فن
المسرح الإماراتي.. محرك التنوير يواصل إشراقاته
يحتل المسرح الإماراتي، مكانة فريدة بين مسارح العالم، ربما لأنه خرج من نافذة ضيقة للفضاء الواسع في وقت قصير، وربما لأنه شديد الخصوصية.
وعندما نتأمل تاريخ المسرح في دولة الإمارات، نكتشف أنه خرج من رحم المدارس والأندية الرياضية، ومر بتحولات كثيرة، قادها مبدعون لديهم إيمان بأن المسرح قوة ناعمة، وأداة حقيقة للتنوير.
وبمناسبة عيد الاتحاد الخمسين لدولة الإمارات العربية المتحدة، تلقي"العين الإخبارية" الضوء على نشأة المسرح الإماراتي .
الإرهاصات الأولى
بدأت الحركة المسرحية في الإمارات عام 1950، إذ ظهرت تجارب بسيطة وعفوية إلى حد كبير، ولم تكن تعتمد على المقاييس العلمية للمسرح.
الأمر الرائع أن هذه الطقوس الفنية، كان يمارسها الصيادون والبحارة الإماراتيون في موسم صيد اللؤلؤ، كما انتشرت في المناسبات الشعبية، ثم تطور الأمر إلى عروض "الخيال والظل".
عام 1953، ظهرت مدرسة"القاسمية" في الشارقة، واهتم القائمون على إدارتها بفن المسرح، حيث قاموا بتأسيس فرقة هواة التمثيل، وبعد سنوات طبقت العديد من المدارس الفكرة، ومن هنا خرج المسرح المدرسي، وشيئا فشيئا انتقل المسرح إلى ساحات الرياضة والأندية.
التحول
شهدت مرحلة ستينيات القرن الماضي، تطورا كبيرا في الحركة المسرحية الإماراتية، وكان أبرز سماتها ظهور الفرق المسرحية، وتأسست أول فرقة مسرحية على يد الفنان واثق السامرائي عام 1963 في الشارقة، ثم ظهرت فرقة "مسرح رأس الخيمة الوطني" والتي قدمت عددا من العروض الرائعة منها عرض"غلاء المهور تدهور الأمور" تأليف حمد سلطان.
الانطلاق
في مرحلة السبعينيات، حدث حراك مسرحي كبير في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقاد هذا الحراك جيل من المسرحيين، الذين يمتلكون الموهبة ويؤمنون بالدراسة الأكاديمية، وقد ساندت دولة الإمارات التجربة ودعمتها كثيرا، لإيمانها بقيمة الفن في بناء الإنسان.
ومن أهم ملامح هذه المرحلة ظهور فرق مسرحية متميزة منها "فرقة مسرح الاتحاد" في أبوظبي، و"فرقة مسرح الشرطة" والتي تأسست عام 1972، و"فرقة المسرح القومي بدبي".
تميزت هذه المرحلة أيضا بظهور عدد من الفنانين الموهوبين مثل مرعي الحليان، والفنان محمد يوسف، والفنان عمر غباش، والفنان أحمد الجسمي، كما اقتحمت أيضًا المرأة الإماراتية الحركة المسرحية وباتت ناشطة فيها، فكانت أول ممثلتين مسرحيتين هما "مريم سلطان وموزة المزروعي" لتؤسسا بذلك حضورا طبيعيا للمرأة الإماراتية في الوسط الفني.
في أوائل ومنتصف الثمانينيات قرر عدد من المسرحيين الإماراتيين دراسة الإخراج المسرحي في المعاهد المتخصصة، فسافروا إلى الكويت ومصر، وعلى إثر ذلك خرجت عروضا مسرحية رائعة، وحاملة لكل مواصفات المسرح الحقيقي مثل مسرحية "حبة رمل" لناجي الحاي، و"جميلة" لجمال مطر.
رواد مؤثرون
تأثر المسرح الإماراتي بنجوم كبار في العالم العربي، مثل الفنان المصري زكي طليمات، والفنان الكويتي صقر الرشود، وساعد الاحتكاك وتبادل الخبرات على تألق النجوم الإماراتيين على خشبة المسرح، وخرجت للنور عروضا رائعة، وحصد صناعها العديد من الجوائز من مصر والمغرب والكويت.
تنوع المسرح في الإمارات بين المسرح المدرسي والمسرح الجامعي، ومسرح الشباب، والمسرح العربي، ومسرح الطفل.
وفي عام 2007، قررت دولة الإمارات عمل بيئة حاضنة لـ"أبو الفنون" فقامت بإنشاء الهيئة العربية للمسرح في إمارة الشارقة.
الجوائز
نجحت العديد من العروض المسرحية الإماراتية في الفوز بجوائز دولية، ومن أبرز هذه العروض، مسرحية "السلوقي" التي حصدت 3 جوائز مهمة في ختام فعاليات الدورة الـ11 من مهرجان المسرح الخليجي في العاصمة القطرية الدوحة عام 2010.
وفي عام 2019، فازت المسرحية الإماراتية "صدأ" بجائزة أفضل عمل مسرحي في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي بمصر، كما فازت مسرحية "الكنز المجهول" بالمركز الأول في مهرجان المغرب للمسرح.