قانون المحروقات يثير أزمة جديدة بين الجزائريين والسلطة
وتحافظ شركة سوناطراك المملوكة للجزائر في مشروع القانون الذي يعرض للتصويت الخميس، على أغلبية 51% من الأسهم في كل عقود الشراكة
يثير مشروع قانون جديد بشأن المحروقات غضب الجزائريين الذين يرون فيه وسيلة لبيع "الثروة الوطنية" للشركات متعددة الجنسيات، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
إلا أن خبراء أكدوا أن هذه التهم غير مبررة، بل هي مظهر من مظاهر عدم الثقة في أي قرار تتخذه سلطة يعتبرها الشارع "غير شرعية".
ومنذ 22 فبراير/شباط، تشهد الجزائر، ثالث أكبر منتج للنفط في أفريقيا وأحد أكبر 10 دول منتجة للغاز، حراكا شعبيا غير مسبوق ضد النظام الحاكم منذ الاستقلال في عام 1962.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة باريس دوفين الموهوب موحود إن "التحقيقات تثبت عدم وجود مصداقية للحكومة القائمة في أعين الشعب"، وفق ما ذكر .
وأضاف مع ذلك فإن "كل المعطيات المتوفرة تشير إلى أن المجال المنجمي الوطني (ملكية الثروة الباطنية) تبقى في يد السلطة، بينما الاستكشاف والاستثمار والاستغلال يمكن مشاركتهم بتحفيزات أكبر من ذي قبل للمستثمرين الأجانب".
ومن جهته، قال فرنسيس بيران مدير بحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس، "إن مشروع قانون المحروقات يقدّم تعديلات على التشريع لكن لا تغيير في الاتجاهات الكبرى للسياسة الجزائرية في مجال المحروقات".
شركة سوناطراك
وتحافظ شركة سوناطراك للنفط والغاز المملوكة للجزائر في مشروع القانون الذي يعرض للتصويت الخميس، على أغلبية 51% من الأسهم في كل عقود الشراكة مع الأجانب.
لكنه يهدف إلى "جعل الإطار التشريعي والمالي أكثر جاذبية وأبسط وأكثر مرونة، لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط والغاز"، كما أوضح بيران الذي يعمل أيضا كباحث مشارك في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد في الرباط.
ومن الناحية العملية يوسع النص نطاق أنواع العقود بناءً على المخاطر الصناعية، ويوحّد النظام الضريبي في مستوى معدل ثابت 30٪ من الضريبة على الفوائد وإلغاء "الضريبة على الأرباح الاستثنائية".
وفي هذا السياق المضطرب، فإن حديث وزير الطاقة محمد عرقاب في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول عن مشاورات سابقة مع خمس شركات نفط كبرى حول التغييرات التشريعية الضرورية، أضاف الزيت للنار.
وجاءت ترجمة ذلك في الحركة الاحتجاجية أن القانون أملته الشركات متعددة الجنسيات، رغم أن شركة سوناطراك نفسها أثارت في سبتمبر/أيلول ضرورة التعجيل في إعطاء حيوية جديدة للشراكة مع المستثمرين الأجانب.
ومنذ دخول القانون الحالي حيز التطبيق في 2005، وعلى الرغم من التعديلات في عام 2013، فإن اهتمام الشركات الأجنبية باستكشاف المجالات المنجمية الجزائرية تراجع والعديد من المناقصات ظلت بلا جدوى.
واضطرت سوناطراك لتحمل أعباء ومخاطر الاستثمار وحدها، خاصة في ظل انخفاض أسعار النفط، من أجل استكشاف حقول جديدة للحفاظ على مستوى معين من الإنتاج المتراجع خاصة مع تزايد الطلب في السوق المحلية.
وتراجع الإنتاج الجزائري وزيادة الطلب المحلي، عاملان "يمكن أن يؤديا إلى عجز في العرض مقارنة بالطلب على الغاز خلال السنوات العشر القادمة، بحسب بيران.
حقول جديدة
ويهدف القانون الجديد إلى السماح "على وجه الخصوص باكتشاف حقول جديدة، بالنظر إلى النضوب الحالي"، كما أوضح الموهوب موحود: "في هذا السياق ينتظر أن يتم تعديل الضرائب على المحروقات وتسقيف مُدد العقود في مستوى عشر سنوات كحد أقصى".
كما أشار إلى "تقادم" البنية التحتية النفطية في الجزائر بسبب نقص الاستثمارات خلال السنوات التي كانت فيها أسعار النفط عالية، مما يحد من قدرات شركة سوناطراك.
ونبّه بيران إلى أن هناك "وعيًا" من جانب السلطات حول "الصعوبات الخطيرة المحتملة على المدى الطويل للبلد"الذي يمثل فيه النفط والغاز أكثر من 95٪ من مداخيل الصادرات. "ومع ذلك، فمن المخاطرة سياسياً أن تُقدم سلطة فاقدة للشرعية على معالجة مثل هذا الموضوع الحساس".
وبالنسبة لموحود فإن "الإصلاحات الاقتصادية ضرورية لكن بشرط مرافقتها بانتقال ديمقراطي حقيقي".
aXA6IDMuMTUuMTQxLjE1NSA= جزيرة ام اند امز