أسبوع الجزائر.. مكائد إخوانية وموازنة تقشفية وتحضيرات انتخابية
معارضون يدعون إلى عصيان مدني احتجاجا على استمرار الوجوه القديمة في الحكم وإشرافهم على تنظيم الاستحقاق الرئاسي
بانقضاء الأسبوع باتت الجزائر على بعد نحو شهر من الاقتراع الرئاسي، المقرر في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بينما تجري التحضيرات الرسمية لإنجاز الاستحقاق تتزايد دعوات المعارضين لقائمة المرشحين للتصعيد من أجل وقف العملية التي "تعيد إنتاج النظام"، على حد وصفهم.
- الجزائر في أسبوع.. انفراج أزمة القضاة وجدل حول مرشحي الرئاسة
- الجزائر في أسبوع.. شلل قضائي ومخاض انتخابي ومآلات مبهمة
وساهمت مواقف التيارات الإخوانية في "تشويه" الاستحقاق كما رأى متابعون، بسبب ما يصفونه بـ"المستوى السياسي لمرشح الجماعة".
كما حضرت مكائد الإخوان في البرلمان، عقب "زعمها" رفض التصويت على مشروعي قانوني الموازنة العامة والمحروقات رغم أنها كانت من أكثر المنتقدين للقانون القديم المنظم لسوق النفط.
وانتهى أسبوع الجزائر بأربعة أحداث اقتصادية مهمة، تمثلت في مصادقة البرلمان على موازنة تقشفية وإلغاء قانون المحروقات القديم الذي أثر على إنتاج الجزائر وحجم الاستثمارات الخارجية، بالإضافة إلى إقالة المديرين العامين للبنك المركزي وشركة سوناطراك النفطية.
عد تنازلي للانتخابات والتصعيد
شرع المرشحون الخمسة لانتخابات الرئاسة الجزائرية خلال أيام الأسبوع المنقضي في عرض برامجهم الانتخابية التي اشتركت أغلبها في تعهدات بتحسين المستوى المعيشي للجزائريين، وإيجاد حلول لمشكل البطالة وإصلاح العدالة والتقسيم العادل للثروة.
كما أجمعت مواقف المرشحين على أن الانتخابات المقبلة حل للأزمة السياسية التي دخلت شهرها التاسع، ودعت الجزائريين إلى منح الفرصة لهذا الحل من خلال الاستماع للبرامج الانتخابية.
كما شهد الأسبوع مسارعة المرشحين الخمسة لتعيين ممثلين عنهم في المحافظات الـ48 للبلاد الذين سيعملون على تنشيط حملاتهم الانتخابية.
في حين، خصصت السلطات الجزائرية 600 ألف عامل لتأطير العملية الانتخابية في مختلف المكاتب والفروع الانتخابية.
في مقابل ذلك، خرجت أصوات معارضة خاصة من خارج الجزائر تدعو إلى "التصعيد" لإفشال انتخابات الرئاسة المقبلة التي ترى فيها "بعيدة عن تطلعات الجزائريين ومطالب الحراك".
ونشر عدد من النشطاء والمعارضين الموجودين في بعض الدول الأوروبية مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوا فيها الجزائريين إلى "تغيير النهج السلمي للمظاهرات، والدخول في عصيان مدني بكل القطاعات باستثناء المستشفيات".
ورأت في ذلك "وسيلة الضغط المتبقية لإجبار السلطات الجزائرية على إلغاء الموعد الانتخابي"، بينما دعا آخرون إلى "الإسراع في تعيين ممثلين عنهم من الحراك، ووضعوا أسماء شخصيات سياسية بينها وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي ورئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور لقيادة المرحلة الانتقالية في حال استجابة السلطة لمطلب وقف المسار الانتخابي".
واستمر خلال الأسبوع الماضي الجدل حول انتخابات الرئاسة، مع خروج الطلبة يوم الثلاثاء الماضي في العاصمة رافضين ما أسموها "إجراء الانتخابات مع العصابات"، فيما تصاعدت التحذيرات الشعبية من استغلال "الدولة العميقة" الرفض الشعبي لإجراء الانتخابات، وتوقعت فشل الدعوات المطالبة بالعصيان المدني التي ينظر إليها كثير من الجزائريين على أنها "نذير شؤم" كما حدث في التسعينيات عندما استعملت الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة "سلاح" العصيان الذي سرع في أحداث الأزمة السياسية والأمنية في ذلك الوقت.
مكائد ومهازل إخوانية
وعلى صعيد متصل، واصلت التيارات الإخوانية في الجزائر "صناعة الحدث" على مدار أيام الأسبوع المنصرم، كان من أبرزها "التعهدات المثيرة للسخرية" للمرشح الإخواني عبدالقادر بن قرينة كما وصفها كثير من الجزائريين عبر منصات التواصل.
وكشف أولوية برنامجه الانتخابي الذي ركز على مغازلة "المرضعات العاملات" برفع مدة عطلة الرضاعة إلى ستة أشهر، و"التعهد بإيجاد حلول لمشكل العنوسة".
وفي الوقت الذي يطالب فيه الجزائريون بإحداث تغيير جذري على منظومة الحكم في السياسات والأشخاص، خرج عليهم المرشح الإخواني بما وصفوه "حلولا لمشكلات غير موجودة"، كما نعتوه بـ"المرشح القادم من زمن آخر أو من بلد غير الجزائر".
وأجمعت ردود فعل كثير من الجزائريين على أن خطابات التيارات الإخوانية لطالما كانت بعيدة عن همومهم ومشكلاتهم رغم "محاولاتهم المستمرة التظاهر بالدفاع عن حقوق المواطن التي تخفي متاجرة بأبسط مشكلات الجزائريين تُظهر في الحقيقة مدى تعطشهم للسلطة على حساب أوجاع الناس"، كما علق أحد متابعي مواقع التواصل.
أما التيارات الإخوانية الأخرى، فقد استمرت بحسب المتابعين في مغازلة الشارع حتى وإن تعارض ذلك مع مواقف سابقة لهم، وتجلى ذلك في رفضهم التصويت على مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون المحروقات الجديد.
ورغم أنها انتقدت كثيرا قانون المحروقات القديم، واعتبرته سببا في عزوف الاستثمارات الأجنبية، فإنها لم تجد حرجا في رفض القانون الجديد الذي تضمن تحفيزات ضريبية للشركات النفطية العالمية بهدف العودة بقوة إلى السوق الجزائرية كما أجمع على ذلك عدد كبير من خبراء الاقتصاد.
وحاولت التيارات الإخوانية الجزائرية "كعادتها" الاستثمار في "فتنة قانون المحروقات"، من خلال الترويج في "ملتقيات" جمعت فيها "المنتقدين فقط للقانون"، على أنه خطر على البلاد، وأنه رهن لثرواتها، دون أن تقدم إثباتات موضوعية على ذلك وفق الخبراء، واكتفت بالخطابات الشعبوية المستمدة من "مكائد الإخوان المستثمرة في الفتن والصراعات" كما علق متابعون.
قرارات اقتصادية مصيرية
وانتهى أسبوع الجزائر بإصدار جملة من القرارات الاقتصادية الكبيرة، حيث صادق نواب البرلمان الجزائري بالأغلبية، الخميس، على موازنة 2020 والقانون الجديد للمحروقات المثير للجدل.
وبلغ إجمالي نفقات موازنة الجزائر الأولى بعد استقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة نحو 65 مليار دولار، وهي الموازنة الأكثر تقشفا منذ 2017 التي حملت أيضا 13 ضريبة ورسما جديدا.
وانخفض إجمالي نفقاتها مقارنة بالعام الحالي بنسبة 9.2%، وسط توقعات بعجز في الموازنة بنسبة 7.2% من الناتج الداخلي الخام والمقدر بنحو 13 مليار دولار، وعجز في الخزينة العمومية بنسبة 11.4% من الناتج الداخلي الذي يقدر بـ20 مليار دولار.
كما توقعت الحكومة الجزائرية ارتفاع الإيرادات في 2020 إلى نحو ما يقارب نحو 52 مليار دولار، وارتفاع مداخيل صادرات النفط بنسبة 2% مقارنة بـ2019، مع انخفاض في نسبتي النمو والتضخم.
ويتوقع الخبراء أن يدخل الاقتصاد الجزائري في غضون العامين المقبلين في أزمة خانقة، خاصة في ظل التآكل المستمر في احتياطات الصرف التي وصلت مع نهاية النصف الأول من 2019 إلى 68 مليار دولار، وتوقعات بانخفاضها إلى 51 مليار دولار مع نهاية 2020 و33.8 مليار دولار أواخر 2021.
وأكد خبراء اقتصاديون في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الدينار الجزائري سيكون من أكثر المتضررين السنة المقبلة جراء الإجراءات المتخذة في موازنة 2020، خاصة بعد اعتمادها على سعر صرف 123 دينارا جزائريا للدولار الأمريكي الواحد.
وخسر الدينار الجزائري 30% من قيمته منذ نهاية 2017 بسبب سياسة التمويل غير التقليدي التي طبقتها حكومة أحمد أويحيى والتي أدت إلى إعادة طباعة ما قيمته 55.5 مليار دولار.
وأوضح الخبراء بأن قانون المحروقات الجديد من شأنه امتصاص الصدمة المالية التي تنتظر الاقتصاد الجزائري، كون "النتائج الإيجابية لتطبيق قانون المحروقات الجديد لن تظهر إلا بعد عامين من تطبيقه على الأقل"، مع توقعات بدخول شركات نفطية عالمية عملاقة السوق الجزائرية بينها "إيكسون موبيل" و"شيفرون" الأمريكيتان.