جامعات مصر والتصنيفات العالمية.. معايير ودلالات (خاص)
قبل يومين، أعلن وزير التعليم العالي في مصر إدراج 14 جامعة في التصنيف البريطاني "QS" لعام 2023، لتحتل مصر صدارة التصنيف أفريقيًا.
ويرتب التصنيف البريطاني "Quacquarelli Symonds" أفضل 1500 جامعة على مستوى العالم، وتمثل 14 جامعة مصر من بين 32 جامعة أفريقية هذا العام.
وجاءت جامعة القاهرة الحكومية في المرتبة "551 - 560"، وقال المتحدث باسم وزارة التعليم العالي، عادل عبدالغفار، إن التصنيف يؤشر على ارتقاء منظومة التعليم الجامعي في مصر.
وأوضح المتحدث أن تصنيف "QS" العالمي يعتمد على العديد من المعايير منها: "السمعة الأكاديمية، البحث الأكاديمي، نسبة الأساتذة إلى الطلبة، نسبة الأساتذة الدوليين، نسبة الطلبة الأجانب".
وأرجع المتحدث تقدم الجامعات المصرية في التصنيف إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، مثل الدعم الفني للجامعات، والتدريب على النشر الدولي، وتحفيز الباحثين للنشر في المجلات الدولية المرموقة وغيرها.
وفي الأوساط الأكاديمية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، دار نقاش حول وضع الجامعات المصرية في التصنيفات العالمية، وبينما رأى البعض أن تصنيف مصر يأتي متأخرًا، اعتبر البعض الآخر أن هذه التصنيفات "غير موضوعية".
"ليست المحك الرئيسي"
يرى الخبير الأكاديمي المصري الدكتور حسام النحاس أن التصنيفات العالمية للجامعات تختلف من واحد إلى آخر، تبعًا لمعايير التصنيف، فبعض التصنيفات تركز على عدد الأبحاث العلمية، والبعض الآخر يركز على عدد الطلاب ونسبتهم إلى أعضاء هيئة التدريس.
ويقول النحاس لـ"العين الإخبارية": "المعيار الحقيقي في رأيي هو القدرة على تخريج طالب على مستوى عال من التعليم الأكاديمي والقدرة على البحث العلمي".
ويرى النحاس أن بعض التصنيفات العالمية تحتكم إلى عدد الطلاب في الجامعات، وهذا المعيار لا ينصف الجامعات الحكومية في مصر، التي تستقبل أعدادًا هائلة، معتبرًا أن "التصنيفات ومعاييرها ليست المحك الرئيسي"، داعيًا إلى ضرورة الارتقاء بأوضاع الجامعات الحكومية.
ويشير إلى ضرورة الاهتمام بالناحية العلمية في الكليات العملية والنظرية، والارتقاء بجودة البيئة التعليمية الجامعية من حيث توافر الأدوات والإمكانات داخل الكليات، وتدريب أعضاء هيئة التدريس ليكونوا مؤهلين على أحدث ما وصل إليه العلم في تخصصه.
ويدعو كذلك إلى ضرورة الاهتمام بجودة الطالب، لأنه المخرج النهائي من عملية التعليم الجامعي، بالإضافة إلى ربط سوق العمل بالتعليم، مضيفًا: "هناك فجوة كبيرة بين سوق العمل والدراسة بالجامعات"، مشيدًا باتجاه الحكومة نحو إنشاء الجامعات التكنولوجية والتطبيقية.
ويعتبر النحاس أن التحدي الحقيقي لوزارة التعليم العالي يتمثل في إعادة الطالب إلى المدرج الجامعي: "عودة الطالب إلى المدرج والحرم الجامعي ضرورة ملحة، وهناك نسبة غياب كبيرة داخل الكليات والمكان الطبيعي للطالب هو الدرج".
"لا تؤشر على جودة التعليم"
من جهته، يرى الخبير التعليمي الدكتور عادل النجدي أن مؤشرات التصنيفات العالمية للجامعات لا تدلل دائمًا على جودة العملية التعليمية، موضحًا أن بعض التصنيفات يركز على معيار الاستدامة، والبعض الآخر يهتم بالبحث العلمي.
ويقول النجدي لـ"العين الإخبارية": "التعليم العالي في مصر شهد تطورًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، بإنشاء الجامعات الأهلية الجديدة التي تقدم تعليمًا مميزًا وخبرات أكاديمية عالمية وبرامج غير تقليدية، بالإضافة إلى أن الجامعات التكنولوجية والخاصة، وتنوع الجامعات مؤشر جيد للتعليم الجامعي في مصر".
ويشير إلى زيادة إقبال الطلاب الأجانب لاستكمال الدراسة في مصر بفضل هذه الجامعات الجديدة، داعيًا إلى ضرورة الاهتمام بمحتوى برامج التعليم في الجامعات الحكومية.
ويعتبر أن برامج هذه الجامعات معظمها لا يواكب التطور العالمي في مناهج وبرامج التعليم، كما دعا إلى استحداث كليات جديدة.
"معايير غير موضوعية"
أما الأكاديمي المصري الدكتور صفوت العالم فيرى أن متابعة هذه التصنيفات وتطوير أداء التعليم الجامعي أمر جيد باعتبارها "مظاهر عامة تعطي مؤشرات بشكل أو بآخر لمدى جودة التعليم الجامعي في مصر"، مؤكدًا في الوقت نفسه أن "معايير التصنيفات العالمية للجامعات ليست موضوعية وغير دقيقة في معظمها".
ويقول "العالم" لـ"العين الإخبارية": "النشر الدولي معيار يحتكم إليه التصنيف، مع أنه جهد باحثين وأساتذة، ومَن ينشر بحثه في مجلة عالمية أو دورية مشهورة لا يسهم بالضرورة في تطوير التعليم، كما أن عدد الطلاب بالجامعات المصرية يعد عائقًا أمام رفع مستوى التعليم، وبعض الكليات تستقبل 60 ألف طالب في الفرقة الواحدة".
ويضيف: "عدد الرسائل التي تصدرها الجامعة وعدد باحثي الماجستير والدكتوراه لا يعد مؤشرا لجودة التعليم، فبعض الرسائل تبدأ وتنتهي ضمن علاقات مصالح، كما أن معيار ميزانية الجامعة بالدولار ونصيب الطالب من الميزانية لا ينصف الجامعات المصرية، وهذه المعايير تجعل المقاييس غير دقيقة وغير موضوعية".
aXA6IDMuMTQxLjcuMTY1IA== جزيرة ام اند امز