البرلمان الجزائري يصادق على قانون المحروقات المثير للجدل
برلمان الجزائر يصادق رسمياً وبالأغلبية على قانون المحروقات الجديد المثير للجدل، ووزير الطاقة الجزائري يصفه بـ"المكسب المهم"
صادق المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) بالبرلمان الجزائري، الخميس، بـ"الأغلبية" على مشروع قانون المحروقات الجديد المثير للجدل، الذي وصفته الحكومة الجزائرية بـ"المكسب المهم للاقتصاد الوطني".
- قانون المحروقات يثير أزمة جديدة بين الجزائريين والسلطة
- خبراء عن "قانون المحروقات الجزائري": تعديلات صحيحة في توقيت خاطئ
وجاءت المصادقة على القانون الجديد للمحروقات بعد أن أدخلت لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الجزائري 33 تعديلاً على مشروع القانون المقدم من الحكومة.
ومازل التشريع بحاجة لموافقة مجلس الأمة الجزائري (مجلس الشيوخ) بالبرلمان.
كما صادق نواب البرلمان الجزائري أيضا على فصل الجانب الجبائي لقطاع النفط عن قوانين الموازنة العامة، واستثنت منها الإعفاءات الجبائية.
وبناء على اقتراح من وزارة الطاقة الجزائرية، وافق النواب على إضافة مادة جديدة في قانون المحروقات، تنص على أنه "يمكن للنظام الجبائي المطبق على النشاطات الأفقية المرتبطة بقطاع المحروقات أن يدرج ضمن (قانون خاص) مع (استثناء الأحكام المتعلقة بالإعفاءات الجبائية)".
وشهدت مناقشة قانون المحروقات الجديد في البرلمان الجزائري مقاطعة نواب عدة أحزاب، وحملت لافتات مناوئة لنص المشروع كتب عليها "الجزائر ليست للبيع".
ومع إعلان الحكومة الجزائرية عن مضمون مشروع القانون الجديد الذي تضمن إعفاءات ضريبية غير مسبوقة على الشركات الأجنبية، خرج مئات الجزائريين في مظاهرات بالعاصمة رافضين له، واتهمت حكومة نور الدين بدوي بما سمّته "بيع الجزائر للشركات متعددة الجنسيات"، و"رهن ثروات البلاد للأجانب".
في حين، أكد خبراء اقتصاديون في وقت سابق لـ"العين الإخبارية" أن التعديلات المقترحة على قانون المحروقات "مهمة وتصحيح لأخطاء جسيمة في القانون القديم قلصت من حجم إنتاج الجزائر وأسهمت في عزوف الشركات النفطية العالمية"، لكنهم أشاروا إلى أن توقيت طرح القانون يبقى "خاطئاً" بالنظر إلى استمرار الرفض الشعبي لبقاء رموز نظام بوتفليقة، وعدم ثقتهم في أي إجراءات تتخذها "حكومة عينها بوتفليقة".
قانون إنقاذ
وفي كلمة له أمام نواب البرلمان الجزائري عقب المصادقة على مشروع القانون الجديد للمحروقات، شدد وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب على أنه "مكسب مهم" لاقتصاد بلاده و"ليس لقطاع الطاقة فقط".
وأوضح أن القانون الجديد "يضمن أمن الطاقة للجزائر، ويسهم في استكشاف احتياطات بترولية وغازية جديدة" وصفها بـ"الضرورة الملحة والعاجلة للجزائر، وهو ما يتطلب إطاراً قانونياً ملائماً".
وقبيل عرضها مشروع القانون على البرلمان، حددت الحكومة الجزائرية مجموعة من الأهداف المرجوة منه، والمتعلقة بـ"زيادة القدرات الإنتاجية والحفاظ على مستوى الصادرات، خصوصا في الغاز الطبيعي، والحفاظ على التوقعات الاقتصادية للبلاد على المدى الطويل، وتلبية الطلب الوطني المتزايد على الطاقة، وتعزيز أمن الطاقة على الصعيد العالمي بتخصيص كميات إضافية للتصدير، مع احترام عقود التسليم والوفاء بكل التزامات الجزائر مع الشركاء الأجانب والبحث عن أسواق جديدة".
شكوك شعبية
وعدّ عدد من النشطاء السياسيين وبعض أقطاب المعارضة في الجزائر أن تسريع الحكومة الجزائرية في إقرار القانون رغم استمرار الجدل حوله، مؤشر على "صفقة خفية لتمرير الانتخابات الرئاسية".
في حين أكد محللون سياسيون واقتصاديون في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن رفض المتظاهرين قانون المحروقات الجديد يعود بالأساس إلى "انعدام الثقة في أي إجراءات تتخذها حكومة عينت في عهد بوتفليقة"، ويرون أن التهم الموجهة للسلطات الجزائرية "غير موضوعية".
ورأى آخرون أن "جهات خفية" تقف وراء "تشكيك الجزائريين في قانون المحروقات الجديد"، مرجحين "عدم اطلاع الغالبية منهم أو عدم فهمهم" للخسائر الفادحة التي تسبب فيها القانون القديم على قطاع النفط، والتصحيحات التي وردت في القانون الجديد".
