قطار الفضاء الإماراتي.. محطات تاريخية في رحلة لا تتوقف
رسم لقاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع الفريق المسؤول عن رحلة "أبولو 15" إلى القمر، في السبعينيات، طريق دولة الإمارات إلى ارتياد الفضاء.
وإذا كان يحلو للبعض أن يصف الإنجازات المتتالية لهذا القطاع في الإمارات بقطار يتنقل من محطة تاريخية إلى أخرى، فإن هذا اللقاء كان بمثابة الوقود الذي أعطى لهذا القطار انطلاقته الأولى، ليكتسب من محطة إلى أخرى طاقة إضافية، تجعله يسير نحو رحلة ممتدة.
وكانت أولى المحطات التاريخية في رحلة قطار الفضاء الإماراتي أبريل/نيسان 1997، حيث انتقلت دولة الإمارات العربية المتحدة من مستخدم إلى مشغل لبيانات الأقمار الاصطناعية مع تأسيس شركة الثريا للاتصالات، وهي أول شركة مزودة لخدمات الاتصالات المتنقلة عبر الأقمار الاصطناعية وحلول الاتصالات المبتكرة للعديد من القطاعات.
وكان الإنجاز الأول للشركة في عام 2000، حيث تم إطلاق أول قمر اصطناعي للاتصالات المتنقلة "ثريا 1"، وتبع ذلك إطلاق مجموعة من الأقمار الصناعية الأخرى، مع تأسيس شركة الياه للاتصالات الفضائية "ياه سات" عام 2007، ثم إطلاق أول قمر اصطناعي إماراتي للاستشعار عن بعد "دبي سات 1" عام 2009.
وبهدف تنظيم وتطوير القطاع الفضائي الوطني شهد عام 2014 تأسيس وكالة الإمارات للفضاء، للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني المستدام، وتنمية الكوادر البشرية ودعم مشاريع البحث والتطوير في قطاع الفضاء، وتعزيز وإبراز دور دولة الإمارات على الخريطة الفضائية إقليمياً وعالمياً.
ومنذ تأسيس الوكالة، شهد قطاع الفضاء الإماراتي تطورات متلاحقة، حيث تم الإعلان في نفس عام التأسيس عن إرسال أول مسبار عربي إلى المريخ، كما تم في عام 2016 إطلاق السياسة الوطنية للفضاء، والتي رسمت التوجهات والغايات المراد تحقيقها في مجال الفضاء.
برنامج الإمارات لرواد الفضاء
وشهد عام 2017 الإعلان عن برنامج الإمارات لرواد الفضاء، وهو الأول من نوعه عربياً لاختيار وتدريب وإعداد رواد فضاء إماراتيين وإرسالهم في مهمات مختلفة إلى محطة الفضاء الدولية، وفي عام 2018 تم الإعلان عن اختيار أول رائدي فضاء إماراتيين هما هزاع المنصوري وسلطان النيادي، وبعدها بعام يصل هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية، كأول رائد فضاء عربي يصل إلى هناك.
مسبار الأمل
وفي 20 يونيو/حزيران 2020، أطلقت دولة الإمارات "مسبار الأمل"، وهي أول مهمة عربية تاريخية لاستكشاف المريخ، وتهدف إلى فهم التغيرات المناخية على الكوكب الأحمر، واكتشاف أسباب تآكل غلافه الجوي، وعدم وجود بيئة مناسبة للحياة على سطحه.
ونجح "مسبار الأمل" في التاسع من فبراير/شباط 2021 في الدخول إلى مدار الالتقاط حول الكوكب الأحمر، لتصبح دولة الإمارات خامس دولة في العالم تصل بنجاح إلى مدار المريخ ومن المرة الأولى.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، كشف مسبار الأمل عن مجموعة من الملاحظات العلمية الخاصة بالغلاف الجوي لكوكب المريخ، وذلك ضمن الدفعة الخامسة من البيانات العلمية الخاصة بالمشروع، إذ بلغ إجمالي حجم البيانات التي جمعها حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر إلى الآن نحو 1.2 تيرابايت.
