برنامج الإمارات لرواد الفضاء.. "طموح زايد" يلهم العالم
رائد الفضاء هزاع المنصوري ينطلق في رحلة تاريخية على متن مركبة الفضاء الروسية "سويوز إم 15"، من محطة "بايكونور" الفضائية في كازاخستان
"سيكسر أبناء الإمارات حاجزاً جديداً في طموحهم الذي لن تحدّه سماء.. أو فضاء.. ولا توجد قوة تقف أمام إرادة شعب يحب المستحيل".
بتلك الكلمات أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، إطلاق برنامج "الإمارات لرواد الفضاء"، كأول برنامج متخصص لإعداد وتدريب رواد الفضاء في الوطن العربي، وإرسالهم في مهمات مختلفة إلى محطة الفضاء الدولية.
وبعد أقل من عامين من إطلاقه، وخلال ساعات معدودة، سيتحقق الحلم الإماراتي في معانقة الفضاء، مع وصول هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى المحطة الفضائية الدولية، مؤكداً أن المستحيل كلمة لا وجود لها في قاموس الإمارات.
وسينطلق "المنصوري"، خريج الدفعة الأولى من برنامج الإمارات لرواد الفضاء، في رحلة تاريخية على متن مركبة الفضاء الروسية "سويوز إم 15"، من محطة "بايكونور" الفضائية في كازاخستان، الأربعاء، عند الساعة الخامسة و56 دقيقة بتوقيت الإمارات، وسيفتح باب محطة الفضاء الدولية لاستقباله في منتصف الليل تقريباً بعد ساعتين من التحام المركبة بالمحطة بعد إجراء اختبارات الأمان.
رحلة وصفها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، بأنها "ستصنع تاريخاً جديداً في سماء الوطن، وتؤكد دخول دولة الإمارات عالم اكتشاف الفضاء بسواعد أبنائها.. رحلة ستلهم الأجيال المقبلة لتحقيق إنجازات وطنية جديدة".
وبإتمام تلك الرحلة يكون أبناء الإمارات، وعبر برنامج الإمارات لرواد الفضاء، قد نجحوا في صناعة التاريخ، وأكدوا أنهم على قدر ثقة القيادة الرشيدة بإمكانياتهم وقدراتهم وطموحهم اللامحدود.
وخلال أقل من عامين من إطلاق برنامج الإمارات لرواد الفضاء، تمكن من تأهيل وإعداد اثنين من أبناء الإمارات لريادة الفضاء وفقاً لأعلى المعايير، وإرسال أحدهما إلى الفضاء بهدف القيام بتجارب علمية تعود بالنفع على البشرية، مرسخا مكانة الإمارات كشريك عالمي في رحلات الفضاء المأهولة.
برنامج رواد الفضاء.. قصة نجاح
في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، برنامج الإمارات لرواد الفضاء، بهدف تدريب وإعداد فريق من رواد الفضاء الإماراتيين، وإرسالهم إلى الفضاء للقيام بمهام علمية مختلفة، وذلك كأول برنامج متخصص لإعداد وتدريب رواد الفضاء في الوطن العربي.
وتولى مركز محمد بن راشد للفضاء مسؤولية إدارة البرنامج، الذي يُعتبر برنامجاً مستداماً يستهدف تخريج كوادر وطنية من رواد الفضاء، وبدعم كامل من وكالة الإمارات للفضاء.
وجاء إطلاق البرنامج ضمن سلسلة مشاريع ومبادرات دولة الإمارات، التي تسعى إلى تأهيل وبناء كفاءات إماراتية في مجال العلوم المتقدمة، كجزء من استراتيجية دولة الإمارات لإعداد الأجيال الشابة علمياً، لمواجهة التحديات المستقبلية، وتعزيز اقتصاد دولة الإمارات القائم على المعرفة والاستثمار في الصناعات الفضائية وعلوم المستقبل، بما يخدم مصالح الإمارات الوطنية، والمشاركة البنّاءة والفاعلة في الحراك العلمي العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، وبحث آفاق الحياة البشرية في الفضاء، وإمكانية بناء مستوطنات بشرية في كواكب أخرى.
ويحظى برنامج الإمارات لرواد الفضاء بدعم مباشر من صندوق تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، الذراع التمويلية للهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات.
ويعتبر هذا الصندوق الذي أطلق في عام 2007، الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، ويهدف إلى دعم جهود البحث والتطوير في قطاع الاتصالات في دولة الإمارات، وإثراء ودعم وتطوير الخدمات التقنية، وتعزيز اندماج دولة الإمارات في الاقتصاد العالمي.
ومع إطلاق البرنامج، وضع القائمون عليه نصب أعينهم أن يكون محطة رئيسية من محطات سعي الإمارات لتطوير قطاع الفضاء في دولة الإمارات والعالم العربي، وأن يؤسس لمرحلة جديدة من مراحل التميز والريادة، كونه سيعمل على تأهيل كوادر وطنية من رواد الفضاء، يمتلكون الخبرات والمهارات اللازمة لتمثيل دولة الإمارات والعالم العربي في بعثات الفضاء المستقبلية.
وفي إطار تلك الرؤية، وضع البرنامج عدداً من الأهداف سعى لتحقيقها، وهي:
- المساهمة في بعثات استكشاف الفضاء العالمية، من خلال تطوير وإعداد فريق من رواد الفضاء الإماراتيين.
- تحفيز وإلهام الأجيال الشابة على الاهتمام بدراسة مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
- تشجيع ثقافة البحث العلمي، والاستكشاف والابتكار.
- ترسيخ مكانة دولة الإمارات كشريك عالمي في رحلات الفضاء المأهولة.
- دعم رؤية دولة الإمارات من أجل بناء اقتصاد قائم على المعرفة والبحث العلمي.
وعقب إطلاق البرنامج، تم بدء التسجيل الإلكتروني وتقديم الطلبات للاشتراك به، والذي استمر حتى أبريل/نيسان 2018، لتبدأ عملية اختيار المرشحين.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، تم الإعلان عن اختيار هزاع المنصوري وسلطان النيادي من بين 4022 مرشحاً تقدموا بطلبات الالتحاق بالبرنامج، كأول رائدي فضاء إماراتيين، بعد تمكنهما من اجتياز 6 مراحل من الاختبارات الطبية والنفسية المتقدمة، ومجموعة من المقابلات الشخصية، وصولاً إلى اختيارهما للقيام بهذه المهمة التاريخية لدولة الإمارات والعرب .
وفي أبريل/نيسان 2019، أعلن اختيار هزاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى محطة الفضاء الدولية، وسلطان النيادي بديلاً له للمهمة نفسها.
وضمن خطة تكفل توفير الإعداد العلمي والعملي عالي الكفاءة لرواد الفضاء الإماراتيين، عقد برنامج "الإمارات لروّاد الفضاء" شراكات واتفاقيات مع عدد من أهم مراكز تدريب رواد الفضاء في العالم، التي توفر أحدث أنظمة المحاكاة في مجال التدريب الفضائي، كي يُتاح لرواد الفضاء الإماراتيين اكتساب أفضل وأرقى المهارات في هذا المجال.
وخاض هزاع المنصوري وسلطان النيادي 1400 ساعة من التدريب على مدار 18 شهراً، شملت 96 دورة تدريبية خلال مسيرتهما في هذه المهمة.
طموح زايد
وفي يونيو/حزيران الماضي، اعتمد مركز محمد بن راشد للفضاء، بالتعاون مع المؤسسة الاتحادية للشباب، "طموح زايد" كشعار أول مهمة فضاء إماراتية عربية تنطلق إلى محطة الفضاء الدولية.
وجسد شعار المهمة طموح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في وصول أبناء الإمارات إلى الفضاء، خاصة أنه آمن بقدراتهم واهتم بدخول دولة الإمارات العربية المتحدة هذا القطاع، وكانت لديه رؤية بعيدة المدى لقطاع فضاء إماراتي.
وقبل أكثر من 40 عاماً، وتحديداً في عام 1976، كان استقبال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لوفد وكالة "ناسا"، وذلك بعد مهمة "أبولو" التاريخية التي قادت الإنسان إلى سطح القمر، حيث شهد هذا اللقاء العديد من الرسائل المهمة التي عكست رؤية القيادة وطموح زايد، وأكدت أهمية تقدير العلم وأصحاب الإنجازات والإيمان بدورهم في تطور الشعوب والمجتمعات.
وسيحمل هزاع المنصوري "طموح زايد" معه إلى الفضاء، مرتدياً الشعار على كتفه خلال هذه المهمة التاريخية إلى محطة الفضاء الدولية.
ريادة إماراتية.. 16 تجربة علمية
وبوصول هزاع المنصوري إلى المحطة الدولية، ستصبح الإمارات الدولة رقم 19 التي ستساهم في الأبحاث العلمية عن طريق بيانات سيقدمها "المنصوري" مرتبطة بجسم الإنسان وحياته، خاصة أنه سيكون أول رائد فضاء من المنطقة العربية يشارك في هذه الأبحاث.
