حسب مراقبتي لجماعة الإخوان أجد بمنتهى الوضوح أنهم في غيّهم يعمهون، ولم يستفيدوا من تجارب فشلهم وإخفاقاتهم
فشلت جماعة الإخوان عندما حكمت مصر فشلاً ذريعاً، واتضح أنهم بلا رؤية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ولولا تدخُّل الجيش لالتحقت مصر ببقية الدول العربية التي دمرها ما كان يسمى الربيع العربي, غير أن الإخوان الخلّص، أو المتأخونين المتعاطفين معهم ما زالوا يُصرون على أن فشلهم كان نتيجة مؤامرة خارجية، وليس بسبب إخفاقهم في إدارة شؤون الدولة.
والتذرُّع بالمؤامرة ذريعة الفاشلين، مثلهم مثل التلميذ البليد عندما يرسب في الاختبار يُلقي بالمسؤولية على المعلم، مبرئاً نفسه من المسؤولية.
كما أن المتأسلمين مهما كانت مذهبياتهم ليس في قواميس أدبياتهم تنمية الإنسان ورفاهيته وتطويره، قدر ما أن أولوياتها التوسع قدر الإمكان، والحث على الزهد وشظف العيش حتى وإن مات نصف الشعب من الفاقة والجوع والحياة البائسة الفقيرة، وهذه في خطابهم السياسي من ميزات الإنسان القويم الصالح
وذريعة المؤامرة هي دائماً وأبداً ذريعة من لا يريد أن يواجه أسباب وبواعث فشله مواجهة عقلانية وموضوعية، فالدولة الحديثة المعاصرة أصبحت اليوم كائناً مستقلاً مثلها مثل الإنسان، فالإنسان الذي لا يريد أن يتلمس أمراضه وسلوكياته غير السوية، ويسعى إلى علاجها، ستكون نهايته الحتمية وخيمة، والأمر نفسه ينطبق على الدول المعاصرة أيضاً، فأي دولة إذا لم تتلمس أسباب إخفاقاتها، وتصر على سلوكياتها الخاطئة، ولا تكترث بمن ينتقدونها، فإن مصيرها الحتمي الفناء.
وحسب مراقبتي لجماعة الإخوان أجد بمنتهى الوضوح أنهم في غيّهم يعمهون، ولم يستفيدوا من تجارب فشلهم وإخفاقاتهم، لذلك أجزم متيقناً أن مصيرهم إلى الزوال من المسرح السياسي، طالما أنهم يرفضون أن يعترفوا بأخطائهم، ويراجعون تجربتهم بعقلانية بعيداً عن العواطف.
والأمر كذلك ينطبق على الفصيل الموازي لجماعة الإخوان، وهو جماعة الولي الفقيه في إيران. هذا النظام يعيش منذ انفجار الثورة ضد الشاه تجربة فاشلة تثبتها الأرقام التي لا تكذب، ربما تستمر هذه التجربة بعض الوقت، لكن مصيرها الفشل في نهاية المطاف.
كما أن المتأسلمين المسيسين سواء سنة كانوا أو شيعة لا يؤمنون بالأوطان لأنهم يعتبرون أنفسهم مرسلين إلى (أمة الإسلام) بكاملها أينما كانت، وبالتالي فأينما كان الإسلام فهم معنيون به، فتجد نشاطاتهم تمتد إلى كل مكان يوجد فيه مسلمون، ففي أدبياتهم أينما وجد الإسلام فتلك حدودنا، أي أنهم بلغة العصر يدعون إلى دولة إمبريالية، لا تحدها حدود، وليس لها حيز جغرافي معروف، لذلك فإيران لا تتحدى دول الجوار فحسب، وإنما تتمرد على أسس القانون الدولي برمته، فتدخلاتها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان تشير وتؤكد بوضوح إلى ما أقول، كما أن المتأسلمين مهما كانت مذهبياتهم ليس في قواميس أدبياتهم تنمية الإنسان ورفاهيته وتطويره، قدر ما أن أولوياتها التوسع قدر الإمكان، والحث على الزهد وشظف العيش حتى وإن مات نصف الشعب من الفاقة والجوع والحياة البائسة الفقيرة، وهذه في خطابهم السياسي من ميزات الإنسان القويم الصالح.
ويبدوا أن الأمريكيين عازمون هذه المرة على كبح جماح الخمينيين وتقليم أظافرهم، متخذين من الحصار الاقتصادي منهجاً لهم، وقد يتحمل الإيرانيون برهة من الزمن، ويتحايلون على الحصار، لكن مثل هذه الأساليب تنهك البنية التحتية للدولة مع الزمن، ويجعل القدرة على المقاومة تضمحل وتضعف، كما أن أذرعتها التوسعية هي الأخرى تضعف وتتآكل، وفي النتيجة يكون أمامها أمران لا ثالث لهما: إما الخضوع لشروط المجتمع الدولي وإما الزوال.
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة