ما هو المطلوب من «منظمة البلدان المصدرة للنفط» (أوبك) في اجتماعها الوزاري المقبل نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) في فيينا؟
ما هو المطلوب من «منظمة البلدان المصدرة للنفط» (أوبك) في اجتماعها الوزاري المقبل نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) في فيينا؟ هل المطلوب تثبيت الإنتاج أم خفض الإنتاج أم تحديده أم تقييده؟ هذه هي الكلمات التي بدأت تخرج إلينا يومياً منذ اتفاق قطبي الدول المنتجة للنفط السعودية وروسيا.
منذ ذلك الاتفاق والاجتماعات الثنائية والجماعية تتلاحق وتتسارع لإيجاد أرضية مشتركة بين دول «أوبك» وبينها وبين الدول غير الأعضاء، مثل روسيا وأذربيجان، في محاولة لتعزيز سعر برميل النفط وتحقيق استقراره وخفض الفائض الموجود من النفط الخام في الأسواق العالمية.
حتى يومنا هذا لم يجرِ التوصل إلى آلية لخفض الفائض النفطي وتحديد الكمية المناسبة لإعادة التوازن إلى الأسواق النفطية، علماً أن الحديث كان يدور بداية حول 250 ألف برميل - 750 ألف برميل يومياً. ولم يتحقق بعد توافق حول كيفية توزيع الخفض بين دول «أوبك» ومن ثم وضع سقف للإنتاج وتوزيع الحصص على الدول الأعضاء.
في المقابل، هل يجرِ العمل بتثبيت الإنتاج والعمل بإنتاج كل من «أوبك» وروسيا العائد إلى كانون الثاني (يناير) الماضي؟ المعدل الحالي لإنتاج المنظمة هو في حدود 33.6 مليون برميل يومياً، أي أكثر بنحو 1.6 مليون عن سقف الإنتاج المعمول به في كانون الثاني.
ولهذا السبب يجري تسابق على إدراج الكلمات - تثبيت تحديد تقييد - لكن من دون معرفة التفاصيل، ولهذا السبب يبرز تخوف أيضاً من عدم الوصول إلى اتفاق نهاية الشهر المقبل، في حين ان الجميع متفقون على الخفض والتثبيت، خصوصاً السعودية وروسيا. لكن ماذا عن أعضاء آخرين في «أوبك» مثل إيران والعراق، خصوصاً إذا أصرت إيران على معدل إنتاج يساوي أربعة ملايين أو 3.8 مليون برميل يومياً، ربما لتسجيل موقف فحسب؟ القدرة الحالية لإيران لا تتجاوز 3.6 مليون برميل يومياً ولا يُتوقع ان تصل إلى أربعة ملايين قبل نهاية 2017.
إذا تحقق فعلاً اتفاق على تثبيت الإنتاج عند 32.5 مليون برميل يومياً لدى «أوبك»، ستتحمل السعودية ودول الخليج خفضاً بمقدار مليون برميل يومياً، وستجمد روسيا إنتاجها عند 11 مليون برميل يومياً. هل هذا سيكون كافياً لتعزيز وتثبيت الأسعار واستعادة السعودية قيادتها في إدارة الأسواق النفطية خصوصاً بعد اتفاقها مع روسيا؟
روسيا لن تتعاون من دون اتفاق والتزام من كل أعضاء «أوبك» لدى اجتماعهم نهاية الشهر المقبل في فيينا. وشرط الالتزام أساسي بالنسبة إلى روسيا، فإما اتفاق شامل أو لا التزام. وهذا ما ثبته الطرف الروسي خلال الاجتماع السعودي - الروسي الأخير في الرياض بحضور الرئاسة القطرية لـ «أوبك». لا شك في ان هناك تفاهماً تاماً ومطلقاً بين السعودية وروسيا حول الأمور النفطية لجهة تعزيز أسعار النفط وتحقيق استقرارها وكذلك الأمر بالنسبة إلى بقية أعضاء المنظمة.
يبقى الموقف الإيراني والعراقي حول معدل إنتاجهما الحقيقي وتوقعاتهما المستقبلية وإصرارهما على معدلات حقيقية واقعية أو سياسية لإنجاح مؤتمر «أوبك». الموقف الروسي واضح وصارم حول التزام الجميع.
وقد يصدر قرار المنظمة بتثبيت الإنتاج أو خفضه خلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز ستة أشهر لمعرفة مدى تمكن إيران والعراق من تحقيق قدرتهما الإنتاجية وهي فترة تجربة قد تليها زيادة حصصهما الإنتاجية.
هناك متسع من الوقت - نحو 30 يوماً - للمشاورات الثنائية وترتيب البيت النفطي قبل الاجتماع المرتقب لـ «أوبك». لكن دول مجلس التعاون الخليجي قطعت شوطاً كبيراً في إيجاد الأرضية المشتركة مع روسيا من الكميات الفائضة من النفط في العالم وآليات التعامل معه والكميات المطلوبة في استقرار سعر البرميل وحصة كل دولة.
التفاهم النفطي الروسي - الخليجي على تعـــزيز استقرار النفط والدور السعودي المقبل في إدارة البيت النفطي آت لا محالة وسيفتح صفحة جديدة للتعاون مع دولة نفطية من خارج المنظمة لتسترد الأسعار قوتها وعافيتها في المديين القريب والمتوسط. لكن على بقية أعضاء «أوبك» التعاون وإلا سيخسرون جميعاً، فلا فائدة من التصفيق بيد واحدة. وسيخسرون أيضاً تعاون روسيا. لقد قدمت السعودية ومجلس التعاون كل ما لديهما لإنجاح الاجتماع المقبل، والدور الآن على الآخرين لتمرير قرار جماعي ملزم للجميع. هذا هو الدور المطلوب من منظمة «أوبك».
نقلا عن / الحياة
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة