الإمارات في الجامعة العربية.. رسائل سلام تداوي جراح التحديات
بدبلوماسية تتناغم مع الإجماع العربي، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي جعبتها آمال شعوب تنشد الأمن والاستقرار والسلام والتنمية.
دورٌ جسدته الإمارات، بالأمس القريب، عبر مشاركتها بوفد رفيع ترأسه خليفة شاهين المرر وزير دولة، في اجتماعات جامعة الدول العربية التي تتخذ من القاهرة مقرا لها.
فإلى جانب رئاسته وفد الإمارات في اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية في دورته العادية 158، شارك المرر في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب.
مشاركةٌ تأتي في إطار تنسيق المواقف بشأن القضايا المدرجة على جدول أعمال الدورة، وعدد من القرارات المعنية بقضايا العمل العربي المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وحقوق الإنسان والشؤون المالية والإدارية.
وعلى هامش أعمال تلك الدورة، شارك الوزير الإماراتي في اجتماع اللجنة العربية الوزارية المعنية بمتابعة تطورات التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وتضم هذه اللجنة، السعودية رئيسا، وعضوية كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ومصر، والأمين العام لجامعة الدول العربية.
وإلى جانب الاجتماع الخاص بإيران، شارك المرر في جلسة اللجنة العربية الوزارية المعنية بمتابعة التدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتي تضم في عضويتها مصر رئيسا، والإمارات والسعودية والبحرين والأمين العام لجامعة الدول العربية.
اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بالتحرك لوقف الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، كان أيضا ضمن أجندة الوفد الإماراتي.
ويترأس الأردن تلك اللجنة التي تضم في عضويتها، كلا من الإمارات بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن، والجزائر والسعودية وفلسطين وقطر ومصر والمغرب وتونس بصفتها رئيسة القمة العربية.
سيرٌ على نهج المؤسسين
وأكد المرر، خلال الاجتماع، أن الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تعيد التأكيد على استمرار النهج الذي أرساه المؤسسون، في سياستها الداخلية والخارجية، وفي علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة.
وتطرق الوزير المرر إلى ما جاء في كلمة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان التي وجهها لشعب بلاده، يوم 13 يوليو/تموز الماضي.
وأشار إلى أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رسخ وجدد ثوابت القيادة الرشيدة من خلال التأكيد على "أننا نمد يد الصداقة إلى كل دول المنطقة والعالم التي تشاركنا قيم التعايش والاحترام المتبادل، لتحقيق التقدم والازدهار لنا ولهم".
كما أكد أن "دولة الإمارات بنت علاقاتها مع دول العالم على أسس راسخة من حسن التعامل والمصداقية والتعاون البناء وسوف تواصل إقامة شراكات استراتيجية نوعية مع مختلف الدول".
كذلك، عرج المرر على ما جاء في كلمة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بأن سياسة دولة الإمارات ستظل داعمة للسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم، وعونا للشقيق والصديق.
سياسةٌ تأتي "استمرارا في نهج الإمارات الراسخ لتعزيز جسور الشراكة والحوار والعلاقات الفاعلة والمتوازنة القائمة على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل مع العالم لتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع".
في سياق متصل، جدد الوزير خليفة المرر، مشاركة دولة الإمارات، المجتمع الدولي بشأن تداعيات الاضطراب والتوتر المتزايد في الساحة الدولية، على السلام والأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وقال إنه "من الواجب إعادة التأكيد على ما نؤمن به من أهمية التمسك بمبادئ وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية، والعمل متعدد الأطراف، واحترام مبدأ تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية".
كما أكد ضرورة "احترام سيادة الدول واستقلالها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والإيمان الراسخ بأن الدبلوماسية لا تزال الوسيلة الوحيدة والأفضل لحل الأزمات، ودعم اللجوء إلى الحوار والمفاوضات كأداة لا غنى عنها لحل الصراعات القائمة إقليميا ودوليا".
العمل الجماعي والتعاون العربي
وأمام حالة عدم اليقين وازدياد التوتر في المشهد الدولي اللذين يضاعفان من التحديات غير المسبوقة التي تواجهها الدول العربية، حثت الإمارات على لسان المرر، على تكثيف العمل الجماعي وزيادة وتيرة التنسيق والتعاون والعمل العربي المشترك.
كما دعت إلى الإسراع في حل الأزمات التي تعيشها المنطقة، لإعادة التفاؤل والأمل إلى الشعوب العربية من أجل مستقبل أفضل، انطلاقا من تركيز الجهود لدفع أجندة السلام والاستقرار والتنمية والازدهار.
وعلى صعيد تحديات التعافي من تأثير جائحة كورونا، وأزمة الغذاء التي يواجهها العالم وتداعياتها المؤلمة على الدول العربية، وكذلك التغير المناخي وشح المياه، وقضايا الأمن والاستقرار ومحاربة التطرف والإرهاب، أكد الوزير الإماراتي أن هذه الأمور تتطلب عملا عربيا مشتركا جادا وإيجاد حلول عقلانية مبتكرة.
مساحات مضيئة
وللتدليل على ذلك، أشاد الوزير المرر باتفاقية الشراكة الصناعية التكاملية بين الإمارات ومصر والأردن، ووصفها بأنها تشكل نموذجا يحتذى به لتطوير العمل العربي المشترك في معالجة متطلبات التنمية وتحديات التأثيرات السلبية لجائحة كورونا.
