الإمارات والكويت.. محطات تجسد الأخوة الراسخة والتاريخ المشترك
شباب الإمارات أبدع في احتفائه مع الأشقاء في الكويت بذكرى الاستقلال والتحرير في تجسيد للعلاقات الأخوية بين الشعبين.
يحتفل الكويتيون بالذكرى الثامنة والخمسين للاستقلال التي تحل غدا الإثنين، والذكرى الثامنة والعشرين على التحرير التي تحل بعد غد الثلاثاء، وهم يستذكرون الدور البطولي للإمارات في الوقوف إلى جانب بلادهم خلال محنة الغزو العراقي عام 1990وصولا للتحرير.
شباب الإمارات أبدع في احتفائه بتلك المناسبة الهامة لأشقائه في الكويت، لتتحول ذكرى الاستقلال والتحرير إلى احتفالية مشتركة تجسد علاقات الأخوة التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما تلو الآخر.
وتحتفل دولة الكويت في 25 فبراير من كل عام بعيدها الوطني وهو ذكرى استقلالها من الاستعمار البريطاني قبل 58 عاما، وتحتفل في 26 فبراير بعيد التحرير بمناسبة ذكرى تحريرها في 26 فبراير 1991 من الغزو العراقي في 2 أغسطس 1990.
إبداع إماراتي
الإمارات قيادة وشعبا شاركت الكويت الاحتفاء بتلك المناسبة الهامة، حيث بعث الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، برقية تهنئة إلى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وذلك بمناسبة اليوم الوطني وذكرى التحرير لبلاده.
وبعث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، برقيتي تهنئة مماثلتين إلى الشيخ صباح.
أيضا حول أهل الإمارات موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إلى منصة تهاني إلكترونية لأشقائهم في الكويت بتلك المناسبة.
وفي إبداع يجسد عمق العلاقة بين البلدين، أهدى شعب الإمارات إلى الكويت وشعبها عملاً فنياً مبتكراً، عبارة عن لوحة محفورة على الرمال تحمل صورة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، بعنوان "أمير الإنسانية".
وتعد اللوحة الفنية أكبر لوحة من نوعها محفورة على الرمال في العالم، وتبلغ مساحتها أكثر من 170 ألف قدم مربع، وهي مرشحة لدخول موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية.
ويمكن رؤية العمل الفني الضخم من الفضاء الخارجي، حيث التقط القمر الصناعي الإماراتي "خليفة سات"، صورة للوحة التي بدت تفاصيلها واضحة، ليصبح الأمير الشيخ صباح الأحمد أول إنسان يمكن رؤية صورته من الفضاء.
ونشر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في حسابه الرسمي عبر موقع "تويتر"، فيديو لمجموعة من الشباب المواطنين خلال قيامهم برسم صورة الشيخ صباح، في أكبر لوحة محفورة على الرمال في العالم، وغرد قائلا: "حب الكويت وأهل الكويت محفور في أرضنا، ومحفور في قلوبنا، ومحفور في تاريخنا، كل عام وكويت المحبة وأميرها أمير الإنسانية في عزة ورفعة وسلام".
أيضا في مشهد يجسد أسمى معاني المحبة والتلاحم بين الشعبين الإماراتي والكويتي، استقبلت مطارات دبي والشارقة المسافرين القادمين من دولة الكويت بالأعلام والورود؛ احتفاءً بمناسبة اليوم الوطني الـ58 لدولة الكويت.
مواقف بطولية
لا تنسى الكويت وأهلها وقفة الإمارات وجيشها الباسل إلى جانبهم في محنة الغزو العراقي عليها عام 1990 والشهور التي تلتها وصولاً إلى تحريرها، حيث قدّمت الإمارات ثمانية شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
كان الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في يوم الثاني من أغسطس 1990 بمدينة الإسكندرية المصرية، عندما جاءت أنباء الغزو العراقي للكويت، فأسرع بإجراء مباحثات عاجلة مع الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك، وتوجه عصر اليوم نفسه إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية للتشاور مع خادم الحرمين الشريفين آنذاك الملك فهد بن عبدالعزيز.
وفي صباح اليوم التالي، عاد إلى أبوظبي وأصدر أمراً بإلغاء احتفالات عيد الجلوس الرابع والعشرين الذي يصادف يوم 6 أغسطس، كما كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، من أوائل القادة العرب الذين استجابوا لطلب الرئيس المصري بعقد قمة عربية طارئة لمناقشة الغزو العراقي للكويت.
