الاستهداف الإيراني للقاعدة الأمريكية عين الأسد في العراق محاولة لإعادة كف الميزان إلى المنتصف حتى لا تكون مائلة للحسابات الأمريكية
مقتل قاسم سليماني لم يكن ليمر بدون أن يكون هناك رد إيراني لأن حالة الصمت والركود الإيراني تجاه هذه الخطوة لا يخدم إيران بقدر ما يسعى للاستنقاص من رصيد نفوذ طهران الإقليمي، وبالتالي فإن محاولة الرد الإيرانية يرى الإيرانيون أنها ضرورة لحفظ ماء الوجه الإيراني أمام أذرعها وبخاصة في ظل حالة التجييش ضد الولايات المتحدة التي تصدرت المشهد ما بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
الاستهداف الإيراني للقاعدة الأمريكية عين الأسد في العراق يأتي في إطار الرد الإيراني على مقتل قاسم سليماني، ومحاولة إيرانية لإعادة كف الميزان إلى المنتصف حتى لا تكون مائلة للحسابات الأمريكية، فلو نظرنا إلى مقتل سليماني لوجدنا أنه خلق نقطة ضعف لدى الإيرانيين وأربكت حساباتهم التي كان ينظر الإيرانيون إلى الذهاب لطاولة المفاوضات أن يتم ذلك من موقع قوة حتى يتسنى لهم تقديم مطالبهم، وليس من موقع ضعف وهو ما يعني أن الذهاب لطاولة المفاوضات سيخلق حالة من التنازلات المستمرة التي سيقدمها الإيرانيون.
فبينما ينظر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لهذه الخطوة على أنها "رد متكافئ وأن إيران لا ترغب في التصعيد، يرى المرشد الإيراني علي خامنئي أن الرد الإيراني على مقتل قاسم سليماني غير كاف، وهو ما يعني وجود حالة من الانقسام داخل أروقة النظام حول كيفية الرد على مقتل قاسم سليماني
أيضا استهداف قاعدة عين الأسد في العراق يعني أن الإيرانيين يصرون على أن يبقى العراق ساحة المواجهة المفضلة مع الأمريكيين، وأيضا يعتقدون أن استهداف القاعدة الأمريكية في العراق سيكون له تأثير على تحقيق تقدم في المطالبة الهادفة إلى إخراج القوات الأمريكية من العراق؛ لأن الإيرانيين ينظرون لهذا الخروج العسكري الأمريكي فرصة مهمة لإخلاء الساحة العراقية للقوات الإيرانية وهو ما يمكنهم من إحكام السيطرة المطلقة على الأرض العراقية والاستفراد بها.
ولكن الاستهداف الإيراني للقاعدة الأمريكية عين الأسد في العراق والتي يراد منها حفظ ماء الوجه الإيراني أمام وكلائها وأذرعها في المنطقة ما بعد مقتل قاسم سليماني، كشف عن حالة من التخبط لدى مراكز صناعة القرار في إيران، فبينما ينظر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لهذه الخطوة بأنها "رد متكافئ وأن إيران لا ترغب في التصعيد، يرى المرشد الإيراني علي خامنئي بأن الرد الإيراني على مقتل قاسم سليماني غير كاف، وهو ما يعني وجود حالة من الانقسام داخل أروقة النظام حول كيفية الرد على مقتل قاسم سليماني.
إن ما قامت به إيران من استهداف للقوات الأمريكية في قاعدة عين الأسد، هو بلا شك "إعلان حرب" وهو بالتالي ما يضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام اختبار لمدى جديته في الدفاع عن الخطوط الحمراء التي وضعها أمام الإيرانيين، وبالتالي فإن هذا يعني أن مصداقية الرئيس ترامب مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي أصبحت تحت مجهر الناخبين، وينتظر من ترامب أن يصدق في وعوده وتصريحاته.
لكن المتابع لطريقة تعاطي ترامب مع الاستهداف الإيراني للقاعدة الأمريكية "عين الأسد في العراق" يجد أنه لم يكن بحجم الحدث ولم يكن بحجم التعويل، فقد كان خطاب ترامب يميل أكثر إلى التهدئة وعدم التصعيد، وبالتالي هي خطوة غير موفقة من الرئيس ترامب الذي لم يظهر جدية قوية في الدفاع عن الخطوط الحمراء التي قام بوضعها، وهي خطوة تنظر لها إيران على أنها فرصة للاستمرارية في الحالة السابقة من المراوغة تارة، والتصعيد تارة أخرى، ومحاولة التهدئة تارة ثالثة.
ولكن حتى في ظل غياب الرد الأمريكي نجد أن الإيرانيين تعلموا جيداً من الدرس الأمريكي بمقتل قاسم سليماني، وهذا ما نشاهده من خلال التعليمات الإيرانية لوكلائها وأذرعها وبخاصة في العراق بعد استهداف المصالح أو الأهداف الأمريكية وهو بالتالي ما يعكس رغبة إيرانية في تفادي تحمل الكثير من الخسائر كما حدث مع مقتل قاسم سليماني.
تعليمات إيران لوكلائها وأذرعها وبخاصة في العراق بعد استهداف المصالح أو الأهداف الأمريكية تعكس وجود رغبة إيرانية في عدم استثارة غضب إدارة ترامب، وبالتالي يحاول الإيرانيون الحفاظ على جو من الهدوء لخدمة الرهان الإيراني على عامل الوقت حتى موعد الانتخابات المقبلة على أمل أن تأتي شخصية تختلف عن ترامب تعيد للمشهد توازناته التي تخدم الإيرانيين كما هي إدارة أوباما التي أعطت للإيرانيين عبر الاتفاق النووي الفرصة نحو الخروج من عنق الزجاجة إلى توظيف الاتفاق لخدمة مشروعهم الفوضوي والتوسعي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة