في ذكرى ميلادها.. رضوى عاشور "أيقونة" الدفاع عن المقهورين
الكاتبة المصرية رضوى عاشور ارتبطت بالتنظيمات التي دعت لمواجهة التطبيع مع إسرائيل وكانت من بين مؤسسي لجنة الدفاع عن الثقافة القومية.
تمر، الأحد، ذكرى ميلاد الكاتبة المصرية رضوى عاشور التي وُلدت في مثل هذا اليوم من عام 1946، وتحولت بفضل مسيرتها من مجرد كاتبة وأستاذة جامعية متميزة إلى "أيقونة" من أيقونات التغيير في مصر، وفي سنواتها الأخيرة حظيت بشهرة في أوساط الشباب تجاوزت معها ما حققته طوال سنوات حياتها التي كانت كلها حافلة بالنضال والانحياز لأصوات المهمشين.
ولا أحد يملك تفسيرا لهذه الشهرة التي جاءت عقب صدور روايتها الفاتنة "ثلاثية غرناطة" التي قدمتها لجمهور جديد لم يكن في الدوائر التقليدية لقرائها الذين حصروا تلقي أعمالها في المساحات التي يخلقها عادة كتاب "الالتزام السياسي".
وتكشف تعليقات الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي المخصصة للقراءة ومنها "جود ريدز" عن مكانة كبيرة تمتعت بها الكاتبة الراحلة التي احتفل موقع "جوجل" بميلادها العام الماضي.
ولسنوات طويلة كانت أعمال رضوى عاشور تقرأ وسط مبدعي جيل الستينيات وظلت صورتها تحظى باحترام كبير زاد منه دورها النضالي سواء داخل الجامعة المصرية أو خارجها، حيث كانت من أوائل الأصوات التي دافعت عن استقلال الجامعة المصرية في مواجهة جميع أشكال التدخل السياسي، كما ارتبطت بالتنظيمات التي دعت لمواجهة كل أشكال التطبيع مع إسرائيل وكانت من بين مؤسسي لجنة الدفاع عن الثقافة القومية.
وفي عام 1977، نشرت عاشور أول أعمالها النقدية "الطريق إلى الخيمة الأخرى" حول التجربة الأدبية لغسان كنفاني، وهي دراسة تشكّل مفتاحاً لفهم مدى التصاق عاشور بالقضية الفلسطينية، والذي تجذر مع زواجها بالشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي الذي كان يدرس معها في جامعة القاهرة منتصف الستينيات.
وعبر رسالتها للدكتوراه، راهنت رضوى عاشور باكرا على التعريف بالأدب الأفريقي في إطار نظريات ما بعد الاستعمار، وسعت إلى توجيه تلاميذها لدراسة الأصوات المهمشة في الأدب الأفريقي ودراسات رواية "ما بعد الاستعمار" انحيازاً لبلاغة المقموعين التي تهيمن بوضوح على عملها الرئيسي في "ثلاثية غرناطة" و"الطنطورية" المتقطعة مع مجاز مفهوم الشتات.
وتكاد تكون رضوى عاشور الصوت النسائي الأبرز وربما الوحيد في سياق ظاهرة إبداعية متكاملة اسمها جيل الستينيات في مصر، وهو جيل له مكانته الرمزية التي كان عليها أن تواصل سعيها لتأكيد حضورها وسط أبناء جيلها الذين تنوعت بفضلهم طرائق السرد وموضوعات الكتابة، حيث من الصعب الجمع بين ما يكتبه جمال الغيطاني ومحمد البساطي ومحمد مستجاب أو إبراهيم أصلان ويحيى الطاهر عبدالله وصنع الله إبراهيم إلا تحت لافتة الانتماء للمشروع الذي جاءت ثورة يوليو/تموز 1952 للتبشير به.
وهو المشروع الذي عرف تحولات كثيرة دفع أثمانها العديد من كتاب هذا الجيل الذي كان مؤرقا بفكرة الالتزام رغم جميع محاولات التمرد عليها.
وفي سياق السعي لتأكيد هذه الفكرة والتمرد عليها جاءت كتابات رضوى عاشور الأولى المستندة إلى نبرة السيرة الذاتية كما في كتابها "الرحلة" الذي يسجل يومياتها في الدراسة بأمريكا 1983، والذي أتبعته بإصدار 3 روايات وهي "حجر دافئ"، و"خديجة وسوسن وسراج" والمجموعة القصصية "رأيت النخل" سنة 1989.
وظل تلقي هذه الأعمال محدودا رغم جودتها الفنية، ولم تعرف عاشور طريقا للجمهور العادي إلا مع نشر روايتها "ثلاثية غرناطة" التي نالت عام 1994 جائزة أفضل رواية من معرض القاهرة للكتاب.
ويكشف كتابها الأخير "أثقل من رضوى" جوانب كثيرة من خبرة تعاملها مع الشباب، بالإضافة إلى أنه يؤرخ محنة مرضها الأخير، قبل رحيلها في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014.
وفي مناسبة ذكراها الـ5، أعلن زوجها الشاعر مريد البرغوثي أنه أنهى بمساعدة نجلها تميم جمع مقالات الراحلة في الأدب والنقد والسياسة والتعليم، ومن المقرر نشرها قريبا عن "دار الشروق" بالقاهرة، تحت عنوان "لكل المقهورين أجنحة".
aXA6IDE4LjExNi45MC41NyA= جزيرة ام اند امز