كما اعتبر أن اجتماع القادة في قمة العلمين يعد نموذجا بارزا في التنسيق والتشاور العربي لمواجهة تحديات الاستقرار والتنمية في المنطقة العربية.
ولفت إلى أن نجاح دولتين عربيتين في استضافة مؤتمري الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي "COP27" (في مصر)، "COP28" (في الإمارات)، يعد أيضا تجسيدا لإسهام الدول العربية في دفع الأجندة الدولية في معالجة تحديات تغير المناخ.
أمثلةٌ لمساحات مضيئة في العمل العربي المشترك، سردها الوزير خليفة المرر، لتشكل دافعا نحو تحقيق مزيد من الإنجازات في هذه المسيرة.
إيران والجزر الإماراتية المحتلة
في سياق آخر، أشار المرر إلى أن التوترات القائمة على المستوى الدولي يتوجب ألا تنسينا أهمية تعزيز الموقف والعمل العربي المشترك للدفع بحلول سياسية لأزمات المنطقة العربية المستمرة.
وفي هذا الإطار، جدد دعوة دولة الإمارات لإيران إلى الرد الإيجابي على الدعوات والمبادرات المتكررة للحل السلمي لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
فلسطين.. دعمٌ متجذر
فلسطينيا، جدد الوزير التأكيد على موقف دولة الإمارات الثابت في دعم قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين.
كما أكد دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للدفع بعملية السلام، وصولا إلى تحقيق سلام عادل وشامل.
كذلك، أكد دعم الإمارات للدور الذي تضطلع به كل من مصر والأردن للوصول إلى نتائج تلبي تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق وتتجاوز التحديات القائمة في طريق الاستقرار والسلام، تجنبا لتكرار دوامة التصعيد والتوتر والعنف والمواجهات، ومنعا لأي إجراءات أحادية.
اليمن..دعوة لسلام ينهي معاناة شعب
وفي الملف اليمني، رحّب بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، الذي اتفق عليه اليمنيون، وباستمرار الهدنة الأممية، مؤكدا في الوقت ذاته على الدور المحوري للسعودية.
وشدد على أهمية تحقيق وقف شامل مستدام لإطلاق النار في اليمن، والدخول في عملية سياسية تفضي إلى حل سياسي دائم للأزمة.
ودعا المجتمع الدولي إلى دعم الالتزام بالهدنة وممارسة الضغط على مليشيات الحوثي الإرهابية لإجبارها على الالتزام بشروط الهدنة وتلبية متطلبات السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني.
سوريا والعودة لمحيطها العربي
أما سوريا، فشدد الوزير الإماراتي على أهمية إيجاد دور عربي فاعل في جهود الحل السياسي ومساعدة سوريا في العودة إلى محيطها العربي، ورفض التدخلات الإقليمية في البلاد.
ليبيا والحوار الجاد
ليبيا، أشار المرر إلى أن الإمارات أدانت أعمال العنف المسلحة الأخيرة التي شهدتها ليبيا في أغسطس/آب الماضي، ودعت إلى الحفاظ على سلامة المدنيين والمقرات الحكومية والممتلكات.
كما حثت الإمارات- يضيف المرر- على نبذ الفرقة وإعادة التهدئة والحوار الجاد، وتغليب المصلحة الوطنية، لإعادة الأمن والاستقرار في ليبيا.
وإلى جانب ذلك، جدد موقف دولة الإمارات الداعي إلى الحل من خلال عملية سياسية يقودها ويمتلكها الليبيون، ودعمها الكامل لما يحفظ أمن واستقرار ووحدة ليبيا، وتحقيق تطلعات شعبها الشقيق في التنمية والاستقرار والازدهار.
العراق والسودان والصومال.. ملفات لم تغب
وإلى العراق، أكدت الإمارات وقوفها وتضامنها معه في مواجهة التحديات التي يمر بها، وتطلعها إلى عراق مستقر ومزدهر، ودعمها لكل ما يحقق أمنه واستقراره ووحدة أراضيه وسيادته واستقلاله، داعية إلى عدم التدخل في شؤونه الداخلية.
وبخصوص السودان، أوضح الوزير أن الإمارات تتابع تطورات الأوضاع في هذا البلد، وأكد أهمية استمرار جميع الأطراف في الحوار للتوصل إلى تفاهم مشترك من شأنه أن يدفع عجلة المرحلة الانتقالية إلى الأمام.
وحول الصومال، لفت إلى أن دولة الإمارات تهنئ الصومال على تشكيل الحكومة الجديدة، متمنية كل التوفيق والسداد لها لتحقيق الرخاء والازدهار للشعب الصومالي.
في المقابل، أكد الوزير خليفة المرر على نهج دولة الإمارات الثابت في مواصلة العمل من أجل تحقيق السلام، ونشر التسامح والاعتدال والتعايش بين الشعوب، ونبذ العنف والتطرف والكراهية.
كما أكد تغليب لغة الحوار والعقل والدبلوماسية والحلول السياسية بين الدول والتركيز على البعد الإنساني، وبناء جسور التواصل والتفاهم، والقناعة الراسخة بضرورة العمل والتنسيق العربي والإقليمي من أجل منطقة مستقرة ومستقبل مزدهر.