وسيقضي هزاع المنصوري 8 أيام على متن محطة الفضاء الدولية، ضمن بعثة فضاء روسية، وستحمله مركبة "سويوز أم أس 15"، التي ستنطلق من محطة "بايكونور" الفضائية في كازاخستان، الأربعاء، وسيعود على متن المركبة "سويوز أم أس 12"، الجمعة 4 أكتوبر، حيث ستحدث عملية الانفصال خلال المدار النهائي قبل حوالي 3 ساعات ونصف الساعة من لحظة الهبوط على الأرض.
وسينفذ "المنصوري" 16 تجربة علمية بالتعاون مع وكالات فضاء عالمية، منها الروسية روسكوسموس، ووكالة الفضاء الأوروبية "إيسا"، بينها 6 تجارب على متن محطة الفضاء الدولية، لدراسة تفاعل المؤشرات الحيوية لجسم الإنسان في الفضاء مقارنة بالتجارب التي أجريت على سطح الأرض.
وكذلك ستتم دراسة مؤشرات حالة العظام والاضطرابات في النشاط الحركي والتصور وإدراك الوقت عند رائد الفضاء، إضافة إلى ديناميات السوائل في الفضاء وأثر العيش في الفضاء على البشر.
كما تتضمن المهمة العلمية تجارب تخص المدارس في دولة الإمارات، ضمن مبادرة العلوم في الفضاء التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء، وستسهم هذه التجارب في رفد المناهج الإماراتية بمواد علمية جديدة تكون نتاج المهمة الأولى المأهولة للإمارات إلى الفضاء.
وبهذا سيكون "المنصوري" أول رائد فضاء من المنطقة العربية يشارك في الأبحاث على متن المحطة الفضائية الدولية.
المسيرة مستمرة.. والمهام عظيمة
"طموحاتنا لن تتوقف.. لأن وراءها رجالاً.. وإنجازاتنا لن تتباطأ لأن معها عقولاً وأفكاراً.. ومسيرتنا مستمرة بقوة لأننا لا نلتفت للوراء.. ولا يصل متردد.. ولا ينجح مشكك".. تلك كانت كلمات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن برنامج "الإمارات لروّاد الفضاء" في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017.
كلمات تنبأ بها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بنجاح البرنامج في تحقيق أهدافه، وحدد المسارات المستقبلية له، في إشارة إلى أن وصول رواد الفضاء الإماراتيين لمحطة الفضاء الدولية ليس منتهى الطموح، بل هو بمثابة خطوة أولى ستنطلق منها دولة الإمارات إلى مهام استكشافية في الفضاء الخارجي تشكل إضافة نوعية للإنسانية.
ويعد برنامج "الإمارات لروّاد الفضاء" من أهم مشاريع برنامج الإمارات الوطني للفضاء، الذي أطلقته قيادة دولة الإمارات بهدف تأسيس البنية التحتية لقطاع الفضاء الإماراتي.
كما يعد البرنامج الأول من نوعه في المنطقة كمنظومة علمية وبحثية متكاملة، تتطلع إلى النهوض بمستقبل القطاع الفضائي في دولة الإمارات، والمساهمة في استغلال علوم الفضاء في تطوير تقنيات ترتقي بحياة الأجيال المستقبلية إلى جانب تطوير حلول مبتكرة للعديد من تحديات العصر، بما يسهم في تحسين حياة البشر في كوكب الأرض.
ويتضمن البرنامج إعداد رواد فضاء إماراتيين، وبناء أول مستوطنة بشرية على المريخ في العام 2117، والوصول بمسبار الأمل إلى الكوكب الأحمر في العام 2021، بالتزامن مع اليوبيل الذهبي للإمارات، أي أن البرنامج يأتي ضمن منظومة متكاملة تشكل استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل.
كما أن خريجي البرنامج من الدفعة الأولى (هزاع المنصوري وسلطان النيادي)، وغيرهم من الدفعات اللاحقة، ستقع عليهم مسؤولية المساهمة الفعلية في التجارب العلمية، بحيث يكون لعالمنا العربي بصمته في رفاه ومنفعة البشرية.
نجاح رحلة المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية، هو نجاح منقطع النظير في وقت قياسي لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء، سيسهم بشكل كبير في تحقيق تطلعات دولة الإمارات، لأخذ دور في الاستكشافات العلمية والمشاركة في رحلات الاستكشاف المأهولة مستقبلاً.
كما أن البرنامج بما حققه من نجاحات وإنجازات وامتلكه من خبرات، خلال وقت قصير، يشكل محطة رئيسية من محطات سعي الإمارات لتطوير قطاع الفضاء في دولة الإمارات، ومصدر إلهام في العالم.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMC4yNTIg جزيرة ام اند امز