وأحدثت قضايا الفساد الكثيرة في عهد بوتفليقة "صدمة في الشارع الجزائري"، خصوصا بعد سجن أكثر من 40 شخصية نافذة بتهم فساد متعددة، وكشفت التحقيقات مع المتهمين عن "وجود شبكة فساد متشعبة في جميع القطاعات".
ويرى مراقبون أن ذلك أسهم في تشكيك الجزائريين في قرارات الحكومة الحالية التي يطالب المتظاهرون برحيلها، كونها من "مخلفات نظام بوتفليقة"، ويعدّونها "حكومة غير شرعية ومفروضة عليهم".
ومنذ تعديل القانون سنة 2017، عرف احتياطي الجزائر من النفط والغاز تراجعاً غير مسبوق قدره الخبراء بنحو 60% وانخفاض الإنتاج بـ10% سنوياً، في مقابل ارتفاع الاستهلاك المحلي من الطاقة بنسبة 7% سنوياً، وزيادة استهلاك الكهرباء بـ12%.
استقطاب الشركات الأجنبية
وأعربت عدة شركات نفطية عالمية كبرى عن رغبتها في دخول قطاع النفط بالجزائر بينها "إكسون موبيل" و"شيفرون" الأمريكيتان، بعد سنوات من عزوفهما عن السوق الجزائري، بسبب "العراقيل الإدارية والضرائب الكبيرة"، وصنفت الجزائر في خانة "المشروع النفطي الخاسر لها".
ويعد التعديل الأخير على قانون المحروقات بالجزائر الرابع من إقراره سنة 2005، ومنح إعفاءات ضريبية وجمركية غير مسبوقة للشركات الأجنبية، بهدف تشجيعها على العودة للاستثمار في السوق الجزائرية بعد تراجعها منذ 2013.
ووفق ما جاء في وثيقة التعديلات التي اطلعت عليها "العين الإخبارية"، فقد ألغى القانون الجديد الرسم على القيمة المضافة المحددة بـ19% على نشاط المنبع من بحث واستكشاف وتنقيب.
كما أعفى الشركات الأجنبية المستثمرة في قطاع الطاقة بالجزائر من دفع الرسوم والضرائب على واردات السلع والتجهيزات، وكل المواد المستخدمة في أنشطة الاستكشاف واستغلال حقول النفط، وإلغاء "التوطين البنكي" المتعلق باستيراد السلع الموجهة لأنشطة المنبع.
وتضمنت التعديلات على قانون المحروقات بالجزائر أيضا إلغاء للقيمة المضافة على نشاط نقل الأنابيب، وكل الرسوم والضرائب المفروضة على استيراد المواد والمنتجات الموجهة لنشاط نقل الأنابيب.
ومن أبرز التعديلات كذلك، تمديد آجال الرخص الخاصة بالاستكشاف الغازي والنفطي من عامين إلى 7 أعوام قابلة للتمديد عامين إضافيين، مع تحديد المدة القصوى لاستغلال الحقول بـ30 عاماً باحتساب سنوات مرحلة الاستكشاف، مع إمكانية تمديدها بـ10 أعوام أخرى كحد أقصى.
وأعطى الأفضلية للشركات المحلية في أنشطة المناولة الخاصة بمشاريع النفط والغاز الموقعة بين سوناطراك الحكومية والمستثمرين الأجانب، والتأكيد على منح الأولوية للجزائريين فيما يتعلق باليد العاملة لنشاطات المنبع.
وأبقى قانون المحروقات المعدل على القاعدة الاستثمارية 51/49 في المشاريع الاستثمارية في البترول والغاز، التي تعطي الحق لشركة سوناطراك الحكومية الجزائرية 51% من أسهم الشراكة، مقابل 49% للشريك الأجنبي.
كما حافظ على ما يعرف في الجزائر بـ"حق الشفعة" لشركة سوناطراك النفطية، وهو القانون الذي يمنع على الشريك الأجنبي تحويل حصصه إلى شريك آخر، ويمنح الشركة الحكومية الجزائرية حق شراء الحصص في مدة لا تتجاوز 60 يوماً، مع تفضيل الحلول الودية في حالات الخلافات مع الشركاء الأجانب على خيار التحكيم الدولي.
وأشار خبراء اقتصاديون لـ"العين الإخبارية" إلى أن "النتائج الإيجابية لتطبيق قانون المحروقات الجديد لن تظهر إلا بعد عامين من تطبيقه على الأقل".
وتحتل الجزائر العضو في منظمة "أوبك" المركز 18 عالمياً في إنتاج النفط والمقدر بنحو مليون و348 ألفاً و361 برميل يومياً، في حين تقدر احتياطاتها المؤكدة منه 12.2 مليار برميل.
وفي الغاز الطبيعي، تعدّ الجزائر من أكثر الدول المنتجة له عالمياً، وتحتل المركز السابع عالمياً بإنتاج يفوق 85 مليار متر مكعب سنوياً.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yNiA= جزيرة ام اند امز