أكاديميون إماراتيون: لقاء شيخ الأزهر والبابا فرنسيس بداية جديدة لحوار الحضارات
الدكتور مجيب زايد يقول إن العلاقة بين الأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية شهدت في السنوات الأخيرة نقلة غير مسبوقة.
قال أكاديميون إماراتيون وخبراء إن اللقاء الذي جمع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في أرض التسامح دولة الإمارات، يؤسس لحوار جديد بين الحضارات.
وأكدوا أن "لقاء الأخوة الإنسانية" في أبوظبي يعكس تاريخ الإمارات بوصفها "مهدا للتنوع" وأرضا للتسامح، ويفتح أبواب الأمل ويؤسس لمرحلة جديدة، تجتمع فيها قوى الخير والمحبة في مواجهة دعوات الإرهاب والدمار.
وقال الأكاديمي الدكتور خالد صغر المري إن اللقاء بين المرجعيتين الدينيتين يأتي في ظروف صعبة يجتازها المسلمون والمسيحيون معا.
وأوضح أنه "على الجانب الإسلامي توجد جماعات العنف التي حولت الإسلام إلى ما يشبه (الثقافة الطائفية) المغلقة التي لا تقر وجودا لأي جماعة خارجها".
أما في الجانب المسيحي فاللقاء يأتي "في ظل تصاعد موجة اليمين المتطرف في أوروبا، الذي يؤسس مشروعيته الانتخابية والسياسية على الموقف المعاكس لإدماج المهاجرين، خصوصا من المسلمين، ويركز فلسفته الاجتماعية على نزعة الصفاء العرقي، الذي يعكس نزعة الاصطفاء الديني"، مؤكداً أن "الكنيسة الكاثوليكية يمكنها القيام بدور حاسم في الحد من توسع موجة العداء للإسلام والمسلمين في الغرب".
ومن جانبه، قال الدكتور مجيب زايد أستاذ الإعلام بالكلية الإماراتية الكندية إن "عناق الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب والبابا فرنسيس في أرض التسامح الإمارات له رمزية ودلالة على قوة العلاقة التي تجمعهما".
وأضاف أن "هذا العناق بين الرمزين الدينيين يؤكد أن القطيعة التي كانت بين الغرب والعالم الإسلامي في السابق أصبحت شيئا من الماضي".
وأوضح أن "لقاء الأخوة الإنسانية الذي جمعهما يأتي في إطار إعلان الإمارات لعام 2019 عاما للتسامح، من أجل تشييد جسور الحوار والتعايش بين البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم".
وقال إن "العلاقة بين الأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية شهدت في السنوات الأخيرة نقلة غير مسبوقة بدأها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في مارس/آذار2013 عندما بادر بتهنئة قداسة البابا فرنسيس بتقلد رئاسة الكنيسة الكاثوليكية".
وأضاف أن "قداسة البابا والإمام الأكبر يبذلان جهدا مستمرا في الدفاع عن القضايا العادلة ونبذ الصراعات والحروب وتعزيز التعايش بين البشر على اختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية".
واعتبر الدكتور حمد بن صراي أستاذ التاريخ بجامعة الإمارات أن "شيخ الأزهر الشريف أحد العلماء المجددين المستنيرين الذين يستندون إلى علم غزير واسع وثقافة رفيعة، وليس هذا بمستغرب على من تربى في الأزهر وتعلم في (السوربون)، التي حصل منها على الدكتوراه في العقيدة الإسلامية، أن يجمع في فكره بين العراقة والتراث من جهة وبين المدنية والتنوير من جهة أخرى".
وقال: "يؤدي الإمام الأكبر دورا بارزا في إذابة الاحتقان الطائفي في عدد من بلدان العالم الإسلامي وإعادة صياغة علاقة المسلمين بالآخر على الأسس الإسلامية القويمة، التي تؤكد احترام أتباع الأديان السماوية الأخرى، حيث يؤكد فضيلته أن ما يفرق الأزهر عن أي جامعة أخرى هي الرسالة التي يقوم بها في نشر الوعي الديني والمجتمعي".
وأضاف أن الأزهر يمثـل سلطة دينية في العالم الإسلامي، وكان عبر التاريخ رمزا للوسطية والاعتدال، ولعب أدوارا تاريخية مهمة في أحلك الفترات التي مرت بها الأمة، كما ساهم في التصدي لتيارات الغلو في تاريخ الإسلام.
أما الدكتور سالم زايد الطنيجي عضو مجلس الشارقة للتعليم أستاذ الدراسات الإماراتية بكليات التقنية العليا، فيرى أن "شيخ الأزهر أخذ على عاتقه مهمة تحديث الفكر الديني لمواجهة الأيديولوجيات المتطرفة مع دفاعه في الوقت نفسه عن الدين الإسلامي وتراثه الخالد".
وأضاف: "لقد درس في فرنسا وهو منفتح على العالم بصورة لا يستطيع أحد أن ينكرها".
ووقع قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مساء الإثنين، وثيقة "الأخوة الإنسانية" في العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال فعاليات لقاء الأخوة الإنسانية، الذي احتضنه "صرح زايد المؤسس".
الوثيقة أكدت أن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.
وطالبت بوقف دعم الحركات الإرهابية بالمال أو بالسلاح أو التخطيط أو التبرير، أو بتوفير الغطاء الإعلامي لها، واعتبار ذلك من الجرائم الدولية التي تهدد الأمن والسلم العالميين، وتجب إدانة ذلك التطرف بكل أشكاله وصوره.
وركزت على أن ضرورة ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة، والتخلي عن الاستخدام الإقصائي لمصطلح "الأقليات" الذي يحمل في طياته الإحساس بالعزلة والدونية، ويمهد لبذور الفتن والشقاق، ويصادر على استحقاقات وحقوق بعض المواطنين الدينية والمدنية، ويؤدي إلى ممارسة التمييز ضدهم.
ووفقًا للوثيقة، فإن العلاقة بين الشرق والغرب ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات؛ فبإمكان الغرب أن يجد في حضارة الشرق ما يعالج به بعض أمراضه الروحية والدينية التي نتجت عن طغيان الجانب المادي، كما بإمكان الشرق أن يجد في حضارة الغرب كثيرا مما يساعد على انتشاله من حالات الضعف والفرقة والصراع والتراجع العلمي والتقني والثقافي.
ودعت إلى وقف كل الممارسات اللاإنسانية والعادات المبتذلة لكرامة المرأة، والعمل على تعديل التشريعات التي تحول دون حصول النساء على كامل حقوقهن.
واختتمت وثيقة الأخوة الإنسانية بنودها بالدعوة للمصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة لتكون نداء لكل ضمير حي ينبذ العنف البغيض والتطرف الأعمى.