على وقع دعوات رافضة.. انطلاق حملة انتخابات الرئاسة بالجزائر رسميا
المرشحون الخمسة بدأوا حملاتهم، والكل يتسابق على الشباب والعدالة وإصلاح الاقتصاد
انطلقت، الأحد، في الجزائر رسمياً الحملة الانتخابية للسباق الرئاسي المقرر الشهر المقبل، والذي يعد الأول بعد استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إثر حراك شعبي ما زال مستمرا.
حملة تأتي وسط دعوات مشحونة بنداءات المقاطعة من قبل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وباشر غالبية المرشحين الخمسة حملاتهم الانتخابية من محافظات الجنوب، بينهم 3 من محافظة أدرار؛ هم: المرشح المستقل عبدالمجيد تبون، وعبدالعزيز بلعيد رئيس حزب "جبهة المستقبل"، وعز الدين ميهوبي رئيس حزب "التجمع الوطني الديمقراطي".
فيما بدأ علي بن فليس، رئيس حزب "طلائع الحريات"، الحملة الانتخابية من محافظة تمنراست الواقعة في أقصى الجنوب.
أما المرشح عبدالقادر بن قرينة رئيس ما يعرف بـ"حركة البناء الوطني" والمحسوب على الإخوان، فقد ذكرت وسائل إعلام محلية بأنه قرر القيام بـ"جولة رمزية" في الجزائر العاصمة.
وبعد رفضه طعون 9 مرشحين محتملين، ثبّت المجلس الدستوري الجزائري، الأسبوع الماضي، القائمة النهائية لمرشحي الانتخابات الرئاسية المشَكّلة من 5 شخصيات؛ بينهم 4 رؤساء أحزاب ومرشح مستقل.
الشباب والعدالة والأموال المنهوبة
المرشح علي بن فليس ركّز برنامجه الانتخابي على إصلاح العدالة والإعلام، وتعهد بتعديل الدستور الحالي.
أما تبون، فقدم 54 التزاماً في برنامجه الانتخابي، تمحورت حول إصلاح قطاعات عدة؛ منها التعليم والتعليم العالي والتكوين المهني وفصل المال عن السياسة وتعديل قانون الانتخاب وتثبيت ولايات الرئيس في اثنتين.
بدوره، تعهد عبدالعزيز بلعيد بتعديل الدستور وكل القوانين المرتبطة بالإصلاحات، وفتح حوار مع جميع الأطياف السياسية، ومحاربة الفساد، وضمان حق المواطن في الرعاية الصحية والعمل والسكن.
كذلك حمل برنامج ميهوبي، محاربة الفساد، واسترجاع الأموال المنهوبة، وتعزيز وضع المؤسسة العسكرية في الدستور.
فيما أثار برنامج بن قرينة سخرية الجزائريين، بعد مغازلته "المرضعات العاملات والعوانس" متكهنا بـ"اكتساح الانتخابات".
وفي الجانب الاقتصادي، التقت غالبية البرامج الانتخابية للمرشحين الخمسة في مغازلة الشباب الذين يمثلون 60% من تركيبة المجتمع الجزائري.
وعود تمحورت حول إيجاد حلول لمشكلة البطالة التي تفوق 12%، وتحسين المستوى المعيشي للجزائريين، وتنويع الاقتصاد والخروج من التبعية للمحروقات، والتركيز على الفلاحة والسياحة، ومحاربة المال الفاسد المتداخل مع السياسة، وإعادة النظر في أجور العمال.
مهمة صعبة
ويحدد قانون الانتخابات في الجزائر موعد انطلاق الحملات الانتخابية بـ25 يوماً قبل موعد السباق، وتنتهي 3 أيام من تاريخ الاقتراع.
كما يمنع القانون ذاته المرشحين من تجاوز تلك المدة، بالإضافة إلى منعه استعمال أي لغة أجنبية في الحملات الانتخابية، ويلزم رؤساء الأحزاب والمرشحين المستقلين بـ"ضرورة التقيد بالبرنامج الانتخابي وبرامج الأحزاب".
ويتوقع المراقبون أن يواجه المرشحون الخمسة لانتخابات الرئاسة تحدياً كبيراً خلال حملاتهم، والمتمثل في "الرفض الشعبي للانتخابات"، خاصة بعد الكشف عن القائمة النهائية للمرشحين، والتي رأى فيها كثير من الجزائريين "ولاية بوتفليقة الخامسة بخمسة من وجوهه"، و"التفافاً كبيراً على مطالب الحراك"، و"تجديداً للنظام القائم".
ويتزامن ذلك، مع تصاعد الدعوات من نشطاء ومعارضين جزائريين موجودين في أوروبا إلى "التصعيد بهدف إفشال الموعد الانتخابي" و"تغيير نهج سلمية المظاهرات" إلى "العصيان المدني"، ومنع المرشحين من القيام بحملاتهم الانتخابية، ومحاصرة مكاتب الاقتراع، معتبرين أنها الورقة الأخيرة أمام السلطات للرضوخ للمطالب الداعية لإلغاء السباق "في ظل بقاء رموز نظام بوتفليقة".
وأثارت تلك الدعوات سخط عدد كبير من الجزائريين، الذين انقسمت آراؤهم بين الدعوة إلى الحفاظ على ضغط المظاهرات الشعبية وسلميتها وعدم الانسياق وراء التصعيد.
فيما دعا آخرون إلى تجنيب البلاد المزيد من الاحتقان، والقبول بالانتخابات الرئاسية كحل للأزمة السياسية الحالية، مع مراقبة سياسات الرئيس الجديد.
وتعيش انتخابات الرئاسة الجزائرية، للمرة الأولى، حالة من الاحتقان مع استمرار المظاهرات الشعبية يومي الجمعة والثلاثاء الرافضة لإجرائها بوجود رموز نظام بوتفليقة؛ بينهم الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح ورئيس وزرائه نور الدين بدوي.
ويرفع المتظاهرون شعارات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات.
وتقترب الأزمة السياسية في الجزائر من شهرها التاسع، إذ اندلعت في فبراير/شباط الماضي، على خلفية ترشح الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة قبل أن يستقيل في 2 أبريل/نيسان الماضي.
وشهدت الجزائر خلال 2019 إلغاء موعدين انتخابيين رئاسيين في سابقة هي الأولى من نوعها، وذلك في 18 أبريل/نيسان و4 يوليو/تموز الماضيين، بينما يتوقع المراقبون أن تنتخب البلاد رئيسها الثامن في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وتكهن متابعون لانتخابات الرئاسة الجزائرية حسم الاستحقاق الرئاسي في جولة ثانية بين مرشحين اثنين؛ هما عبدالمجيد تبون المرشح المستقل وعلي بن فليس رئيس حزب "طلائع الحريات" المعارض.
بينما توقع آخرون أن يكون عبدالعزيز بلعيد رئيس حزب "جبهة المستقبل" "مفاجأة" الدور الأول، وقد ينافس أحد المرشحين الاثنين في الدور الثاني.
وتجرى انتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل للمرة الأولى بآليات انتخابية جديدة، حيث تشرف السلطة المستقلة للانتخابات على تنظيم ومراقبة جميع مراحل العملية الانتخابية، من استدعاء الهيئة الناخبة إلى الإعلان عن النتائج الأولية للسباق يوم 13 من الشهر نفسه، بعد أن كانت العملية تتم من قبل وزارتي الداخلية والعدل.