قمة إماراتية إسرائيلية أمريكية.. خارطة طريق لاستقرار المنطقة
قمة إماراتية إسرائيلية أمريكية، قام خلالها وزراء خارجية الدول الثلاث ببحث استثمار ثمار السلام ووضع خارطة طريق تحقق الاستقرار والازدهار بالمنطقة.
خارطة الطريق التي تم وضع ملامحها في الاجتماع، الذي جمع الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في واشنطن، الأربعاء، ترتكز على 4 محاور رئيسية، تتفق الأطراف الثلاثة فيها على أهميتها في التأسيس لمستقبل أفضل في المنطقة تحت مظلة الاتفاق الإبراهيمي للسلام.
وتستلهم تلك الخارطة رؤيتها وروحها من نجاح الإمارات وإسرائيل في بناء علاقات قوية عقب توقيع اتفاق السلام التاريخي في 15 سبتمبر/ إيلول 2020، حتى أضحت العلاقات بين البلدين نموذجا يحتذى في نجاح السلام.
الإمارات نموذج ملهم
هذا النموذج الملهم هو بمثابة المحور الأول في تلك الخارطة، وذلك عبر استثمار ثمار السلام على الأصعدة كافة سواء السياسية والتنموية والاقتصادية والعلمية في العلاقات بين البلدين، بما يسهم في تحقيق الازهار والتنمية للبلدين، ويدعم أمن واستقرار المنطقة في الوقت نفسه.
وفي هذا الصدد، قال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، إن اتفاقات السلام مهمة للاستقرار في المنطقة.
وقدم وزير الخارجية الإماراتي، خلال اللقاء التحية إلى الولايات المتحدة على جهدها لبناء الجسور بين الإمارات وإسرائيل باعتبارهما دولتين ناجحتين.
وأكد الشيخ عبد الله بن زايد أن دولة الإمارات نجحت في بناء دولة تحترم التسامح والتعايش وسيكون لذلك أثر كبير على المنطقة.
وكشف عن زيارة قريبة لإسرائيل، قائلا :"سأزور إسرائيل قريبًا تلبية لدعوة من نظيري الإسرائيلي"، مؤكدا أنه:" نتطلع للتعاون التكنولوجي المشترك مع إسرائيل".
وتابع حديثه قائلا:" نأمل أن تتمكن الإمارات من نسج المستقبل بطريقة يُحتذى بها في العالم العربي".
بدوره أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، أن "إسرائيل والإمارات أصبحتا شريكتين على أساس من القيم المشتركة".
وتابع وزير الخارجية الإسرائيلي: "نكتب فصلا جديدا من التاريخ على أساس من الأمل".
على الصعيد نفسه، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن العلاقات بين الإمارات وإسرائيل في تقدم وازدهار مستمرين.
تصريحات أمريكية وإسرائيلية تؤكد أن معاهدة السلام تصب منافعها لصالح المنطقة والبشرية، ليس من خلال جانبها السياسي فقط، ولكن من خلال تعزيزها التعاون على مختلف الأصعدة.
تلك الرسالة الهامة الأخرى التي حملها اجتماع اليوم، انطلاقا من أن التعاون بين دول مثل الإمارات وإسرائيل أكبر القوى الاقتصادية في الشرق الأوسط، من شأنه أن يؤدي إلى النهوض بالمنطقة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوثيق العلاقات بين الشعوب.
هذا الهدف جاء ضمن أهداف الاتفاقات الإبراهيمية للسلام التي أكدت أن العمل الدبلوماسي والتواصل المشترك سيعززان من الاستقرار والازدهار والتعاون على مستوى المنطقة.
ومنذ توقيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام، تم توقيع عشرات الاتفاقيات بين الإمارات وإسرائيل، التي ساهمت في تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوثيق العلاقات بين الشعوب، وتحقيق الازدهار لشعوب المنطقة.
وفي أحدث ترجمة عملية لتلك الأهداف، أعلنت شركة الإمارات للصناعات الغذائية ، اليوم الأربعاء، تعاونها مع شركة " تنوفا " الأكبر في مجال تصنيع وتوزيع المواد الغذائية في إسرائيل، في إطار خطة تعاون استراتيجية طويلة المدى، تهدف إلى تحقيق نمو متسارع بقطاع إنتاج الألبان واستخدام أحدث التقنيات المتبعة لتطوير عملية الإنتاج وزيادة الجودة الغذائية.
