان الاجتماعي على مستوى العالم، مع ما يقرب من 700 ألف وحدة يجري تسليمها في 4 سنوات.
شبكات الأمان الاجتماعي
تجدر الإشارة أيضا إلى أن الحكومة حققت فائضا أساسيا على الرغم من زيادة الإنفاق على البرامج الاجتماعية وعلى شبكات الأمان الاجتماعي.
على سبيل المثال لا الحصر، زادت مخصصات الميزانية لدعم الغذاء إلى 87 مليار جنيه في 2018/1919 من 35 مليار جنيه في 2013/2014.
زادت مخصصات الميزانية السنوية لمعالجة المواطنين نيابة عن الحكومة، ويشمل ذلك زيادة تغطية فاتورة تأمينهم الصحي إلى 9 مليارات جنيه في 2018/19، بعد أن كانت تزيد قليلاً عن مليار جنيه في 2013/2014.
بلغت مخصصات الميزانية لتمويل برامج التحويلات النقدية (التكافل والكرامة) 17.5 مليار جنيه في عام 2018/19 مقابل أقل من 5 مليارات جنيه في 2013/2014.
تراجع الديون
بالنسبة للديون، يجب الإشارة إلى أن إجمالي الدين الحكومي لمصر (المحلي والخارجي) سيصل إلى 91% من إجمالي الناتج المحلي في يونيو/حزيران الجاري بعد أن بلغ ذروته عند 107% في يونيو/حزيران 2017 (بعد تخفيض قيمة العملة) وبعد أن وصل إلى 90% في يونيو/حزيران 2014.
تمت مراجعة هذه الأرقام الرسمية وتأكيدها من قبل العديد من المؤسسات المستقلة والمهنية الدولية والمحلية. هذا يعني أن السياسات الحكومية الحالية مكنت مصر من خفض إجمالي ديونها (المحلية والخارجية) بنسبة 16% من الناتج المحلي الإجمالي في غضون عامين فقط، ما يجعل الحكومة المصرية واحدة من أفضل الدول أداء من حيث قدرتها على خفض مستويات الدين نسبة إلى الدخل القومي للبلد، الذي يعرف باسم الناتج المحلي الإجمالي.
هذا لا يعني أن مستوى الدين الحالي ليس مرتفعا، وهذا هو السبب في أن الحكومة نشرت رسميا أهدافها متوسطة الأجل لزيادة خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 80% في يونيو/حزيران 2022.
الاحتياطي النقدي
وفقا للبنك المركزي المصري، يبلغ صافي الاحتياطيات النقد الأجنبي اليوم 44 مليار دولار أمريكي (ما يسمح لمصر بوجود احتياطي يمكنه تمويل فاتورة واردات مصر لأكثر من 8.5 أشهر) مقابل 14.9 مليار دولار في يونيو 2013.
وحدث ذلك بعد أن انخفض عجز الحساب الجاري في مصر (مجموع الميزان التجاري للسلع والخدمات في مصر، بالإضافة إلى الأموال التي تم تحويلها من قبل المصريين المقيمين في الخارج إلى الوطن) من ذروة بلغت نحو 5% من إجمالي الناتج المحلي في 2012/2013 إلى ما يقرب من 2.5% من إجمالي الناتج المحلي في 2018/2019.
وقالت الدكتورة جيهان صالح، مستشارة رئيس الوزراء المصري للشؤون الاقتصادية، في خاتمة مقالها "أداء مصر الاقتصادي ومؤشراته الأساسية يتحسن بشكل ملحوظ بفضل الإصلاحات والسياسات المتبناة، ما يجعل الاقتصاد يقف على قاعدة أقوى مقارنة بما كان عليه في عام 2013، هذه القصة لحدوث تحول اقتصادي، قصة ساهم فيها جميع المصريين ومن ثم ينبغي أن يحصل جميع المصريين على المقابل".