فاجعة الوادي بالجزائر.. استهجان شعبي ومطالب بإصلاح قطاع الصحة
مختلف مواقع التواصل الاجتماعي كانت مليئة بالتعازي لعائلات الضحايا وبردود فعل مختلفة، امتزجت فيها مشاعر الصدمة والحزن والغضب والاستهجان.
"#واد_سوف"، "#الوادي"، "#أنا_متضامن"، "#رضع_واد_سوف"، "#الطفولة_تحترق"، "#بأي_ذنب_قتلت"، "#الجزائر_تحت_الصدمة"، بهذه الهاشتاقات عبَّر الجزائريون عن سخطهم وصدمتهم لفاجعة مصرع 8 أطفال فجر الثلاثاء بعد نشوب حريق بمستشفى محافظة وادي سوف الواقعة في الجنوب الشرقي.
- إقالة مدير مستشفى الأطفال المحروق بالجزائر.. وفتح تحقيق عاجل
- مصرع 8 أطفال حديثي الولادة في حريق مستشفى شرقي الجزائر
وأعلنت مصالح الحماية المدنية (الدفاع المدني) في حصيلة نهائية مصرع 8 أطفال حديثي الولادة بينهم 3 حرقاً و5 اختناقاً نتيجة "شرارة كهربائية في جهاز طارد البعوض"، فيما تمكنت من إنقاذ 11 رضيعاً و76 شخصاً.
وعقب انتشار خبر الفاجعة، عجّت مختلف مواقع التواصل الاجتماعي بالتعازي لعائلات الضحايا وبردود فعل مختلفة، امتزجت فيها مشاعر الصدمة والحزن والغضب والاستهجان من قطاع صحي يجمعون على أنه "مريض"، بحسب ما ورد في منشوراتهم.
ومنذ الساعات الأولى للثلاثاء، انتشرت هاشتاقات بسرعة البرق، تحولت في ظرف ساعات إلى "ترند" "نعت ضحايا الحريق وقطاع الصحة"، وكانت عناوين عريضة لمطالب شعبية بمحاسبة المتسببين في الحادثة وأخرى دعت إلى إحداث قطيعة مع النظام الصحي القديم.
حملة تضامن شعبي
"فاجعة الوادي" كما بات يصطلح على تسميتها في الجزائر التي تزامنت مع الجدل حول انتخابات الرئاسة، أنست الكثير من الجزائريين "ولو لساعات" خلافاتهم وتباين مواقفهم حيال الأزمة السياسية التي تمر بها بلادهم.
وأظهرت ردود فعل الجزائريين على حادث مصرع الأطفال حديثي الولادة حملة التضامن الشعبي مع أهالي الضحايا، وتحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى مساحات للتعزية ومواساة ودعوات بالصبر لأهالي أطفال "عاشوا يوماً واحداً" كما قالوا.
وعبّر كثير من الجزائريين عن صدمتهم "لاحتراق أطفال في يومهم الأول" كما ذكر أحدهم عبر موقع "تويتر"، بعد أن "تحدثوا عن هليكوبتر لنقل المرضى من الجنوب إلى الشمال، وعجزوا عن حفظ الرضع في المستشفى، كفى استخفافاً بهذا الشعب"، كما علقت الإعلامية في التلفزيون الجزائري الحكومي صورية بوعمامة.
ومن بين الهاشتاقات التي انتشرت عبر مواقع التواصل "#بأي_ذنب_قتلت" الذي ترجم حالة الصدمة والذهول الشعبي مما وصل إليه قطاع الصحة بالجزائر.
ودعا مئات الجزائريين إلى "تسليط أقصى العقوبات على المتسببين في الكارثة ليكونوا عبرة لبقية المستشفيات الحكومية" كما ورد في منشوراتهم.
وعقب الحادثة، أعلن وزير الصحة الجزائري محمد ميراوي فتح تحقيق عاجل في ملابسات الحادث، وقرر إقالة مدير المستشفى والمدير الولائي للصحة وجميع الطاقم المناوب، وكذا قرار آخر بتوقيف تحفظي لمسؤول المناوبة الليلية بمستشفى الأم والطفل.
مفجوعون.. "بعد طول انتظار"
كارثة مصرع 8 أطفال حديثي الولادة حرقاً واختناقاً بمستشفى الوادي بالجزائر كشفت "صدمة من نوع آخر" لبعض أهالي الضحايا، وزادت من حدة الغضب الشعبي مما أسموه "التسيب اللاإنساني في المستشفيات".
وذكرت صفحات مواقع التواصل أن أحد آباء الضحايا "فقد رضيعين في الحريق" بعد انتظار دام "7 سنوات كاملة".
ونشر متابعو منصات التواصل صور الوالد وهو تحت الصدمة وسط جمع غفير من سكان المحافظة الذين حاولوا مواساته في مصابه، وعلامات "عدم تقبله الكابوس بادية على وجهه" كما علق آخرون.
كما كشف "مركز مكافحة السرطان" لمحافظة الوادي عبر حسابه على موقع "فيسبوك"، "مصيبة أم وألم من نوع آخر"، وذكر أن أماً في المستشفى "فقدت توأمين بعد حرمان من الأطفال لمدة 15 سنة كاملة و3 عمليات في الرحم".
واستغرب عدد من متابعي مواقع التواصل عدم إعلان السلطات الجزائرية الحداد الرسمي على أرواح الأطفال حديثي الولادة، ومنهم من وصفها بـ"نوع آخر من التسيب الرسمي"، على حد تعبيرهم.
قطاع الصحة "مريض"
حريق مستشفى وادي سوف هو الثاني من نوعه، بعد الحريق الذي نشب بجناح جراحة الأطفال في مايو/أيار 2018 دون أن يخلف ضحايا، ليتكرر مجدداً لكن بكارثة أكبر، حصدت 8 أطفال حديثي الولادة.
ولم تخل منشورات الجزائريين عبر مواقع التواصل من انتقاد واقع قطاع الصحة في بلادهم، خاصة المناطق الجنوبية، إلى درجة أن كثيراً علقوا بأن "قطاع الصحة في الإنعاش".
ومن بين التعليقات التي ترجمت حادثة احتراق مستشفى وادي سوف، ما نشره أحد متابعي موقع "فيسبوك"، إذ كتب منشوراً ذكر فيه أن "فاجعة الوادي ليست إلا نتيجة حتمية لمنظومة صحية متهالكة فقدت قيمها الأخلاقية والمهنية، وأصبحت خطراً على صحة وسلامة المواطن".
ولطالما شكلت الأخطاء الطبية وواقع المنظومة الصحية في الجزائر هاجساً يؤرق المواطن الجزائري، وسط عجز حكومي في التحكم في أحد أكبر وأهم القطاعات في هذا البلد العربي، رغم تطبيقها سياسة "مجانية الصحة" في المستشفيات الحكومية.
ولعل تقرير "الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان" الصادر في أبريل/نيسان 2018، كان الأكثر واقعية لحال قطاع الصحة بالجزائر بحسب المختصين.
وعرج التقرير على جملة من النقائص التي وصفها بـ"الفادحة" في بلد مثل الجزائر، من بينها "نقص الأطباء الأخصائيين وشبه الطبيين، وسيطرة مافيا الصحة على القطاع، والمعاملة السيئة التي يتعرض لها المرضى وأهاليهم في كثير من المستشفيات الحكومية، وحالات التسيب في وضع المريض أو نظافة المكان".
وكشف تقرير المنظمة الجزائرية حجم الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة بالجزائر في السنوات الـ15 الأخيرة الذي بلغ 73 مليار دولار، مع تعاقب 8 وزراء عليه.
وأوضح التقرير أن "مستشفيات المدن الداخلية أصبحت عنواناً للرداءة تتحكم فيها البيروقراطية واللامسؤولية والترويج للقطاع الخاص".