الانتخابات البلدية في تونس.. احتمالات ضعيفة بتغيير التركيبة السياسية
يترشح للانتخابات البلدية الحالية 50 ألفا و720 مرشحا، نصفهم من النساء، ينتمون إلى 2176 قائمة.
قبل أيام على انطلاقها، يحاول التونسيون إقناع أنفسهم بأن الانتخابات البلدية ستأتي بطبقة جديدة من السياسيين، في الوقت الذي لا تنتظر فيه قلة أي تغيير يذكر.
وتعد الانتخابات البلدية التونسية 2018 أول انتخابات بعد الانتفاضة في 2011، ومن المقرر أن تنطلق الأحد 6 مايو/ أيار المقبل تحت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتهدف لانتخاب أعضاء المجالس البلدية في بلديات تونس الـ350.
وكان من المقرر إجراء هذه الانتخابات في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، ثم أجّلت إلى 26 مارس/ آذار 2017، ومنها إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه. وتم الاتفاق بعدها على إجرائها في 25 مارس/ آذار 2018. لكن في النهاية، تم الاتفاق على تاريخ 6 مايو/ أيار للاقتراع العام، على أن يكون تصويت العسكريين والأمنيين يوم 29 أبريل/ نيسان الماضي.
وفتح باب التسجيل للمواطنين قبل الانتخابات عدة مرات في 2016 و2017، وانتهت في 6 يناير/ كانون الثاني 2018. وفي 13 فبراير/ شباط 2018 فتح باب الترشح لتقديم قوائم الأحزاب والمستقلين، ودام ذلك أسبوعا حتى 22 فبراير/ شباط الماضي.
وانطلقت الحملة الانتخابية في 14 أبريل/ نيسان الماضي لمدة 3 أسابيع حتى اليوم الخميس 4 مايو/ أيار. ويبدأ الصمت الانتخابي من الغد الجمعة 5 مايو/ أيار، على أن تعلن النتائج الأولى بين 7 و9 مايو/ أيار 2018.
يترشح للانتخابات البلدية الحالية 50 ألفا و720 مترشحا نصفهم من النساء، ينتمون إلى 2176 قائمة، منها 177 قائمة ائتلافية و1099 قائمة حزبية و897 قائمة مستقلة.
وينص القانون الانتخابي على التناصف بين الرجال والنساء في كل قائمة، وعلى التناصف الأفقي في القوائم الحزبية؛ أي التناصف في رئاسة القوائم داخل الولاية الواحدة، وهو الشرط الذي حال دون ترشح عدد من الأحزاب الصغرى قوائم باسمها؛ فقد لجأت، بدلاً من ذلك، إلى تشكيل قوائم مستقلة أو ائتلافية.
وبحسب توزيع القوائم، فإن المشهد السياسي التونسي سيحافظ في هذه الانتخابات على التنافس ذاته القائم منذ انتخابات 2014، إذ تتصدر حركتا نداء تونس والنهضة المشهد بـ350 قائمة لكل منهما، أي أنهما ستتنافسان في كل البلديات.
وحل ائتلاف الجبهة الشعبية اليسارية بعدهما بـ132 قائمة، ثم حركة مشروع تونس بـ84 قائمة، فحزب التيار الديمقراطي بـ72، وحراك تونس الإرادة بـ47، وآفاق تونس بـ46، والائتلاف المدني (ائتلاف من 10 أحزاب) بـ43، وحركة الشعب بـ40، والحزب الدستوري الحر بـ32، والبناء الوطني بـ20، والحزب الاشتراكي بـ13، وبني وطني بـ9 قوائم، والمبادرة بـ8، والاتحاد الشعبي الجمهوري بـ7، والبديل التونسي (حزب رئيس الحكومة الأسبق، مهدي جمعة) بـ4 قوائم فقط.
وتعكس هذه الأرقام تفاصيل المشهد السياسي الحالي، مع صعود نسبي للتيار الديمقراطي، واقتصار التحالفات الحزبية، بين الجبهة الشعبية اليسارية والائتلاف المدني، على 177 بلدية فقط، وهو ما يعني أن هذه التحالفات لم تنجح في اختراق المشهد السياسي وتغييره.
وباستثناء الجبهة الشعبية التي حافظت على موقعها الثالث، فشلت أحزاب الائتلاف المدني الأخرى في تقديم بديل سياسي ممكن في هذه الانتخابات، مع ترشح أهم مكوناتها الحزبية، مشروع تونس وآفاق تونس والبديل وغيرها، بشكل مستقل، ما سيزيد من اللّبْس لدى الناخبين.
غير أن المفاجأة الحقيقية تمثلت في المستقلين، إذ نجح هؤلاء في تقديم 897 قائمة في مختلف البلديات، أي أنها ستمثل بمعدل 3 قوائم في كل البلديات الـ350، وهو رقم مهم يعكس طبيعة الانتخابات البلدية التي تميل إلى استثمار الشخصيات المحلية والانتماءات العائلية والقبلية والجهوية. وسيكون التنافس بهذا الشكل قوياً بين النهضة والنداء من جهة، والمستقلين من جهة أخرى.