إن تطوير كرة القدم مسؤولية الجميع فعلينا أن نبدأ بالعصف الذهني لمستقبل الكرة الإماراتية وتطويرها لا سيما أن لدينا عقولا رياضية كبيرة
بعيداً عن نتائج المنتخب في كأس آسيا فتلك مرحلة انتهت، وعلى المعنيين بشؤون الكرة في الإمارات أن يذهبوا إلى أبعد من تقييم كأس آسيا ويتم تقييم آخر 10 سنوات مضت من إنجازات وإخفاقات الكرة الإماراتية لنستخلص منها العبر والدروس، ولنرى هل كنا نتعاطى كرة القدم على أسس وتخطيط مدروسين، أو إن منطق العشوائية والشللية التي تكون بين أعضاء كل اتحاد وما تليها هي التي كانت راجحة؟
إن تطوير كرة القدم مسؤولية الجميع، فعلينا أن نبدأ بالعصف الذهني لمستقبل الكرة الإماراتية وتطويرها، لا سيما أن لدينا عقولا رياضية كبيرة ممكن أن تتولى مناصب رياضية إقليمية أو قارية أو عالمية
وعندما نضع الرؤى والاستراتيجيات يجب أن نضعها وفق المقاييس الإماراتية التي لا تقبل إلا الانفراد بالتميز واستشراف المستقبل، فخطتنا ليس فقط التأهل لكأس العالم 2022 وما بعدها، ولكن نتعدى ذلك إلى التخطيط لبناء فريق ينافس الفرق الأخرى بدءا من كأس العالم 2030، لا سيما ونحن في دولة تشهد إنجازاتها بألا يوجد مستحيل في قاموسها إذا أحسنا الإعداد والتخطيط.
ولنصل إلى مستوى التنافس العالمي المستمر فعلينا أن نتعامل مع كرة القدم كصناعة وليست بالصورة التقليدية المتبعة، من خلال اتحاد ينظم المسابقات ويشرف على المنتخب على الوتيرة التي نراها منذ سنوات.
وإذا أردنا صناعة كرة قدم إماراتية فعلينا ألا نقف بتعديل ما نحن عليه فقط، ولكن علينا أن نتجاوز ذلك إلى ابتكار الحلول ووضع الخطط الجريئة كالدمج بين أكثر من ناد، وإعادة تصنيف الأندية بين أندية أهلية تتبع الحكومات المحلية؛ حيث تهتم بتفريخ اللاعبين وتكون منافساتها فيما بينها، وأندية محترفة بمعنى الكلمة وليس كما هو عليه الحال الآن، بأن لدينا مسمى أندية محترفة دون أن يكون لدينا اللاعب "الحريف".
ونعني بالأندية المحترفة هي أن نخرج من الإطار التقليدي الذي انعكس سلباً على النتائج الأخيرة لمنتخبنا، وألا نتردد باتخاذ قرارات مدروسة وجريئة كزيادة عدد اللاعبين الأجانب حتى لو لعب 6 لاعبين في الفريق، وهذا لن يناقض إعطاء اللاعب المواطن فرصة المشاركة في المسابقات المحلية؛ لأن احتكاك اللاعبين المواطنين ولو كان عددهم قليل مع مستويات كبيرة من اللاعبين الأجانب سيؤدي إلى استخلاص العصارة المميزة للمنتخب الوطني، كما أن طموحنا لن يتوقف عند ذلك، ولكن العمل على تصدير اللاعبين المواطنين لأن يلعبوا خارج الدولة وذلك كجزء من تعاملنا مع الكرة كصناعة نحقق من خلالها المصالح الاقتصادية وغيرها من المصالح الوطنية العليا، ومن ضمن الرؤى لتحقيق ذلك هو التعامل مع الكرة من خلال عقول تجارية وإدارية محترفة تستثمر في كل صغيرة وكبيرة في الكرة، أما العقول الكروية فهي فقط المسؤولة عن النواحي الفنية للفريق.
حتى الأندية المحترفة يجب أن يوضع لها المعايير الصارمة لأن تكون أندية تحقق البطولات العالمية، ولا يبرر عدم الوصول للمنافسات العالمية لقلة العدد، فالتطور في عالم المواصلات والتقنيات الحديثة وما ستصل له خلال سنوات قليلة مقبلة أثبت عدم مصداقية هذه الفرضية، وهذا ما أثبته الواقع العملي الذي نعيشه، كيف أن بعض الأندية في إسبانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها لها جمهور من خارج دولهم تتابعهم وتنفق الملايين على كل ما يمت لها بصلة.
كما أن قوانين الفيفا قابلة للتطوير والتي قد تتجاوز مرحلة بأن تنظم كل دولة في العالم البطولات الكروية لأنديتها، فأينما تكون المكاسب المالية تكون الفيفا، فلهذا قد يتم استحداث بطولات؛ حيث تصنف الأندية على مستوى إمكانياتها وميزانياتها ورغباتها في الانضمام إلى بطولات تحت مسميات مختلفة يتم إشرافها من الفيفا تستقطب جماهير عالمية من كل أصقاع المعمورة.
ولا يمكن لأي عمل أن يتطور ما لم يكن هناك استشراف للمستقبل، ولأن دولة الإمارات تحتضن جنسيات عديدة فعلينا أن نستقطب اللاعبين الصغار من جنسيات مختلفة في المدارس الكروية ولو كان بمقابل رسوم، ويمكن أن يستفاد من هؤلاء اللاعبين حتى في عملية انتقالهم لأندية أخرى خارج وداخل الدولة، وذلك بمقابل يستفيد منه الجميع، سواء النادي الذي يتبنى مواهبه، بالإضافة إلى اللاعب نفسه؛ حيث يتم ضمان مستقبل كروي له، ولا نستبعد أن يتطور ما نطرحه هنا إلى أن اللاعب في المستقبل سيمارس كرة القدم على أساس هويته الكروية التي يختارها وفق أنظمة الفيفا وليس وفق الهوية الوطنية لأية دولة، وهذا الأمر ليس مستبعدا عن الفيفا التي تتعامل مع الكرة كصناعة تستثمر من خلال الأموال الطائلة، وعلينا أن نستعد وأن نكون السباقين كما هو حال الإماراتي دائماً، وأن نبادر بالاهتمام بكرة القدم الإلكترونية بعد أن غزت التقنيات الحديثة كل شيء.
إن تطوير كرة القدم مسؤولية الجميع، فعلينا أن نبدأ بالعصف الذهني لمستقبل الكرة الإماراتية وتطويرها، لا سيما أن لدينا عقولا رياضية كبيرة ممكن أن تتولى مناصب رياضية إقليمية أو قارية أو عالمية، إضافة إلى الكثير من الشخصيات المهتمة في تطوير وصناعة الكرة الإماراتية.
وقد يكون الوقت حان أن يتدخل الرجل الذي ارتبط اسمه بالعديد من الإنجازات الكروية المتميزة، وهو سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان ويشرف على ملف تطوير الكرة الإماراتية كصناعة وطنية بامتياز، وهو الذي يحوز على ثقة الجميع للنجاح في هذه المهمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة