تعتمد الدول والجهات والأشخاص الذين يسعون منذ سنوات إلى هدم النظام العربي وإسقاط الدول وتفتيت المجتمعات، على مواقع التواصل الاجتماعي.
تسعى دول عربية إلى ضبط إيقاع مواقع التواصل الاجتماعي، وفرض عقوبات على التجاوزات والشتائم والسباب واختراق الحياة الشخصية والاغتيال المعنوي الذي تمارسه جهات، على رأسها جماعة «الإخوان» والدول والأشخاص الذين يدعمونها، وكذلك بالطبع هؤلاء النشطاء الذين وجدوا في ساحة الفضاء الإلكتروني مجالاً خصباً لممارسة الابتزاز أو التلفيق أو الخداع.
حتى الآن، لا توجد أي نتيجة إيجابية حققها الإخوان وحلفاؤهم نتيجة العصابات الإلكترونية إلا مزيد من السقوط والسمعة السيئة وابتعاد الناس من ممارسة السياسة، أو حتى ملاحقة أحداثها، بعدما جعلت تلك العصابات السياسة مقرونة دائماً بالانحطاط الأخلاقي والألفاظ السوقية
تعتمد الدول والجهات والأشخاص، الذين يسعون منذ سنوات إلى هدم النظام العربي وإسقاط الدول وتفتيت المجتمعات، على مواقع التواصل الاجتماعي لزرع الفتن، إضافة إلى منصات إعلامية وصحف ومراكز بحثية اعتمدت الأكاذيب والفبركات والتزوير والترويج، أملاً في استعادة زخم «الربيع العربي» بإثارة الغضب بين الناس وتبييض وجوه عناصر النخبة، بعدما احترقت، أو قل اكتُشفت، لكن رغم كل الأموال التي تنفقها قطر، والدعم اللوجيستي الذي يأتي من تركيا، والتآمر الإيراني بهدف التمدد والتوسع، والتحيز والمساندة السياسية والإعلامية التي تتبناها وسائل إعلام غربية، بقي الربيع العربي موصوماً بالسمعة السيئة، وظل «الإخوان» في عقول الناس مجرد أعضاء في جماعة إرهابية تسعى إلى الحكم بكل الطرق، وفقدت قطر أدواراً كانت تحلم بأن تؤديها، وصارت دولة منبوذة وداعمة للإرهاب وحاضنة للإرهابيين، بينما تركيا تعاني أزمتها الاقتصادية، ويستغل الحكم هناك الظروف الإقليمية والدولية لإخفاء أخطائه وإلقاء المسؤولية عن تدهور الليرة وتراجع الاقتصاد على مؤامرت ضده، لمجرد قيامه بحماية الإسلام والدفاع عن الحريات ومناصرة المظلومين!!
على رغم كل النتائج السلبية التي عصفت بـ"الإخوان" وقطر وتركيا وإيران، ما زال ذلك الحلف يطلق الذباب الإلكتروني في كل اتجاه، ويسب ويشتم ويطارد كل معارض للإخوان، أو ناقد لمواقف قطر، أو راصد لأخطاء تركيا، أو كاشف للمؤامرات الإيرانية لإرهابهم أو لاغتيالهم معنوياً. بدت الحال كأن عصابات إلكترونية تشكلت، وصارت من بين أهدافها سرقة الفرحة من عيون الناس والأمن من قلوب البشر والأمل من وجدان الشعوب، التي لفظت «الإخوان» وتصدت لقطر ولا تنطلي عليها ألاعيب تركيا أو مؤامرات إيران.
يهاجم «الإخوان» ومن يحترمون الجماعة ويدعمونها ويمولون نشاطها، بضراوة قانون مكافحة جرائم الإنترنت، الذي أقر في مصر أخيراً ونص على عقوبة سجن لمدة ثلاثة شهور، والغرامة ما بين عشرة وثلاثين ألف جنيه لكل من يزور حساباً إلكترونياً (الإيميل)، والسجن لمدة شهر وغرامة ما بين خمسين ومئة ألف جنيه لكل من يخترق الحسابات الشخصية للآخرين، والسجن لمدة سنتين على الأقل والغرامة من 50 إلى مئتي ألف جنيه لمن يخترق حساباً إلكترونياً لمؤسسة تابعة للدولة، والسجن لمدة ستة أشهر على الأقل، والغرامة من 50 إلى مئة ألف جنيه لكل من يستخدم الفضاء الإلكتروني للإضرار بالقيم الأسرية، وينص القانون أيضاً على عقوبات ضد الأشخاص والشركات التي تستغل قوائم العملاء لديها لبثها إلى جهات أخرى، بما فيها شركات التسويق والإعلانات.
لا يختلف عاقلان على أن السباب والشتائم واختراق الحياة الخاصة للناس واستهداف الدولة والمجتمع وبث الفتنة ونشر الأكاذيب والفبركات.. أمور لا علاقة لها بحرية الرأي أو ممارسة السياسة أو العمل العام، بينما هي في كل المجتمعات المتحضرة، أو حتى الدول التي يقيم فيها «الإخوان» الفارين خارج أوطانهم، جرائم يحاسب عليها القانون، وتخضع لرقابة النيابة العامة ويتعرض مرتكبوها للعقاب. كان الإخوان اعتمدوا، مع هبوب رياح الربيع العربي على المنطقة، تلك الأساليب لخداع الناس وتحريكهم ودفعهم إلى الثورة على أنظمة الحكم، وظلت الجماعة تستنزف الدول الداعمة لها، وعلى رأسها قطر وتركيا وإيران، وتحصل منها على الأموال للإنفاق على لجان إلكترونية إخوانية وذباب إلكتروني انتشر بطول المعمورة وعرضها. حتى الآن، لا توجد أي نتيجة إيجابية حققها الإخوان وحلفاؤهم نتيجة العصابات الإلكترونية إلا مزيد من السقوط والسمعة السيئة وابتعاد الناس من ممارسة السياسة، أو حتى ملاحقة أحداثها، بعدما جعلت تلك العصابات السياسة مقرونة دائماً بالانحطاط الأخلاقي والألفاظ السوقية والشتائم والسباب، وكلها أمور لا تجعل الشعوب تنأى بنفسها فقط عن السياسة، ولكن ترى في ممارستها تعاوناً أو تنافساً مع الإخوان وحلفائهم مسألة مسيئة تضع المتورط فيها في سلة واحدة مع صُنّاع الإرهاب وداعميه.
نقلا عن "الحياة"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة