بالصور.. "انكوبر" العاصمة الأولى لإثيوبيا مزار سياحي فريد
"انكوبر" كانت عاصمة لمملكة "شوا" الإثيوبية في شمال إثيوبيا، ومقر إقامة الإمبراطور "منليك الثاني" مؤسس إثيوبيا الحديثة
"انكوبر" العاصمة القديمة لإثيوبيا في القرن الـ19 تحولت إلى مزار سياحي فقط بعد أن فقدت مكانتها التجارية لصالح العاصمة الجديدة أديس أبابا، التي ربطت إثيوبيا بميناء جيبوتي بخط القطار الجديد.
هذه القرية المنسية حاليا تقريبا كانت واحدة من أهم مراكز السلطة في إثيوبيا، وعاصمة لمملكة "شوا" الإثيوبية في شمال إثيوبيا، ومقر إقامة الإمبراطور "منليك الثاني" مؤسس إثيوبيا الحديثة.
و"انكوبر" كان عدد سكانها 5 آلاف نسمة في نهاية القرن التاسع عشر ووصل حتى 15 ألف نسمة.
وتقع انكوبر على بعد 40 كيلومترا إلى الشرق من مدينة "دبر برهان"، في الطريق المؤدي شمالا من أديس أبابا إلى إقليم الأمهرا، ونحو 140 كم شمال شرق أديس أبابا وتقع أعلى المرتفعات الشمالية لإثيوبيا.
وأصبحت مدينة "انكوبر" في السنوات الأخيرة أحد معالم الجذب السياحي، وتعتبر إحدى الوجهات لقضاء عطلة نهاية الأسبوع للأشخاص للذين يعيشون في أديس أبابا.
وتم بناء فندق تقليدي صغير حول قصر الإمبراطور منيليك القديم، الذي تم ترميمه وتحويله إلى غرفة طعام واسعة، في حين تنتشر غرف النوم في منازل فردية صغيرة حول القصر.
ويقع الفندق فوق قمة تلة شديدة الانحدار، على ارتفاع نحو 2800 متر فوق مستوى سطح البحر، ويستفيد من إطلالاته المذهلة "360 درجة" على الوادي المتصدع.
ولم يتبقَ الكثير من العديد من آثار المدينة التاريخية سوى بعض الآثار التي تشمل المباني القديمة لمملكة "شوا" في شمال إثيوبيا، مثل كنيسة القديس مخيائيل والتي بناها الأمير "سهلي سلاسي" لقصر الإمبراطور "منليك الثاني"، على موقع قصر والده، وهي عبارة عن جدار طويل من الأحجار وموقع لوضع مدافع الهاون يبلغ ارتفاعه نحو 1.5 متر.
في عهد الإمبراطور "منليك الثاني" في ثمانينيات القرن التاسع عشر، لم يكن الوصول إلى المكان سهلا، فكانت الوسيلة الوحيدة الموجودة هي الخيل أو البغال.
وفي الطريق إلى المدينة التاريخية تشاهد أجمل المناظر الطبيعية في بعض المناطق، خاصة مناظر الهضبة المرتفعة، ويمر الطريق الضيق ببعض حقول القمح والحنطة الذهبية المحاطة بالقرى.
وما بين القرى التقليدية والطرق الحديثة تشاهد أعمدة الكهرباء الخشبية تمتد على طول القرى، لا تزال الزراعة تمارس بطرق تقليدية كثيفة العمالة، فالأطفال يرعون قطعانا صغيرة من الماعز أو الأغنام، وتستخدم الحمير في نقل البضائع والمواد الثقيلة.
وما زال الناس ينسجون المواد التي يحتاجون إليها لصنع الملابس، بالإضافة لطحن الحبوب بالطرق التقليدية لإعداد الطعام، لكن بالمقارنة مع المناطق الأخرى في إثيوبيا تبدو هذه المنطقة أكثر خصوبة.
والسكان المحليون قادرون على الزراعة لعدة مواسم دون أن يشعروا بنقص في الغذاء، كما أنهم يزرعون القهوة والخضراوات على مساحات صغيرة، خارج منازلهم بالإضافة لتربية الماشية.
وانكوبر كانت تعتبر من أهم الملتقيات التجارية، حيث كان يحضر إليها تجار قادمين عبر البحر الأحمر، لشراء البن والزيوت والقهوة بالإضافة لتجار الأسلحة الذين كانوا يفدون من مختلف الأنحاء لبيع الأسلحة للأباطرة والملوك الإثيوبيين، وكذلك التجار الأوربيون.
وكان بها أشهر سوق في القرن التاسع عشر، وهو ليوم واحد في الأسبوع واشتهر باسم "سوق السبت"، ويباع فيه كل شيء وكان الجميع يحرص على القدوم لسوق مدينة انكوبر، ومنهم المبشرون وكبار التجار والرحالة أمثال الفرنسي "أرثر رامبو"، والكابتن "ويليام كورنواليس هاريس" والذين وصفوا المدينة عبر كتاباتهم لجولاتهم المختلفة، خاصة حال المدينة التي كانت أغلب مساكن المواطنين فيها من القش والأخشاب.
وتعرضت المدينة لعدة هجمات عقب وفاة الأمير "ساهلي سلاسي" في عام 1847، عقب تمرد بعض أبناء المناطق المجاورة لها، ولكن الأسلحة النارية التي تم جمعها من قبل الأمير "سيلاسي" هي التي أنقذت العاصمة، وكذلك أحرقت مرة من قبل بعض القيادات في عملية تمرد في عام 1856، وما زالت معالمها باقية تحكي عن عظمة أقدم عاصمة لإثيوبيا.
بعد أن نجح منليك الثاني في الجمع بين المناطق الجنوبية وأسس إثيوبيا الكبري، نقل عاصمته إلى أديس أبابا في الجنوب عند سفح جبل "إنطوطو"، والذي كان مقرا لأول قصر له في أديس أبابا، وسماها أديس أبابا أي "الزهرة الجديدة".
وكانت زوجته الإمبراطورة طايتو حريصة بشكل خاص على المكان، بسبب ينابيعها الحرارية الساخنة الصحية، وكان الموقع الجديد أكثر مركزية وأكثر ملاءمة، ومكانا أفضل لتطوير خط القطار الجديد الذي يربط إثيوبيا بميناء جيبوتي.
كنتيجة لخط القطار الجديد لم تعد انكوبر جزءا من الطريق التجاري وتم نسيانها ببطء، إلى أن تم إحياؤها مؤخرا كموقع أثري لا يزوره إلا بعض المهتمين.