"ورد النيل" يهدد بحيرات إثيوبيا واقتصادها
نبتة ورد النيل تصيب البحيرات الكبيرة في إثيوبيا بصورة متسارعة، ما أثر على الثروة السمكية في البلاد وانعكس على الجوانب الاقتصادية.
تجمع دولة إثيوبيا العدد الأكبر من البحيرات العذبة في قارة أفريقيا، لذا يعتمد عليها السكان في العديد من مناحي الحياة، إلا أنها مؤخراً تشهد تهديدا بيئيا كبيراً يتمثل في انتشار نبات ورد الماء "النيل" (Eichhornia).
تشكلت البحيرات بفعل النشاط البركاني قديما في الهضبة الإثيوبية، لذا يقع أكثرها بالقرب من الأخدود الأفريقي العظيم، وبالقرب من المدن الكبيرة، ويعتمد عليها السكان بصورة كبيرة في الصيد والري والشرب، كذلك تجمع أنواعاً مختلفة من الحيوانات والكائنات، إلى جانب كونها عنصراً أساسيا في عوامل الجذب السياحي.
مهدد بيئي
خلال العامين الماضيين تعرض عدد من تلك البحيرات للعديد من العوامل البيئة المختلفة، وعلى الرغم من أن الحكومة تبذل جهودا كبيرة لحمايتها، من برامج توعوية ونشرات عن أهمية المياه وعوائدها السياحية والبيئية، فإن بعض البحيرات ما زال يواجه أعمالا غير قانونية من تجريف وتلويث من آن لآخر.
ورد النيل أكبر المهددات
يعتبر ورد النيل أكبر المهددات البيئة التي بدأت تصيب العديد من البحيرات الكبيرة في إثيوبيا، وقبل عامين واجهت بحيرة تانا في إقليم أمهرا شمالي إثيوبيا، انتشارا كبيراً وبصورة متسارعة لنبتة ورد النيل على وسط البحيرة ما أدي لقلة الأسماك، والذي انعكس بدوره على الجوانب الاقتصادية للصيادين.
ويتكاثر نبات ورد النيل بسرعة في المياه العذبة فيعمل على سد الطرق الملاحية وإعاقة عمليات الري وتقليل تدفق المياه واستنزاف الأكسجين، مما يتسبب في اختناق الكائنات المائية، الأمر الذي ينعكس سلبيا على الاقتصاد وتوليد الطاقة والثروة السمكية للبلاد.
جهود حكومية
قدمت الحكومية الإثيوبية جهودا كبيرة خلال العامين الماضيين لمحاربة ورد النيل (الماء)، وشاركت فيه كل من الجامعات الإثيوبية المختلفة علي رأسها جامعة بحردار التي أفردت قسما داخل الجامعة للقيام بالدراسات اللازمة للتصدي لورد النيل.
وأوضحت البيانات الحديثة التي قدمتها الحكومة الإثيوبية أن "بحيرة تانا" موبوءة بدرجة كبيرة، مما يضع التنوع البيولوجي المائي في خطر شديد، وفي عام 2014 اكتشف باحثون من إثيوبيا أن نحو ثلث ساحل بحيرة تانا، أي ما يقدر بنحو 128 كيلومتراً تم غزوها بواسطة ورد الماء.
وفي غضون عامين فقط تضاعفت التغطية المقدرة للأعشاب من 20 ألفاً إلى 40 ألف هكتار، وبحسب تصريحات لخبراء المياه في إثيوبيا فإن الأعشاب تغطي ما مساحته 50 ألف هكتار من بحيرة تانا التي تغذي نهر النيل بنسبة 86% تقريبا من مياهه.
كارثة بيئية
تعرضت بحيرة أبايا في مقاطعة "قام جوفا" بجنوب إثيوبيا ثاني أكبر البحيرات الطبيعية في البلاد، لكارثة بيئية وهي انتشار كثيف لنبتة ورد النيل، حيث غطت نحو 570 فدانا من البحيرة، وتتزايد المساحة من وقت لآخر، الشيء الذي أصبح هاجسا يؤرق السلطات في إقليم شعوب جنوب إثيوبيا.
وتبلغ مساحة بحيرة أبايا 1162 كيلومترا مربعا، ويغذيها عدة أنهار وبحيرات صغيرة منها بحيرة "تشامو" ونهر "بيلات"، وتوجد بالقرب منها مدينة "أربا منتش" ثاني أهم مدينة في جنوب إثيوبيا، ويوجد حولها عدد كبير من المنتجعات مثل "هيلي رزورت "و"بقلي مولا "، والعديد من الفنادق الكبرى.
وتعمل جامعة "أربا منتش" بجنوب إثيوبيا، بجهود متضافرة للتصدي لهذه الظاهرة، التي بدأت تقلل من كمية المياه في البحيرة، وتحاول الجامعة إشراك المواطنين من وقت لآخر لتنظيف سطح البحيرة من ورد النيل.
ويقول الدكتور دامطو دادا، رئيس جامعة "أربا منتش"، إنهم يتعاونون مع المواطنين والحكومة للتصدي لورد النيل والحفاظ على البحيرة التي تعد من أبرز المزارات السياحية في المنطقة، وتشكل أهم مصدر اقتصادي للمواطنين.
وبنفس القدر تعرَّضت بحيرة "زواي"، واحدة من أهم البحيرات الطبيعية في إثيوبيا، لانخفاض كبير في منسوب المياه، ما أدّى إلى تراجع إنتاجها من الأسماك التي كانت قبل 4 سنوات تنتج ما يتراوح بين 4 و 6 آلاف طن من الأسماك، بينما تنتج حالياً أقل من طن واحد، في دليل واضح على التأثير السلبي لورد النيل، الذي شكل عبئا ثقيلا على المواطنين ووقف عائقا أمام حرفة الصيد التي يمتهنها أغلب سكان المدينة.
وأرجع الدكتور لما أبرا، مدير معهد البحوث الزراعية لإقليم أوروميا الإثيوبي سبب انخفاض منسوب مياه بحيرة زواي إلى نبتة انتشار "ورد النيل" في الأعوام الـ4 الأخيرة، مضيفاً: "بات ورد الماء (النيل) خطراً على البحيرة والتنوّع البيئي فيها".
وأدى ورد الماء لأن ينخفض منسوب المياه في بحيرة زواي، بصورة كبيرة خلال الأعوام الأخيرة، وأصبح عمقها 4 أمتار بدلاً من 12 متراً.
وشهد عدد كبير من بحيرات إثيوبيا تراجعا في نسبة المياه بها، ومنها ما قارب على الاختفاء مثل "بحيرة هارومايا" التي تعرضت للجفاف بسبب تغير المناخ، وخلال الأعوام الماضية قُدّم العديد من الأبحاث والدراسات الخاصة بحماية البحيرات والأنهار في البلاد، ويجري العديد من المؤسسات الدولية والجامعات الإثيوبية ومراكز البحوث، برامج مختلفة لمعرفة الأسباب التي أدت لاختفاء العديد من البحيرات ومعالجة المشاكل البيئية التي تواجه موارد المياه، المتمثلة في البحيرات، والتي يعتبرها البعض المصدر الرئيسي للمياه في القارة الأفريقية مستقبلا.
aXA6IDUyLjE0LjIwOS4xMDAg جزيرة ام اند امز