الفكر السياسي داعم للمصالح الوطنية، يتطور مع تطورها، ويتغير بحسب الزمان والمكان وفقاً لتلك المصالح.
فهي الثابت الذي يعبر عن أسس المبادئ الوطنية على مدى الزمن من دون تحرج أو جمود.
ولذا فإن تحليل الواقع وإدراك ما يجري حولنا أو ما يجري بنا تحليلا دقيقاً لا يقارن بما يجري على الفرد من شعور وعواطف، بل يضع المصلحة العليا دائماً نصب عينيه، حتى نكون أكثر صراحة في مواجهة الواقع، من دون مشاعر تخلط بين المبادئ والمصالح، والماضي والحاضر والثابت والمتحرك.
إن من طبيعة البعض، عدم رؤية الحقيقة بشكلها الجلي والتعلق بأوهام المبادئ وأصحاب الأفكار وعما خلف الستار، ووراء الكلمات وماتخفيه النوايا، من دون قدرة على تقصي الواقع حيث تمتزج العواطف مع الحقائق، وتلك طبيعة من رزح لفترات طويلة من الزمن تحت وطأة السيطرة والشعارات والأفكار المتناقضة، التي أنتجت شعوراً مزدوجاَ لا يراعي الواقعية السياسية ويعيش في عالم يشبه الحلم.
لا تناقض بين المصالح والمبادئ، فالمبدأ أن تكون المصلحة العليا لكل مكونات الوطن هي المبدأ، وعليه تتغير التحركات والعلاقات والرؤى السياسية وفق الواقع وليس الشعارات أو العواطف.
العلاقات الدولية تحكمها المصالح السياسية والتحالفات الاستراتيجية والمصالح الاقتصادية والثقافية والتحالفات العسكرية، وهي تختلف بشكل كامل عن العلاقات الفردية، وذلك ليس ضد القيم أو المبادئ بلا شك، فعالم السياسة متحرك ويدرس الأوضاع الدولية لحظة بلحظة ويقيّم توجهاته، بعكس طبيعة العلاقات الفردية التي تأخذ اعتبارات مختلفة.
تتجنب النظرية الواقعية للسياسة الدولية، المغالطة الأخرى المتمثلة في مساواة السياسات الخارجية بالتعاطف، حيث أن التفكير والعمل يكون وفق المصلحة الوطنية ما يتطلب بالفعل تمييز حقيقياً بين ما هو مرغوب فيه في كل مكان وفي جميع الأوقات، وما هو ممكن في ظل الظروف الراهنة من الزمان والمكان.
ختاماً تغير التوجهات ليس نفاقاً أو التفافاً إنما نتيجة طبيعية للمضي قدماً وتغير الظروف وهذا يعبر عن ديناميكية الفكر السياسي وقدرته على تطوير نفسه ليتلائم مع الواقع، ومنذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، شهدت سياسات أوروبا الغربية والولايات المتحدة تغيرات كبيرة، وقد ظهر ذلك بشكل خاص في ميدان سياسات المصالح التي تحركت بشكل كبير بين المتناقضين أحياناً وفق ما يمليه الواقع والمصلحة العليا، فلا عدو دائم، ولا صديق دائم حيث تؤمن الواقعية السياسية بموضوعية قوانين السياسة التي تميز بين ما هو حقيقي وما هو مجرد حكم ذاتي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة