حكم ترك الأضحية مع القدرة.. سُنّة مؤكدة عند جمهور الفقهاء
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تثار التساؤلات حول أحكام الأضحية، وآدابها، وسننها، ومنها: حكم ترك الأضحية مع القدرة، وهل يأثم من تركها؟
تعتبر الأضحية سنة مؤكدة يأتيها المسلم المقتدر، ويُعفى عنها غير القادر، كما أنها واحدة من الشعائر التي يُستحب الإقدام عليها، لما تحققه من تكافل اجتماعي وتعزيز للتعاون والعطاء، ولكن إذا ترك مسلم مقتدر هذه السُنة، فما رأي الفقهاء والعلماء؟
حكم الأضحية
اوضح دار الإفتاء المصرية أن الأضحية سُنة شرعها الله إحياءً لذكرى سيدنا إبراهيم عليه السلام، وتتوافق مع الاحتفال بعيد الأضحى، وهدفها التوسعة على الناس في أيام العيد التق قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إنها أيام أكلٍ وشربٍ، وذكر الله".
ويُستحب أن يأتي الأضحية المسلم المقتدر، اقتداءً بنبي الله صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما.
يعود ثواب الأضحية على المسلمين جميعا ولها عظيم الأجر، فقال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سُنة أبيكم إبراهيم"، قالوا: ما لنا منها؟ قال: "بكل شعرة حسنة" قالوا: يا رسول الله فالصوف؟ ؟ قال: "بكل شعرة من الصوف حسنة"؟
وتكون الأضحية من الإبل والبقر والغنم، والضأن بعمر نصف سنة أو أكثر، والغنم بعمر سنة، والبقر بعمر سنتين، والإبل بعمر خمس سنوات.
ما حكم ترك الأضحية مع القدرة
رد مجمع البحوث الإسلامية على سؤال: "رجل فقير لا يستطيع أن يضحي فهل يأثم بترك الأضحية؟ وآخر موسر ولكنه لا يضحي فهل يأثم بترك الأضحية؟"، وقال إن "الفقهاء اختلفوا في حكم الأضحية بين الوجوب والندب".
وأضاف: "القول الأول ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ ، وَهُوَ أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ مَالِكٍ ، وَإِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إِلَى أَنَّ الأُضْحِيَّةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَبِلالٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٍ وَعَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ".
وتابع: "القول الثاني ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ على الموسر، وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ".
وأكد مجمع البحوث الإسلامية أن "المفتى به أن الأضحية سنة مؤكدة، إلا إذا ألزم نفسه بها عن طريق النذر فتكون واجبة في حقه".
وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية للمُقتدر عليها سُنّة مؤكّدة ويُكره له تركها، وخالفهم في ذلك الحنفيّة الذّين يرون أنّها واجبة للمُقتدر على شرائها، ويتّضح بذلك أنّ القدرة أو الاستطاعة شرط للأضحية عند من يقول بوجوبها أو سُنّيتها، ولا يجوز للمقتدر تركها، كما أنَّها لا تُطلب ممّن عجز عنها، ودليل العلماء في ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنْ وَجَد سَعَةً فلم يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنا).