نبرة نرجسية متعالية تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية التي تتوالى لهجاتها النزقة تجاه منطقة الشرق الأوسط.
في ظل قيادة الرئيس الحالي جو بايدن، وسط تساؤل حول شكل التغيير الذي بانت ملامحه أصلاً في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط خلال هذه المرحلة.
قلب الموازين هي لعبة جديدة يمارسها بايدن بتقريب الأعداء وتحويل الخصوم إلى أصدقاء وإضعاف العلاقة مع الشركاء، في خطوة تثبت تخبط القرارات وتوجهاً نحو تهميش متعمد لدول صعد نجمها في السنوات العشرين الأخيرة في الوقت الذي تهاوى فيه الحلم الأمريكي.
وعلى الرغم من أن تصريحات مستشاري الرئيس الأمريكي تكشف مؤخراً عن أهم أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط المتمثلة في برامج إيران التي تزعزع الاستقرار بالمنطقة وعلى رأسها البرنامج النووي، إلى جانب تأمين إسرائيل وتعزيز السلام بينها وبين العرب وإنهاء الحروب في اليمن وليبيا، فضلاً عن تعزيز وضع حقوق الإنسان، تقع هذه الاهتمامات تحت غمامة سوداء لصورة الولايات المتحدة التي تزعزعت مع الأحداث الأخيرة التي مرت بها وضربت في خاطرة ديمقراطيتها، ومع تراجعها الاقتصادي الذي قد يصيبها بالشلل، ليكون دورها كشرطة العالم وهماً في عقل الغطرسة الأمريكية.
وهذه الأولويات لم تعد منصفة بحق محورية منطقة الشرق الأوسط، التي مهما حاول الرئيس بايدن تهميشها سيجد نفسه مضطراً لإيجاد صيغة أكثر دبلوماسية في التعامل مع بعض الدول، مدفوعاً بالمصالح التي ربطت بلاده بها على مر التاريخ، فلم يعد هذا الزمن قابلاً لنظرية الخضوع، ولم تراوح الدول مكانها في التطور، بل بات لها دورٌ محوريٌ كبير في السياسة الدولية خاصة منطقة الخليج العربي، والتي تجاوزت عقلية النفط إلى ملاحقة العلوم المتقدمة والطاقة والفضاء وغيرها، بل أضحت هي الأولى عالمياً في مؤشرات تنافسية عديدة متفوقة على بلدان أوروبية عديدة لطالما تربعت على عرش الأسود.
ولا ننسى الأهم من ذلك كان هو الميدان الأمني والدفاعي الذي يجعل أمريكا عاقدة الحاجبين بتوالي التعاون الروسي الصيني مع دول المنطقة في قطاع التسليح، الذي تنتزع هي صدارته بدءاً من سلاح الجيوش البرية والقدرات الجوية والبحرية والقدرات السيبرانية.
ومع الشكوك العميقة خاصة الأوروبية منها حول قدرة أمريكا على العودة كزعيم عالمي، لا بد أن تعيد واشنطن النظر في مفاهيم المصالح العليا في المنطقة، فبالتأكيد هي لا ترغب بالتورط العسكري ومواجهة الإرهاب مباشرة على سبيل المثال، فيكون منطقياً أكثر دعم جهود الدول التي تقود مساعي السلام وتحارب المليشيات المدعومة من إيران وبعض الأطراف المخربة كجهود التحالف العربي، ولا بد أن تعترف أمريكا عاجلاً أو آجلاً بأن مفهوم الوصاية لم يعد مجدياً في زمنٍ كهذا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة