عام على وفاة إليزابيث الثانية.. العائلة المالكة تعاني
مع حلول ذكراها الأولى، باتت العائلة المالكة في بريطانيا تعاني منذ وفاة الملكة إليزابيث الثانية حالة من التخبط، دفعت الملك تشارلز الثالث إلى التحرك؛ لإنقاذ مستقبل النظام الملكي.
مستقبل بات مهددًا، مع تدني شعبية النظام الملكي، وخاصة بين الأجيال الشابة في بريطانيا، بحسب استطلاع للرأي أجراه المركز الوطني للبحوث الاجتماعية وقت تتويج الملك تشارلز الثالث، أظهر أن 45% من المشاركين طالبوا إما إلغاء النظام الملكي، أو قالوا إنه "ليس مهمًا على الإطلاق" أو "ليس مهمًا جدًا".
ووفقا لصحيفة "التايمز" البريطانية، فإن شعبية العائلة المالكة هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الاستطلاعات، مشيرة إلى أن حالة التخبط التي تعاني منها العائلة المالكة منذ وفاة الملكة إليزابيث الثانية، دفعت الملك تشارلز الثالث إلى عقد قمة مع ويليام وكيت لمناقشة مستقبل النظام الملكي، معترفًا، بالحاجة إلى وضع رؤية أوضح لعهده، في حال أصبح مجرد ملك مؤقت.
لكن الرؤية التي تم طرحها لمستقبل النظام الملكي ــ وهي مزيج من نشاط الكومنولث والمناخ ــ لا توحي بالكثير من الثقة، بحسب الصحيفة البريطانية، التي قالت إن "الكومنولث" باتت منظمة بلا دفة وتفتقر إلى إحساس واضح بالهدف.
تردي الكومنولث
وعلى الرغم من الشعبية الكبيرة للكومنولث، إلا أن انسحاب دول مثل بربادوس وجامايكا من التاج، كان خطوة على تردي الكومنولث، التي باتت تفتقر إلى الشخصية المركزية برحيل الملكة إليزابيث الثانية، التي فعلت الكثير للحفاظ على استمرارها لفترة طويلة.
وترى صحيفة "التايمز"، أن أكثر ما يفتقده قصر باكنغهام هو التقييم الصادق لحجم وطبيعة التحدي الذي يواجه النظام الملكي، مشيرة إلى أنه لا يبدو أن هناك أي فهم حقيقي لسبب تبخر الدعم للمؤسسة بين الشباب، ولا حجم التحديث المطلوب.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإنه بينما كان النظام الملكي أكثر شعبية بين الشباب حتى العام 2013، الذي أعرب فيه نحو 72% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا عن رغبتهم في الاحتفاظ بالنظام الملكي، إلا أنه بعد مرور عقد من الزمن، أصبحت الأمور مختلفة تمامًا؛ فدعم التاج انخفض بين الشباب إلى النصف.
وفي آخر إحصاء أجرته مؤسسة "يوغوف"، أعرب 36% من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما عن دعمهم للملكية، في حين فضل 40% إلغاء الملكية.
ويعود تراجع الدعم للعائلة بين الأجيال الشابة إلى أنها تشعر بأن المؤسسة الملكية كانت على الجانب الخطأ من السياسة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، ناهيك عن النكبات التي تعرضت لها الأسرة على يدي هاري وأندرو.
خفض النفقات
ولفت رحيل هاري وميغان الانتباه إلى مدى الإرهاق الذي تعاني منه عائلة وندسور المتبقية فيما يتعلق بالتزاماتهم العامة اليومية؛ فالملك جورج الخامس ومستشاروه أدركوا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، التي أزالت عروش الكثير من ملوك أوروبا، مدى الحاجة إلى استراتيجية علاقات عامة قوية.
وتوصلوا إلى فكرة قيام العائلة المالكة بأشكال جديدة من العمل المدني والخيري في جميع أنحاء المجتمع كوسيلة لطمأنة الجمهور بقيمتها، وبالتالي تبرير وجودها المميز.
ولاقت هذه النسخة من النظام الملكي نجاحًا كبيرًا ودعمتها إليزابيث الثانية بدورها. وتولت عائلة ملكية كبيرة مكونة من أقارب الملكة الراحلة المباشرين، والعديد من العمات والأعمام وأبناء العمومة الملكيين، القيام بمجموعة كبيرة من الأنشطة في جميع أنحاء المجتمع على نطاق لم يسبق له مثيل.
بيد أنه الآن، وتحت ضغط من الجمهور لترشيد تكاليف الحكم، لم يعد أمام الملك خيار سوى تقليص حجم العائلة المالكة، بحيث يكون عمل النظام الملكي أكثر قابلية للإدارة.
الجدل السياسي
وتقول "التايمز"، إنه يتعين على الملك أن ينظر إلى التجديدات السابقة للنظام الملكي، كتلك التي أشرف عليها جورج الخامس، وأن ينظر فيما يمكنه القيام به لإضفاء بصمته على الحكم وتوسيع قاعدة الدعم للتاج بين الشباب.
ورأت الصحيفة البريطانية، أنه بمقدور تشارلز القيام بذلك عبر تبني دوره بالكامل كرمز لديمقراطية بريطانيا؛ فمنذ ثلاثينيات القرن العشرين، احتفى الملكيون بالملكية البريطانية باعتبارها المدافع عن قيم وحريات بريطانيا الديمقراطية، فثقافة السرية الملكية، أخفت - ولا تزال تحجب - التأثير الذي يمارسه الملك ووريث العرش على صنع القرار الحكومي.
ولإزالة الغموض عن الإجراءات الدستورية الغامضة مثل "موافقة الملكة" (موافقة الملك الآن)، ينبغي على الملك منح المؤرخين القدرة على الوصول إلى أوراق إليزابيث الثانية، حتى يتسنى لهم فهم الدور الذي لعبته الملكة خلف الكواليس.
واختتمت الصحيفة البريطانية، تقريرها بقلها، إن مثل هذه الخطوة الرامية إلى "فتح" الدستور من شأنها أن تعزز شعبية الملكية بشكل خاص بين جيل الشباب الذي أصبح لا يثق على نحو متزايد في الأفراد الذين يديرون البلاد. ومن شأن ذلك أن يجعل الملك مثالاً قوياً للشفافية الديمقراطية والمساءلة.
aXA6IDMuMTM5LjIzNS4xNzcg جزيرة ام اند امز