واستضافت دولة الإمارات عشرات آلاف من الأسر الكويتية على أرضها، إضافة إلى قراره بمشاركة القوات الإماراتية في حرب تحرير دولة الكويت.
وبعد تحرير الكويت، أكد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في الثامن من سبتمبر عام 1991 في لقاء جمعه مع الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت آنذاك، أن الإمارات ستسهم في دعم الكويت لتعود إلى دورها الرائد ما قبل تعرضها للغزو العراقي.
علاقات راسخة
لم تكن وقفة الإمارات إلى جانب الكويت خلال محنة الغزو، سوى محطة من محطات عديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وكانت العلاقات الإماراتية الكويتية ترسخت منذ ما قبل قيام اتحاد دولة الإمارات، حيث تحتل الكويت مكانة خاصة في ذاكرة الإماراتيين وقلوبهم، من خلال المساهمات النوعية التي قدمتها دولة الكويت لأبناء الإمارات في قطاعات حيوية عدة، في مقدمتها التعليم والصحة.
وترسخت هذه العلاقة أكثر فأكثر على مدى السنوات، وتعمّقت وشائج القربى بين الشعبين بعد قيام الاتحاد على يد الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وحافظت العلاقة التاريخية على متانتها وثباتها في ظل القيادة الرشيدة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت.
وشهدت العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والكويت الشقيقة محطات بارزة، أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخها والمضي بها قدما سواء على المستوى الثنائي أو من خلال مسيرة مجلس التعاون بما يعود بالخير على البلدين الشقيقين.
وعلى الصعيد السياسي، تشهد العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والإمارات تطورا ملحوظا يعكسه التنسيق المتبادل بين الجانبين في المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وشكل توقيع اتفاقية إنشاء لجنة عليا مشتركة للتعاون الثنائي بين البلدين في عام 2006، تحولا مهما في حجم العلاقات الدبلوماسية السياسية بين البلدين.
وتعكس العلاقات الاقتصادية القائمة بين البلدين حالة التكامل والشراكة ووحدة الهدف والمصير، حيث تعمل الدولتان على زيادة التبادل التجاري وتعزيز تلك العلاقات في مختلف المجالات الصناعية والتجارية والاستثمارية في القطاعين الخاص والعام، ما ينبئ بمستقبل زاهر ينتظر مسيرة هذا التعاون الذي يصب في خدمة البلدين والشعبين الشقيقين.
قفزات تنموية
التاريخ الحقيقي لاستقلال الكويت كان في 19 يونيو/حزيران عام 1961 في عهد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح، لكن في 18 مايو عام 1964 تقرر تغيير ذلك اليوم ودمجه مع يوم 25 فبراير الذي يصادف ذكرى جلوس الأمير الراحل عبدالله السالم الصباح؛ تكريما له ودوره المشهود في استقلال الكويت وتكريس ديمقراطيتها، ومنذ ذلك الحين والكويت تحتفل بعيد استقلالها في 25 فبراير من كل عام.
ومنذ فجر الاستقلال وحتى اليوم، أنجزت الكويت الكثير على طريق النهضة الشاملة، سواء على الصعيد السياسة الخارجية أو الداخلية.
خارجيا، سعت الكويت منذ استقلالها إلى انتهاج سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة آخذة بالانفتاح والتواصل طريقا وبالإيمان بالصداقة والسلام مبدأ.
وحرصت الكويت أيضاً منذ استقلالها على تقديم المساعدات الإنسانية، ورفع الظلم عن ذوي الحاجة، حتى بات العمل الإنساني سمة من سماتها، وتم منح أمير الكويت لقب (قائد للعمل الإنساني) من قبل الأمم المتحدة في سبتمبر 2014.
لم يقتصر نجاح أمير الكويت عند السياسة الخارجية فقط، بل استمر هذا العطاء والنجاح على الصعيد الداخلي، إذ حرص على تبني رؤية شاملة وعميقة للتنمية في الكويت، تشمل مختلف القطاعات في الدولة وعلى رأسها القطاع الاقتصادي.
وتأتي ذكرى الاستقلال والتحرير في مرحلة تشهد فيها الكويت قفزات تنموية ونهضة شاملة، وتمضي قدما نحو التقدم والازدهار في ظل قيادة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، مستندة إلى إرث كبير وتاريخ مشرف ومتطلعة إلى مستقبل مشرق واعد لكل أبنائها.