الحلويات والشوكولاتة عشية العيد في غزة.. رفاهية بعيدة المنال
الفلسطينيون في غزة يعانون الغلاء عشية الاحتفال بعيد الفطر، والتجار يطالبون بتخفيض الضرائب بسبب ركود السوق.
يسابق الفلسطينيون في قطاع غزة الخطى لإعداد ما بوسعهم لرسم ابتسامة على وجوه الأطفال في عيد الفطر، بعد شهر من الصيام لم يخلو من ارتفاع درجة الحرارة، سواء بسبب حالة الطقس أو الحرائق التي كانت تندلع عند حدود القطاع مع الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال مواجهات أسبوعية مع قوات الاحتلال.
وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، تكاد الكماليات كالحلويات تسقط من قوائم المشتريات لتحصيل الضروريات أو المتاح منها؛ فالعيد هذا العام يأتي بظل تعقيدات تخفيض رواتب الموظفين في التشغيل الحكومي والتقاعدي، وقطع رواتب بعض الموظفين، وغياب الحلول الممكنة على المدى القريب.
"العين الإخبارية" تجولت في سوق خانيونس المركزي، مسلطة الضوء على باعة الحلويات والشوكولاتة لمعرفة مدى إقبال المشترين لها قبل ساعات من عيد الفطر السعيد.
كساد بعين واحدة وخسائر بأجنحة
يقول ياسر أبو ستة، وهو شاب في أواخر العشرين من عمره، إن السوق هذا العام يكاد يكون الأسوأ بالنسبة للحلويات؛ لأن الناس في ضائقة مالية صعبة، ولولا المساعدات الخارجية وقسائم الشراء المقدمة من المانحين والجمعيات لكان الأمر أكثر تعقيدا. ويضيف: "بخصوص الحلويات من ملبس وشوكولاتة وبسكويت وخلافه، الوضع بحالة كساد شبه تام، وقل ما يسأل الناس عنها، وهذا الكساد يتسبب بخسائر كبيرة للتجار سواء الكبار منهم أم باعة المفرق، ومثل هذه الأيام يكون الإقبال مقبولا على الحلويات والمسليات والشوكولاتة بكل أصنافها، وبالمقارنة نحن في كساد واضح، ولا خير في هذا الموسم، إلا إذا حصلت معجزة قبل ساعات من دخول العيد، وهذا لن يحصل".
الضرائب رأس الخسائر
ويناشد أبو ستة الجهات المعنية بجني الضرائب على الحلويات والشوكولاتة أن تدرس السوق جيدا، "قبل أن تفرض عليهم الضرائب؛ لأنهم ضحايا واقع اقتصادي متردٍّ ويزداد ترديا، بالإضافة إلى أن هذا النوع من السلع معرض للتلف بشكل سريع، وقلة بيعها تعني فسادها، وتحميل التجار الخسارة؛ لأنه لا يوجد لها تعويض من أي نوع".
لذا يطالب البائع أبو ستة عبر "العين الإخبارية" بتجاوز جني الضرائب على الحلويات والمسليات في موسم العيد، لتخفيض أثمانها، وتحصيل تكاليف استيرادها من الأسواق الخارجية، وإلا فإنها ستتحول إلى مكبات النفايات ولن يستفيد منها لا المواطن العادي ولا التجار، ووحدها الجهات التي تجني الضرائب تستفيد من هذا الوضع المعقد على حد قوله.
عمل يشبه البطالة
أما حسن وادي، وهو شاب ينتظر أيام ما قبل العيد ليعمل في بيع الحلويات لصالح أحد التجار مقابل أجرة يومية مقترنة بنسبة البيع، يقول لـ"العين الإخبارية": "وضع البيع غير جيد، كأنني أنادي في صحراء، لا يمر يوما بدون محاولات مستميتة لبيع ما يمكن بيعه من الحلويات والمسليات، فالسوق (كما ترى) مشلول تماما، وبعد 8 ساعات من الوقوف خلف البضاعة لم أحصل على ما يشجعني على مطالبة صاحب الحلويات بالأجرة، وغالبا ما يخجل مني فيضع بيدي بضعة شواكل (العملة المتداولة في قطاع غزة)، وهذا الموسم من أسوأ المواسم التي عملت فيها؛ لأن الناس بصراحة تنصرف لشراء الضروريات، ويستغنون عن الحلويات باعتبارها من الكماليات بظل الأوضاع الصعبة، وأمنيتي أن تحدث انفراجة لكي أشعر بأنني حصلت على أجرة تعادل ما أبذله من جهد، ولا أقول غير الحمد لله على كل شيء".
أعباء تزداد مع القروض
رافي الحلو، الذي اقترض مبلغا من أحد البنوك وفق مشاريع تشغيل الشباب التي تنفذها وزارة العمل للشباب العاطلين عن العمل والخريجين الجامعيين، يؤكد أن اختياره شراء الحلويات والمسليات لبيعها قبل أيام العيد، كان خطأ كبيرا، ولكنه وقع ضحية أحد الذين أشاروا عليه ببيع الحلويات والشوكولاتة.
ووفق شهادته على نفسه في البيع يقول لـ"العين الإخبارية": "يبدو أننا في قطاع غزة ضحايا الحظ السيئ، وأغلب الشباب بات يفضل البقاء في البيت على السعي ودخول مشاريع تزيد من أوضاعهم تعاسة، لأن العمل أصبح عبئا إضافيا والتجارة كاسدة تماما، ولا نحصل من جهودنا سوى المزيد من التعب والملاحقات المالية وتسديد القروض والديون، لأن الوضع العام في قطاع غزة كارثي، ولولا المساعدات الخارجية لانكشف ستر الناس وجاعوا أكثر من جوعهم الخفي الذي تتستر عليه عفة الغالبية، لا أقول إلا إننا في وضع لا يطاق وكل ما أفكر فيه الآن كيف لي أن أبيع ولو بنصف الثمن لكي أسدد الدفعة المستحقة من القرض، ولا أعرض نفسي للسجن أو الملاحقة القانونية".
مشاريع بدون حماية سياسية
وكان وزير العمل السابق مأمون أبو شهلا قد أطلق مشروعا بتمويل البنك الدولي غرة السنة الحالية لتشغيل الشباب، قائلا: "إن نجاح هذه المشاريع يتطلب توفير جو سياسي ملائم وتمكين الحكومة من العمل بغزة بشكل كامل بما يعود بالنفع على الجميع وخصوصا على واقع الشباب والخريجين"
ولكن ربة البيت زينب حجو تعترف لـ"العين الإخبارية" بأنها أسقطت من قائمة مشترياتها الحلويات والشوكولاتة والمسليات هذا العيد؛ لأن أوضاع أسرتها لا تسمح بذلك، خاصة بعد قطع راتب زوجها لأسباب كيدية، واعتمادهم على المساعدات الإنسانية، وأقاربها الذين سيزورنها في العيد يتفهمون أوضاعهم المالية، وستكتفي بتقديم ما ستصنعه بنفسها من حلويات غير مكلفة وتقدمها للزائرين، عيناها اللتان انكسرتا أرضا من خجل مسيطر، أعطتا جوابا كافيا لكل الأسئلة، بأن عيد قطاع غزة هذا العام ليس بخير.
aXA6IDMuMTM3LjE3My45OCA= جزيرة ام اند امز