أنواع الأضاحي وأعمارها.. اختلاف المذاهب يفتح باب التيسير
مع اقتراب عيد الأضحى وموسم الأضاحي يكثر سؤال المسلمين عن أنواع الحيوانات التي يفضل ذبحها تقربا إلى الله والأعمار التي يفضل التضحية بها.
والأضحية سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهي مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية والإجماع.
ويستدل على مشروعية الأضحية في القرآن الكريم لقوله تعالى: «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» [سورة الكوثر]. وقال القرطبي في "تفسيره" (20/ 218): "أَيْ: أَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْكَ"، كَذَا رَوَاهُ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
أيضا في السنة المحمدية ما يثبت مشروعية الأضحية، إذ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه فمن ذلك: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا)) متفق عليه. وأجمع المسلمون على مشروعية الأُضْحِيَّة.
أفضل أنواع الأضاحي
تعد الأضحية إحدى الشعائر الإسلامية التي يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل، ولا بد أن تقدم الأضحية من الأنعام ويبدأ ذبحها من أول أيام عيد الأضحى حتى آخر أيام التشريق.
واختلف الفقهاء في نوع الأنعام الأفضل للأضحية إلى 3 أقوال، أرجحها قول المالكية إن الأفضل الغنم (الضأن)، ثم الإبل، ثم البقر.
واستشهد المالكية بحديث أنس رضي الله عنه قال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ، وَأَنَا أُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ" رواه الشيخان، وفي قول أنس رضي الله عنه: "كان يضحي" ما يدل على المداومة.
وقال الخرشي: الضأن بإطلاقه: ذكوره وإناثه وفحوله وخصيانه، أفضل في الأُضْحِيَّة من المعز بإطلاقه، ثم إن المعز بإطلاقه أفضل من الإبل ومن البقر بإطلاقهما.
أما أقوال باقي المذاهب فيما يخص الأفضل في الأُضْحِيَّة من أنواع الأنعام كان كالتالي:
قول الشافعية والحنابلة والظاهرية وبعض المالكية
رأت هذه المذاهب الإسلامية أن أفضل الأضاحي هي البدنة ثم البقرة ثم الشاة، إذ قال الإمام الشافعي: "والإبل أحب إلي أن يضحي بها من البقر، والبقر أحب إلي أن يضحي بها من الغنم، وكل ما غلا من الغنم كان أحب إلي مما رخص، وكل ما طاب لحمه كان أحب إلي مما يخبث لحمه، والضأن أحب إلي من المعز".
قول الحنفية
رأى المذهب الحنفي أن أفضل الأضاحي ما كان أكثر لحمًا وأطيب، فالشاة أفضل من سبع البقرة، فإن كان سبع البقرة أكثر لحما فهو أفضل.
لكن يظل القول الراجح في هذه المسألة هو قول المالكية في أن الأفضل في الأُضْحِيَّة الغنم ثم الإبل ثم البقر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالكباش من الغنم.
وثبت ذلك في أحاديث منها:
- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ في سَوَادٍ وَيَبْرُكُ في سَوَادٍ وَيَنْظُرُ في سَوَادٍ فَأُتِىَ بِهِ لِيُضَحِّي بِهِ ..» أخرجه مسلم في صحيحه.
- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ عِيدٍ بِكَبْشَيْنِ فَقَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: «إني وَجَّهْتُ وَجْهِىَ للذي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ» أخرجه ابن ماجه في سننه.
- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّي اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلاَغِ وَذَبَحَ الآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» أخرجه ابن ماجه في سننه.
عمر الأضحية
يجب أن تبلغ الأضحية السن الذي حددته الشريعة الإسلامية، لكن الأئمة اختلفوا فيما بينهم عند تحديد السن المشترط في الأضحية، كالتالي:
الجذع من الضأن:
ما أتم 6 أشهر عند الحنفية والحنابلة، أما عند المالكية والشافعية فهو ما أتم سنة.
المسنة (الثني) من المعز:
ما أتم سنة عند الحنفية والمالكية والحنابلة، وعند الشافعية ما أتم سنتين.
المسنة من البقر:
ما أتم سنتين عند الحنفية والشافعية والحنابلة، وعند المالكية ما أتم 3 سنوات.
المسنة من الإبل:
ما أتم 5 سنوات عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
ووفقا للشريعة الإسلامية، يشترط في الإبل أن تكمل الخمس سنوات فصاعدا، والأبقار فيشترط أن تكمل سنتين فصاعدا، أما الماعز فيجب أن تكمل سنة واحدة وتدخل في الثانية، وفي الضأن أن تتم ستة أشهر وأن تدخل في الشهر السابع.