استكشاف القمر
ولا تتوقف مسيرة قطار الفضاء الإماراتي، ففي 29 سبتمبر/أيلول 2020 أعلنت دولة الإمارات عن أول مهمة عربية علمية لاستكشاف القمر، ضمن الاستراتيجية التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء "2021-2031"، حيث يشمل المشروع تطوير وإطلاق أول مستكشف إماراتي للقمر تحت اسم "راشد"، يتم تصميمه وبناؤه بجهود إماراتية 100%، لتكون الإمارات بذلك رابع دولة في العالم تشارك في مهام استكشاف القمر لأغراض علمية، وأول دولة عربية تقوم بمهمة فضائية لاستكشاف سطح القمر.
استكشاف حزام الكويكبات
وبعد عام تقريبا من الإعلان عن مهمة القمر، كشفت دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2021 عن مهمة جديدة في مجال الفضاء تتضمن بناء مركبة فضائية إماراتية لاستكشاف كوكب الزهرة وحزام الكويكبات داخل المجموعة الشمسية، حيث ستقطع رحلة مقدارها 3.6 مليار كيلومتر تمر خلالها على سبع كويكبات ضمن المجموعة الشمسية، وتنفذ هبوطاً تاريخياً على آخر كويكب ضمن رحلتها التي تستمر 5 سنوات.
وسيستغرق تطوير المركبة 7 سنوات، على أن تكون جاهزة للانطلاق في رحلتها الفضائية، ضمن نافذة إطلاق تحدد لها بداية 2028.
إنجازات داخلية وخارجية
وبالتزامن مع كل ذلك، كان قطاع الفضاء الإماراتي يحقق بعض الإنجازات، ففي يناير/كانون الثاني 2022، تم تأسيس أول منطقة فضاء اقتصادية في مدينة مصدر، وفي يونيو/حزيران 2022 فازت دولة الإمارات برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي "كوبوس"، إحدى أكبر اللجان في الأمم المتحدة، والتي تضم في عضويتها 100 دولة، وذلك في إنجاز للدبلوماسية الإماراتية يعكس نجاح سياستها الخارجية.
وتطلق في يوليو/تموز 2022 البرنامج الوطني للأقمار الاصطناعية الرّادارية (سرب) لتطوير سرب من الأقمار الرّادارية، والذي يوفر تصويرا رادارياً على مدار الساعة، وفي جميع الأحوال الجوية، كما تعلن في نفس الشهر عن تأسيس صندوق وطني بقيمة 3 مليارات درهم لدعم قطاع الفضاء في دولة الإمارات.
محطات على الطريق
ولا تتوقف مسيرة قطار الفضاء الإماراتي الذي يستعد لانطلاقة تاريخية للقمر من خلال المستكشف راشد، كما سيسافر رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي كأول رائد فضاء عربي لمهمة طويلة الأمد على متن محطة الفضاء الدولية في 2023.
كما ستطلق في 2023 أيضا القمر الصناعي "MBZ-SAT"، وهو الأكثر تطوراً في المنطقة في مجال التصوير الفضائي عالي الدقة والوضوح، وبعده بعام تطلق "الثريا NGS-4"، ومهمته توسيع نطاق تغطية شركة "الياه سات" حول العالم، وبعده بعامين تطلق الياه 4" و"الياه 5"، ومهمته زيادة السعة الفضائية التي تقدمها شركة "الياه سات" حالياً لحكومة دولة الإمارات، وتوجد محطة تاريخية بعيدة للغاية، سيسعى القطار للوصول إليها، وهي بناء مستعمرة بشرية على المريخ بحلول عام 2117.
aXA6IDMuMTUuMTQ1LjUwIA== جزيرة ام اند امز