مسؤول بـ"ناسا" لـ"العين": الإمارات الوحيدة عربيا التي نتعاون معها
بوابة "العين" الإخبارية تحاور جيم ويلسون المنسق العام لبرنامج اكتشاف المريخ في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا".
تبدأ وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أول الخطوات العملية لغزو كوكب المريخ العام المقبل، بإرسال مركبات المؤن والملاجئ اللازمة للحياة البشرية لرواد الفضاء، الذين من المقرر أن تطأ أقدامهم للمرة الأولى الكوكب الأحمر بحلول 2030.
ومنذ الإعلان العام الماضي عن نية ناسا إرسال بشر لكوكب المريخ والحديث لم ينقطع في الأوساط العملية والبحثية عن هذه الخطوة، التي تعد الأضخم في مجال غزو الإنسان للفضاء، ليس لوكالة الفضاء الأمريكية فحسب، بل للإنسانية كلها، وذلك بعد خطوة إرسال بشر إلى القمر وعودتهم سالمين إلى الأرض في ستينيات القرن الماضي.
بوابة "العين" الإخبارية التقت جيم ويلسون، المنسق العام لبرنامج اكتشاف المريخ بالمقر الرئيسي لوكالة ناسا بواشنطن، للوقوف على آخر استعداداتها لإرسال البشر إلى المريخ، حيث كشف أنه تجرى حاليا تجارب لزراعة الخضراوات في تربة شبيهة بتربة المريخ، دون التأكد بعد من إمكانية الزراعة على الكوكب الأحمر بعد.
وأكد ويلسون أن ناسا لديها برنامج تعاون بالفعل مع حكومة دولة الإمارات لإرسال مسبار إلى المريخ بحلول 2020، موضحا أن كندا والهند ووكالة الفضاء الأوروبية تتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية لإرسال البشر إلى المريخ وعودتهم سالمين. وإلى نص الحوار:
بداية.. ما آخر استعدادات ناسا لغزو المريخ؟
الاستعدادات في ناسا لرحلة المريخ تجري على قدم وساق، حيث نولي أهمية قصوى لبرنامج استكشاف المريخ، وسنبدأ العام المقبل (2018) في إرسال مركبات لكوكب المريخ تحمل المؤن والملاجئ اللازمة للحياة البشرية لرواد الفضاء الأوائل، ولدينا بالفعل أسطول من المركبات الفضائية الروبوتية روفر على سطح المريخ وحوله، لدراسة كل المتغيرات على الكوكب الأحمر، وقد حددنا بالفعل أهم مواقع الهبوط المرشحة على سطح الكوكب الأحمر لاستقبال الرحلة البشرية الأولى والمقرر لها 2030، والتي سوف تنطلق في الغالب من قاعدة كاب كانافرال بشرق ولاية فلوريدا على ساحل المحيط الأطلنطي.
الرحلة للمريخ ستنطلق بعد 13 عاما.. فما الخطط التي يتم العمل عليها لتلك الخطوة؟
لقد أرسلنا آلاف البعثات الروبوتية على مدار الأربعين سنة الماضية منذ انطلاق برنامج استكشاف المريخ برحلات فايكنج عام 1976، فضلا عن عمليات إرسال مسبار لاستكشاف الكوكب الأحمر بشكل ناجح في اعوام 1996 و2004 و2012، ولدينا أطنان من العينات المريخية بالفعل التي عادت بها تلك البعثات، ونحن نتعلم كثيرا من هذه البعثات التي ستفتح الباب واسعا أمام غزو البشر لكوكب المريخ.
ونستقبل يوميا آلاف البيانات من الكوكب يعكف على دراستها فريق المريخ وتحليلها لتسهيل مهمة رواد الفضاء الأوائل على المريخ، وتقريبا لدينا حلول لكل مشاكل تأمين عوامل الحياة لرواد الفضاء الأوائل، لكننا نطمح لحلول أفضل، وناسا لديها خطط للتغلب على مشاكل المناخ وتوليد الأكسجين فضلا عن توفير المياه والغذاء اللازمان للحياة البشرية على الكوكب الأحمر القاحل، كما أننا سنرسل المركبة الفضائية أوريون المأهولة لاستكشاف كويكب في منتصف المسافة تقريبا بين القمر والمريخ بحلول 2020، لتصبح تلك هي أبعد نقطة فضائية يصل إليها البشر، ثم تعود المركبة إلى الأرض بعد ذلك مع العينات، وفضلا عن أغراض الكشف العلمي للكويكب فإن الرحلة ستكون تجريبية لقياس مدى قدرة وكالة الفضاء الأمريكية بشكل عملي على إرسال بشر إلى المريخ وإلى الفضاء السحيق بعد ذلك.
ما أبرز تحديات رحلة المريخ؟
لدينا تحديات كبيرة، أبرزها طول مدة الرحلة، حيث تستغرق الرحلة لكوكب المريخ وفق معدلات السرعة الحالية للمركبات الفضائية ما بين 6 إلى 8 شهور ذهابا فقط، أي أن المسافة ذهابا وعودة قد تستغرق 16 شهرا، وهي فترة طويلة جدا، لم نكن واثقين من قدرة البشر على تحمل مثل هذه الرحلة، لكن في العام الماضي حطم رائد الفضاء الأمريكي سكوت كيلي الرقم القياسي للمكوث في الفضاء بشكل متواصل حيث قضى نحو 521 يوما في محطة الفضاء الدولية، وهي فترة أطول قليلا من رحلة المريخ ذهابا وعودة، وهو الأمر الذي سيسمح لنا بتطوير أفكارنا حول قدرة البشر على المكوث في الفضاء مدة طويلة.
وأهم التحديات الأخرى تتمثل في الحمولة الثقيلة للمركبات الفضائية المرشحة لرحلة المريخ، وتحديات انطلاق المركبة الفضائية من المريخ إلى الأرض دون مساعدة أرضية، وتحديات توفير الهواء للتنفس، والماء للشرب، والمواد الغذائية لتناول الطعام. إلى جانب ضمان الحماية من الغبار والإشعاع في الفضاء وعلى سطح المريخ، فضلا عن تأمين احتياجات الطاقة، لكني أؤكد أن العلم خلال السنوات الأخيرة قفز قفزة كبيرة، ونحن لدينا تصورات لحلول لكل هذه المشاكل، لكننا نطمح لحلول أفضل لضمان أكبر قدر من أمن وسلامة طاقم رحلة المريخ.
هناك حالة من الهوس العام بالكوكب الأحمر لأسباب عديدة.. آخرها فيلم "المريخي" للنجم مات ديمون، فالجميع يتساءل الآن هل ستكون للبشر مستعمرة تحفظ تواجدا بشريا دائما على الكوكب الأحمر؟
(ضاحكا).. الأفلام مثل "المريخي" التي تتناول استكشاف البشر للفضاء تزيد من حالة اهتمام الرأي العام بعملنا وشغف ملايين البشر حول استكشاف العوالم الجديدة هو صفة بشرية أصيلة ترتبط بالبشر على مدار التاريخ الإنساني، ومثل تلك الأفلام وحجم الإقبال عليها يؤكد أن البشر متلهفون لاستكشاف الفضاء، وتلك اللهفة والفضول العلمي هي التي تشكل المحفز الرئيسي لعملنا.
أما عن التواجد البشري الدائم على المريخ؛ فنحن نطمح أن تكون رحلة 2030 هي مقدمة لذلك، وأن تتناوب الأطقم الفضائية على المريخ مثل الأطقم العلمية التي تتناوب على القطب الجنوبي.
السؤال الأهم في استعمار المريخ هل يمكن للبشر حقا الزراعة على الكوكب الأحمر كما شاهدنا في فيلم "المريخي"؟
لا أريد أن أحبطك أو أحبط القراء، لكن بصراحة الأبحاث تشير إلى عدم إمكانية الزراعة على كوكب المريخ حتى الآن، ولقد أجرينا تجارب عديدة الأعوام الأخيرة في صوبات على الزراعة في تربة شبيهة بتربة المريخ لكن دون جدوى حتى الآن، لكن المبشر أن رواد الفضاء في المحطة الفضائية الدولية يأكلون الآن من خضراوات تمت زراعتها في محطة الفضاء بالفعل، ولذلك فإنه ربما نجد حلا لتلك المعضلة خلال الفترة المقبلة، والباحثون لا يزالون يختبرون زراعة الخضراوات في تربة المريخ المحاكاة، لكن بشكل عام لا داعي للقلق على طعام رواد الفضاء خلال الرحلة حيث سيتمكنون من الزراعة خلال رحلتهم للمريخ وعودتهم للأرض.