كما افتتحت إسرائيل رسميا 7 أكتوبر الجاري جناحها في إكسبو 2020 دبي للترحيب بالزوار من جميع أنحاء العالم في أهم وأكبر حدث ثقافي وحضاري على مستوى العالم .
وتعد هذه المرة الأولى التي يقام فيها جناح إسرائيلي في معرض رئيسي على أرض عربية، في خطوة تبرز دور السلام في صياغة واقع جديد في الشرق الأوسط يحقق الرخاء والأمن والاستقرار للجميع.
كما افتتحت دولة الإمارات العربية المتحدة، في 14 يوليو/تموز الماضي، سفارتها بإسرائيل، رسميا، في حدث تاريخي أثمره اتفاق السلام الموقع بين البلدين، وذلك بحضور الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
وقبل يومين تسلمت الخارجية الإماراتية نسخة من أوراق اعتماد أمير حايك، سفير دولة إسرائيل الجديد المعين لدى دولة الإمارات.
وفي 29 من يونيو/حزيران الماضي، افتتحت إسرائيل سفارتها في أبوظبي، وقنصليتها في دبي، وذلك خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد للإمارات، في أول زيارة رسمية يقوم بها وزير إسرائيلي للإمارات منذ توقيع البلدين معاهدة السلام.
القضية الفلسطينية
يتعلق المحور الثاني في خارطة الطريق –التي تم الاتفاق على ملامحها خلال الاجتماع الثلاثي- بأهمية استثمار اتفاق السلام في التوصل لحل للقضية الفلسطينية.
وقال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، في هذا الصدد: "أنا واثق أنه كلما حققنا نجاحا في علاقاتنا في الإمارات مع إسرائيل فهذا لن يشجع فقط دول المنطقة، وإنما سيشجع الفلسطينيين والإسرائيليين أن يسلكوا هذا المسار وهذا المنهج، وأن يكونوا مستعدين للسير في هذا الاتجاه".
وأضاف:" لا نستطيع الحوار بشأن السلام في المنطقة دون أن يكون الفلسطينيين عنصرا أساسيا في النقاش "
بدوره قال وزير الخارجية الأمريكي: "يجب أن يتمتع الفلسطينيون والإسرائيليون بحقوق متساوية في الحرية والكرامة وعليهم التحرك باتجاه حل الدولتين".
وتابع: "سنعمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين لدعم مسار الحل السياسي للأزمة".
تلك التصريحات تثبت مجددا صواب رؤية الإمارات ورسالتها التي عبرت عنها عمليا منذ توقيع اتفاقية السلام التاريخية وتحملت في سبيل إيمانها برؤيتها الكثير من حملات الإساءات والافتراءات، وهي أن نشر السلام ودعم القضية الفلسطينية مساران يتكاملان ولا يتقاطعان.
أمر أكدت عليه الإمارات مرارا وتكرارا، قولا وفعلا، قبل وبعد وخلال توقيع اتفاق السلام التاريخي مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020.
ومنذ خطوتها التي وصفها مراقبون ومسؤولون بالشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، ما فتئت دولة الإمارات تؤكد أن المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
وظلت القضية الفلسطينية -ولا تزال- تحتل مكانة خاصة في قلب ووجدان قيادة وشعب الإمارات، باعتبارها قضية العرب والمسلمين العادلة التي تعبّر عن قيم الحق والعدل والخير.
توسيع نطاق السلام
المحور الثالث في خارطة الطريق فيتعلق بدور الاتفاقيات في تشجيع دول أخرى بالمنطقة على اللحاق بقطار السلام، وتوسعة تلك الاتفاقيات لتشمل دولا أكثر في المنطقة بما يسهم في التأسيس لمستقبل أكثر إشراقاً لمجتمعات الشرق الأوسط.
وأعرب الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان عن أمله في أن تشجع علاقات الإمارات وإسرائيل أطرافا أخرى على الانخراط في السلام.
أما وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد فكشف أن بلاده تسعى لتوسيع نطاق اتفاقيات السلام في المنطقة، كما تسعى لجعل اتفاقيات السلام "ملهمة للدول الأخرى".
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل سيساهم في تحقيق الاستقرار.
وتابع: "ندعم بشدة توطيد العلاقات الإسرائيلية مع الإمارات والدول العربية في المنطقة".
وأضاف: "نؤيد الاتفاقيات الإبراهيمية التاريخية ونتطلع إلى توسيع نطاقها لتشمل دول أخرى".
وتابع: "نعمل من أجل مستقبل مشرق لشعوب الشرق الأوسط"، مؤكدا على أهمية التعايش السلمي في المنطقة.
وأسهمت خطوة الإمارات الشجاعة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل 15 سبتمبر/أيلول الماضي، في انضمام 3 دول عربية أخرى لركب السلام.
وفتحت الإمارات الباب أمام العرب لتوسيع آفاق الاستقرار، حيث انضمت البحرين والسودان والمغرب لقطار السلام، مؤكدين صواب الرؤية الإماراتية في إمكانية نجاح لغة الحوار لتحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
مواجهة التحديات
أما المحور الرابع ، الذي طرحته القمة الثلاثية، فيتعلق بأهمية التعاون بين شركاء السلام في مواجهة التحديات المشتركة على مختلف الأصعدة، بدءا من مكافحة الإرهاب، ومرورا بمواجهة تدخلات وسياسات إيران المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، ووصولا للتعاون المشترك لمواجهة التحديات الكونية مثل تغير المناخ، بما يصب في مصلحة البشرية جمعاء.
وفي هذا الصدد، أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، أن دولة الإمارات تتطلع إلى إنهاء النزاع في اليمن بأسرع وقت والتعاون مع المجتمع الدولي لإعادة إعماره.
وأضاف:" لا يجب أن يكون هناك "حزب الله" جديد في اليمن يهدد حدود السعودية".
واستطرد:" يجب أن نرسخ فهما دوليا عميقا بضرورة عدم تكرار تجربة جنوب لبنان في اليمن".
بدوره أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، أن علاقة بلاده مع الإمارات مبنية على الشراكة والصداقة ومكافحة العنف والإرهاب ونشر التسامح.
ولفت إلى أن "كل تأجيل لاستئناف مباحثات الاتفاق النووي يقرب إيران من القدرة على إنتاج سلاح نووي".
وأشار لابيد إلى أن "إيران أصبحت عنصرا مهددا للأمن في المنطقة بتطوير نظامها النووي والاقتراب من إنتاج صواريخ باليستية".
وتابع: "لا يمكن أن نسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي".
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي "ناقشت اليوم مع وزيري الخارجية الإماراتي والإسرائيلي قضايا أمنية في مقدمتها إيران وسوريا وإثيوبيا".
وعن الملف الإيراني، قال بلينكن، إنه:"على إيران ألا تواصل الابتعاد عن مباحثات الاتفاق النووي".
وتابع :"إيران تماطل وتستغل الوقت لتطوير نظامها النووي"، مضيفا "فرصة استئناف مباحثات الاتفاق النووي لن تظل سانحة للأبد والتعنت الإيراني يعقد الأمور".
ومضى قائلا إن "موقف إيران بشأن استئناف مباحثات الاتفاق النووي غير مشجع والفرصة تضيع بمرور الوقت".
كما لفت وزير الخارجية الأمريكي إلى أن: "التعاون بين الإمارات وإسرائيل في مجال مكافحة تغير المناخ يمكن أن يفيد المنطقة والعالم".
ويرتبط بهذا المحور التقدير الأمريكي والدولي للدور الإماراتي في صناعة السلام ودعم الاستقرار في المنطقة والعالم.
واستضافت واشنطن، الأربعاء، اجتماعا ثلاثيا جمع كلا من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد.
وأشادت الولايات المتحدة بجهود الإمارات في إحلال السلام بالمنطقة، مشيرة إلى دورها في أفغانستان واليمن، ومؤكدة أن الإمارات شريك مهم.
وأعربت واشنطن، في بيان سابق الأربعاء، عن تقديرها لدور الإمارات الحاسم فيما يتعلق بدعم جهود حل الأزمة اليمنية، مؤكدة أن دولة الإمارات شريك مهم للولايات المتحدة.
ولفت البيان إلى أن الاجتماعً الثلاثي بين بلينكن ونظيريه الإماراتي والإسرائيلي، هدف إلى تسليط الضوء على أهمية الاتفاقات الإبراهيمية، وتدشين مجموعتي عمل ثلاثية تضم الولايات المتحدة والإمارات وإسرائيل، الأولى حول التعايش الديني، والثانية حول قضايا المياه والطاقة.