عندما تقرر الدخول إلى البنية الفكرية والثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة فإنّ النماذج التي تقف إزاءها.
وأنت تحلل وتدرس النموذج الإماراتي المتكامل، لا تجدُ فيها مرتكزات متعددة أو مفاهيم متناقضة، بل تجدُ انسجاماً واتّساقاً على الأصعدة كافة، انسجامٌ يشعرك بالدهشة والعجب، ولا سيّما فيما يخصّ المرأة وتمكينها في المجتمع لتكون جنباً إلى جنبٍ مع الرجل، فالمجتمع الإماراتي مجتمع عربيٌّ وإسلاميٌّ أصيل، والطابع العامّ لمجتمعٍ بهذا التكوين تجد المرأةَ صعوبة بالغةً لتشارك في بناء وطنها، ولكن الحقيقة تكمن في أنّ هذا التحجر في دور المرأة ومنحها الحق في المشاركة ببناء وطنها إنما هو بعيدٌ كل البعد عن العروبة الصحيحة والإسلام الصحيح.
والإمارات العربية المتحدة هي البلد الوحيد بين البلدان العربية والنادر بين البلدان الإسلامية الذي فعّل دور المرأة الإماراتية لتكون شقيقة الرجل كما قال عنها سيد بني آدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "النساء شقائق الرجال"، وهذا ما حرص عليه المغفور له الأب المؤسس الشيخ "زايد الخير" وإلى جانبه "أم الإمارات" سمو الشيخة "فاطمة بنت مبارك" رائدة العمل النسائي الإماراتي، حفظها الله، والتي ترأس الاتحاد النسائي العام الإماراتي مركزةً على دور المرأة ووجوب وقوفها إلى جانب الإمارات وأشقائها من الرجال الإماراتيين في بناء الإمارات، فكانت المرأة الإماراتية بنتاً بارةً كما أراد لها "بابا زايد" و"أم الإمارات" فكانت سنداً للإمارات وعلى قدر المسؤولية بالثقة التي منحت لها.
لذلكَ فإنك تجد المرأة الإماراتية تركّزُ اليوم على أي عملٍ وأي دورٍ تقوم به لتجعل من الإمارات في مصاف الدول المتقدمة، وعلى أي فكرة ودعمٍ تقدمه لتكونَ ابنةً بارّةً بأبيها "زايد الخير" الذي قال يوماً: "الرجل أخٌ للمرأة والمرأة أخت للرجل ليس هناكَ فرقٌ بينهما إلا في العمل.. العمل الطيب والعمل السيئ، هنا يكمن الفرق"، وبارّةً بأمها الشيخة "فاطمة بنت مبارك" التي قالت: "المرأة شريكة الرجل في عملية البناء بكل ما للمشاركة من معانٍ"، فهذا ما انصبّ عليه جهد المرأة الإماراتية في حين ما زال السواد الأعظم من نساء العالم يدافعنَ عن أبسط حقوقهن في التعليم والعمل، أما الإماراتية اليوم فهي الطبيبة والمعلمة والموظفة الإدارية ورائدة الأعمال، ولم يقف الأمر عند ذلكَ، بل إن سمو الشيخ "خليفة بن زايد آل نهيان" سار على خطى الأب المؤسس وأم الإمارات في تمكين المرأة وجعلها سنداً حقيقياً؛ ضامناً لها جدية المساواة بينها وبين الرجل في المواطنة ومشاركة الإماراتيين في بناءِ إماراتهم، وذلك بتأسيس "مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين" عام 2015، بغية تحقيق التوازن في جميع ميادين العمل بين الرجل والمرأة.
وليس هذا فحسب، بل إنّ المرأة الإماراتية اليوم تشارك في صنع القرار السياسي، فبعد أن بلغت مشاركة المرأة في الوظائف العامة نسبة 66% من مجموع العاملين، ها هي اليوم تشغل أكثر من ربع مجلس الوزراء في الحكومة الإماراتية، فضلا عن العدد الكبير من النساء على مستوى التمثيل الدبلوماسي الخارجي.
والحقيقة تكمن ليس في الأرقام التي لا تعدو كونها إحصائيات من المنطلق الرياضي النظري، وإنما في دور المرأة الحقيقي الذي لو أنها لم تثبت جدارتها وأحقيتها بعد أنْ منحتها السياسة الإماراتية الثقة والفرص، وفتحت المجال أمامها بما يصون كيانها واحترامها؛ لتكون سند الإمارات والإماراتيين، لما كانت اليوم منافسة للرجل في كل الميادين وبأحقيّة تنافسية حقيقية، بعد أنْ أتقنت دورها بنجاح وتميزٍ في كل موقع تشغله الأم والأخت والبنت الإماراتية وعلى الأصعدة كافة، للمساهمة في بناء المجتمع بدءاً من الأسرة وانتهاءً ببناء الإمارات الدولة، لتغدو الإمارات اليوم النموذج الأمثل الذي ترنو إليه كل الدول في المنطقة، وقِبلة العالم المتقدم الذي ترنو الإمارات إلى بلوغ ذراه ومنافسته على عروش المجد بأبناء وبنات الإمارات بالسيّر على نهج الوالد المؤسس وأم الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة