عيد الأضحى بالخرطوم.. زخم السلام "ينقي" أجواء السودان
اختفت غيوم المشهد السوداني وصار صافياً في صبيحة عيد الأضحى، بفضل نسائم الوفاق السياسي والسلام المجتمعي التي تعم البلاد.
بثيابهم ناصعة البياض "الجلابية والعمامة" زيّن السودانيون الساحات العامة وفناءات المساجد وهم يؤدون صلاة عيد الأضحى ويتبادلون التهاني والتبريكات، وسط دعوات وابتهالات ببزوغ فجرٍ جديد في بلادهم.
وبخلاف ما اعتاد عليه السودان من جراحات تعكر أجواءه في مثل هذه المناسبات، حل عيد الأضحى هذا العام والبلاد تمضي بخطى ثابتة نحو الاستقرار إثر سريان اتفاق جوبا، فضلاً عن إبرام معاهدات قبلية مهدت للصلح المجتمعي.
وسيطر زخم السلام على معايدات السودانيين هذا اليوم، التي سادتها دعوات التسامح والوفاق كسبيل لتجاوز التحديات السياسية والاقتصادية التي تحيط ببلادهم.
دعوات الاصطفاف، دعا إليها رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، حيث حثّ مواطني بلاده على الوحدة ونبذ الجهوية والعنصرية، وإعلاء مصلحة الوطن على المصالح الحزبية الضيقة.
وشدد خلال كلمة وجهها للأمة السودانية بمناسبة عيد الأضحى المبارك، الثلاثاء، على أن التحديات والمخاطر التي تحيط بالبلاد ستزيدهم إصرارا على المضي قدما لتحقيق أهداف الثورة.
وعلى ذات المنحى، تخلل بيانات صحفية أصدرتها قوى سياسية ومجتمعية، دعوات للاصطفاف الوطني والتسامح ونبذ العنف الذي طالما سيطر على البلاد لعدة عقود مضت.
ورغم عظمة التحديات والأزمات التي تعيشها البلاد، يسود تفاؤل كبير وسط السودانيين بغدٍ مُشرق تشهد فيه البلاد رخاء معيشي واستقرار سياسي وأمني مستدام.
وأعرب السوداني فضل المولى محمد، عن سعادته البالغة بعيد الأضحى المبارك، واصفا إياه بأنه "استثنائي" في البلاد حيث يمر في توقيت تشهد فيه بلاده حالة من الهدوء والاستقرار وحقن للدماء بخلاف الأعياد الماضية.
وقال فضل المولى، وهو مهندس زراعي، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إنه" يحق لنا أن نفرح بهذا العيد ونتبادل التهاني، فكثير من البشريات سبقت قدوم هذه المناسبة والتي تنبئ باستقرار سياسي ورخاء معيشي خاصة اعفاء جزء من الدين الخارجي".
وأضاف أنه "عيدُ مختلفُ هذه المرة، لقد خفت الأحزان وتوقف القتل وشلالات الدم التي نأمل ألا تتكرر مطلقاً، حان لنا أن ننعم بالأمن والاستقرار والرخاء، فجمع المعطيات تبشر بذلك".
وقبل أيام من حلول عيد الأضحى المبارك، توافقت قوى الثورة السودانية، "الحرية والتغيير، والجبهة الثورية، وحزب الأمة القومي" على قيادة موحدة للائتلاف الحاكم، استجابة لمبادرة أطلقها رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك.
كما قادت السلطة الانتقالية مشاورات مع مكونات شرق السودان أفضت إلى تفاهمات خففت التوترات بالمنطقة بعدما كادت أن تنزلق إلى فتنة قبلية وحرب ضارية.
بينما شهدت بعض ولايات دارفور وكردفان، مصالحات اجتماعية أسهمت في وقف توترات قبلية دامية، لتغلق أكبر المنافذ التي كانت تثير الأحزان وتفسد فرحة الأعياد في البلاد.
وفي مقابل ذلك، قدمت دول مجموعة نادي باريس ما تم وصفه بـ"أعظم عيدية" للسودانيين، بعد أن أسقطت 14.1 مليار دولار أمريكي من ديونها على الخرطوم وهيكلة المتبقي وهو مقدر بنحو 9 مليارات دولار.
تطورات إيجابية أسهمت في مجملها في إعطاء العيد نكهة مختلفة، حسبما يراه إبراهيم مختار، الذي لا يستطيع إخفاء فرحته البالغة بهذه المناسبة الدينية المباركة هذا العام.
ويقول مختار لـ"العين الإخبارية"، إنه: "لقد فقدنا أعزاء لنا خلال الفترة الماضية مما جعلنا نتأسى بعض الشيء، ولكن التقدم الملحوظ في مسيرة السلام والاستقرار واختفاء مظاهر التفلت والنهب، يجعلنا نبتهج ونسعد".
وأضاف: "لا يعلم طعم الأمن والاستقرار إلا الذين اكتووا بنيران الحرب والتفلت، وما يتخللها من قتل ودمار وتشريد، فما نعيشه اليوم بحق أمر مختلف يدعو للاحتفاء".