كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد الألوية بأعلامها المختلفة، ويوصي قادة المعارك بالحفاظ على "العلم" مرفوعاً خفاقاً، ولنا في "غزوة مؤتة" خير مثال،
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد الألوية بأعلامها المختلفة، ويوصي قادة المعارك بالحفاظ على "العلم" مرفوعاً خفاقاً، ولنا في "غزوة مؤتة" خير مثال، وحينها وبعد استشهاد زيد بن حارثة وهو يحمل "الراية"، أخذها جعفر بن أبي طالب بيمينه ومضى يقاتل ببسالة وإقدام، فقطعت يمينه، ليأخذها بشماله، فقطعت هي الأخرى، فاحتضنها بعضديه حتى استشهد، ثم أخذها عبد الله بن رواحة، فقاتل بها حتى قتل شهيدا، ليستلم "الراية" خالد بن الوليد سيف الله المسلول ليحافظ على شموخ العلم، وعلى عزة وكرامة المسلمين في هذه الغزوة.
لست هنا لأسرد تلك القصة التاريخية والتي تعد واحدة من أعظم القصص على مر التاريخ، وإنما لأخذها كمثال، حيث أبتغي منه تبيان مدى أهمية "العلم" وقدسيته منذ القدم، حيث يسعى الجميع للحفاظ عليه، والذي يعد رمزا قدسيا يجب أن يعتز به، وأمانة تسلمناها من آبائنا المؤسسين، وعلينا أن نغرس قيمتها وأهميتها في نفوس الناشئة، وأن نعلمهم منزلة ومكانة العلم.
فـ"العلم" رمز الوطن وعزته وكرامته، وتعبير عن سيادته، ورمز لاستقلاله، ووحدة ترابه وأراضيه، وأي مساس به يعد مساسا بهيبة الدولة؛ فهو ليس مجرد قطعة قماش، بل هو رمز وشعار يعيش فينا، وقلب ينبض في صدور أبناء زايد، لنبذل الغالي والنفيس من أجل أن يبقى عالياً خفاقاً، يرفرف بكل شموخ وفخر عبر التاريخ، وفي كل أنحاء العالم، تروى قصص الأعلام والرايات، وكيف تبذل التضحيات حفاظا على رايات الدول والشعوب.
ويحتفل شعب الإمارات العظيم يوم الخميس بيوم العلم، الذي يصادف الثالث من نوفمبر، ويأتي أيضا تزامنا مع 12 عاماً لتولي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله رئاسة دولة الإمارات، وهو بمثابة تجديد للولاء للقيادة، والانتماء للوطن، واحتفال بالمبادئ والقيم التي رسخها الآباء المؤسسون، الذين التفوا حول العلم بعد رفعه لأول مرة وبألوان أربعة تحكي قصة علم، وتاريخ وطن، ورجالا أفنوا حياتهم لبناء هذا الوطن.
في ذلك اليوم، سيقوم الجميع برفع علم وحدتنا واتحادنا ومجدنا في كل منزل وكل مؤسسة ومدرسة وكل مكان، في وقت واحد، وبقلب واحد نابض بعشق تراب الإمارات، تعبيرا عن الانتماء للوطن، وتقديرا لرمزية ومكانة العلم في قلوب أبناء الدولة، ليشارك الجميع الفرحة بلا استثناء كبار وصغار، مواطنون ومقيمون، ليرفعه الجميع بكل باعتزاز وشموخ فرحين بهذا اليوم، إذ يجسد هذا الاحتفال مسيرة وطن، وإنجازات رجال بذلوا كل ما وسعهم من أجل استمرار المسيرة المباركة.
يوم العلم.. ملحمة إماراتية، تجسد ولاء وانتماء وتضحيات شعب الإمارات قولاً وفعلاً؛ فلن ننسى تضحيات شهدائنا التي تعد مفخرة لنا وللأجيال القادمة، نعم هم شهداء دافعوا عن عرضهم ووطنهم، وقدموا أرواحهم من أجل أن يبقى علمنا شامخا حتى احتضنهم بكل عزة وفخر.
وتقع على عاتقنا أمانة العلم من الذين سلموا لنا الأمانة باقتدار؛ حيث يجب أن يُسلم للأجيال القادمة وهم يدركون جيدا قيمته؛ فاحترام وحب الأوطان من أساس الدين، لذا يجب أن نزرع في نفوسهم رمز الوطن، ونعلمهم كيف علينا أن نقف للعلم احتراما وتبجيلا، ونذكرهم بالتاريخ المجيد لدولة الإمارات الأبية، وتاريخ مؤسسي هذه الدولة وإنجازات ما تحقق خلال الفترة الماضية، وكيفية الحفاظ على مكتسباته والاستمرار على نهج المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وحصاد الإنجازات تلو الإنجاز.
نعاهد الله سبحانه وتعالى أن يبقى علم الإمارات عالياً خفاقاً يرفرف بكل شموخ، وأن نستمر في البذل والعطاء ومضاعفة الجهد لرفعته في جميع المحافل.
فكل عام وعلم إماراتي يرفرف بعز وشموخ، "دام الأمان وعاش العلم يا إماراتنا، رمز العروبة كلنا نفديك، بالدماء نرويك، نفديك بالأرواح يا وطن".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة