الحدث كبير بلا شك، وهو يسير وفق الجدول الزمني الذي تم وضعه رغم التحديات الحالية التي يدركها الجميع والناتجة عن تداعيات فيروس كورنا “
تتجه أنظار العالم غداً الأربعاء، بعد منتصف الليل تحديداً، إلى مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان؛ الذي سيشهد انطلاق "مسبار الأمل" في مهمته التاريخية لاكتشاف إن كان المريخ مناسبا ليعيش عليه الإنسان، بعد أن أصبح كوكب الأرض يعاني من الكثافة السكانية ومن نقص في الموارد الطبيعية.
وبما أن عددا من دول العالم أرسلت قائمة لا بأس بها من البعثات لاستكشاف المريخ الذي ما يزال غامضاً وصعباً، فإننا لو وسعنا دائرة هذا الحدث الملفت للمراقبين في كل أنحاء العالم يمكننا أن نطلق عليه مشروع كل الشعوب العربية ومن تجسدهم القيادة الإماراتية، إذ تعيد إحياء تاريخ العرب الزاخر بالإنجازات العلمية في عهود ماضية.
الحدث كبير بلا شك، وهو يسير وفق الجدول الزمني الذي تم وضعه رغم التحديات الحالية التي يدركها الجميع والناتجة عن تداعيات فيروس كورنا “كوفيد 19”، وبالتالي سيكون من الطبيعي أن يخطف أنظار العالم وتبهرهم هذه الخطوة الإماراتية لمرتين.
هذا المشروع يمثل كل الشعوب العربية وليس الإماراتيين فقط، وبالتالي فإن الصورة طُبعت في أذهان الآخرين عن العرب ليست كما رسمها الإعلام الغربي عنا أو التي قدمها بعض العرب.
المرة الأولى: أنها كانت من أنجح الدول في إدارة أزمة كورونا وكانت تدير الأزمة باقتدار بسبب حضورها العالمي واهتمامها بمساعدة الناس بالخروج منها بأقل التكاليف، وتفوقت على العديد من دول العالم المتقدم وأعطت دروساً يمكن أن تكون تجارب لكيفية إدارة الازمات.
وفي المرة الثانية: أنه رغم المعاناة الدولية والشكوى من تداعيات كورونا، إلا أنها تثبت التزامها بما وعدت به المجتمع الدولي بأن تطلق المسبار وفق الجدول الذي وضعته، وهو مؤشر مهم في مسألة كسب الثقة الدولية في الإيفاء بالالتزامات والوعود، مع أنه لو تأخرت لم يكن لأحد ليلوم أو يعاتب.
الحديث عن غزو الفضاء وإرسال البعثات الاستكشافية كان يقتصر في السابق على الدول الكبرى وهي اقتصرت في البدايات على الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي "روسيا حالياً"، وعندما توسعت دائرة التنافس كانت الدول التي أرسلت بعثاتها هي تلك المعروفة بمزاحمتها للدول الكبرى في موقعهم العلمي مثل: الصين والهند ودول الاتحاد الأوروبي، إلا أن دولة الإمارات كسرت هذا الاحتكار وصار غزو الفضاء أحد المشاريع في خططها العلمية والتنموية، وهي بذلك تشارك دول العالم المتقدم التأثيرَ في التحولات الكبرى.
وفي حين يعيد هذا الحدث الإماراتي – العالمي تقديم الإنسان العربي إلى باقي شعوب العالم في أن حضارته الإنسانية واهتمامه بالعلوم وصناعة المستقبل لا يقل عنها، فإنه يؤكد أن هذا المشروع يمثل كل الشعوب العربية وليس الإماراتيين فقط.
وبالتالي فإن الصورة التي طُبعت في أذهان الآخرين عن العرب ليست كما رسمها الإعلام الغربي عنا أو التي قدمها بعض العرب - وهم فئة قلة - من المتطرفين وكارهي الحياة، بل إن أغلب شعوب هذه المنطقة ينحازون كما غيرهم من الشعوب نحو ما يخدم الإنسانية.
يمكننا من هذا الحدث الاستنتاج أنه في حضور الإرادة فإنه لا يوجد المستحيل ودولة الإمارات مليئة بالعديد من القصص التي تبدو للكثيرين أنها مستحيلة ولكن إصرار وعزيمة قيادتها تتفوق عليها. ومنها كذلك، أن لدولة الإمارات "بوصلة" تسير عليها وتعمل من أجل تحقيق أهدافها وهي تنتقل من مرحلة إلى أخرى بكل سلاسة وانسيابية، حتى لو تخللتها بعض العراقيل، فإنه يتم تجاوزها بسهولة نحو الهدف الأساسي.
الانبهار العالمي في إطلاق "مسبار الأمل" تحقق كما في غيره من الأحداث الإماراتية، لكن الشيء الذي ينبغي التأكيد عليه هو أن حضور دولة الإمارات في صناعة مستقبل البشرية لم يعد أقل من حضور أي دولة في العالم؛ ويشهد لها سجلها المليء بالقصص والتجارب الناجحة في هذا المجال.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة