الباحثة التونسية آمنة الجبلاوي لـ"العين الإخبارية": الأحزمة الفقيرة غذت الفكر الإرهابي
كشفت الباحثة التونسية آمنة الجبلاوي عن الأسباب التي تؤدي إلى سقوط الشباب في أتون الأيديولوجيا المتطرفة والفكر الإرهابي.
"الجبلاوي" تحدثت لـ"العين الإخبارية" بخلفية أدبية كونها باحثة تونسية وأستاذة بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة حائزة على إجازة من جامعة السوربون.
حصلت آمنة على الدكتوراه في الآداب والحضارة العربية من كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة.وتدير منظمة “المعهد الدولي للإنماء الإنساني".
كما أن لديها العديد من المؤلفات على غرار الصابئة في الثقافة العربية الإسلامية” و“الإسلام المبكر" و"الاستشراق الأنغلوسكسوني الجديد” وغيرها من البحوث، وهو ما تحدثت عن تفاصيله لـ"العين الإخبارية":
باعتباركم قيادية في المعهد الدولي للإنماء الإنساني.. ما أدواره في مكافحة التطرف؟
المعهد تأسس سنة 2013 بمعية ناشطين من المجتمع المدني التونسي، ويهدف أساسا للاشتغال على تفكيك ظاهرة التطرف العنيف وذلك بالمزج بين العمل الميداني والعمل البحثي.
تونس عرفت هجمات إرهابية بسبب الأفكار المتطرفة منذ أواخر 2012 واحتدت مع اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في فبراير/شباط 2013 ما جعلنا نفكر في تأسيس المعهد.
وبالفعل تم إنشاء المعهد في مايو/أيار 2013 وتم توظيف الأدوات المعرفية التي لدينا من معارف سوسيولوجية وأنثربولوجية ودينية لفهم أسباب سقوط الشباب في أتون الأيديولوجيا المتطرفة والفكر الإرهابي.
وكانت الفكرة في إطلاق حملات توعوية لدى اليافعين والشباب والنساء لإيقاف سفر الشباب إلى بؤر التوتر.
كما أن المعهد اشتغل منذ البداية على العمل الميداني في المحافظات الحدودية التي تقع على حدود ليبيا، باعتبار الهشاشة وغياب الدولة التي تعاني منها تلك المناطق في السنوات الأخيرة، إضافة إلى الاشتغال على أسباب انتشار الفكر المتطرف في الأحزمة الهشة والفقيرة وتحديدا بمحافظات تونس الكبرى (منوبة واريانة وتونس وبن عروس).
ما الأسس التي جعلت التطرف ينتشر في تونس؟
حذرنا سابقا من ظاهرة الانقطاع المبكر عن الدراسة، والتي تعتبر من أكبر الأسباب لانتشار الفكر المتطرف، حيث إن جزءا من هؤلاء المنقطعين وقفوا في خطر استقطاب الإرهابيين وأنصار الشريعة بعد تكوينهم في خلايا دعوية وحلقات في بعض المساجد.
كما أن أغلبهم ينتمون إلى أوساط اجتماعية فقيرة وأخرى لم تكمل المسار الدراسي ولا تحوز معرفة علمية، وهذا بيّن في الدراسات المجراة على مسألة التطرف والتي أبرزت أن الأحزمة الفقيرة لمحافظات نابل والعاصمة وبنزرت شمالي البلاد قد أسهمت بأكبر النسب في الالتحاق إلى بؤر الصراع.
كما أن من يلتحقون بهذه البؤر هم شباب يعانون من مشكل الانتماء، حيث يجدون في ذلك نوعا من الامتلاء النفسي عادة.
وهل أن التطرف له جوانب متعلقة بالثقافة الإسلامية أم أن تأويل أئمة الإرهاب أسهم في انتشار الإرهاب؟
هناك تأويلات تقول إن النص حمال أوجه، والإشكال ليس في النص الديني بقدر ما هو في بعض التأويلات التاريخية.
إن عدنا لبعض النصوص الدينية هي مثل كل الأديان الأخرى فيها حديث عن الصراعات والحروب.
وهناك عود عن بعض السور المدنية والمكية؛ حيث إن المكية وهي أساسا سور روحانية أما المدنية مثل سورتي التوبة والأنفال تحيل على القتال.
هذا إن كان تأويله وتأطيره سليما يتنزل في سياقه التاريخي في الفتوحات الإسلامية الأولى لكن لا سبيل إلى إسقاط هذه الآيات على واقعنا اليومي، ونحن لسنا في تقسيمات تعود إلى مرويات ما يعرفوا بـ"الجهاديين والإسلاميين".
نحن الآن في سنة 2021 ومن الضروري أن نحسم أمرنا كعرب ومسلمين من هذه المسائل، وأن نقول إننا في دار سلم وحربنا هي حرب على الجهل والمرض.
والنزول بخيالنا وفكرنا نحو مرويات الجهاد والقتل ما هو إلا امتداد للوراء وإغراق للعرب والمسلمين في مزيد من التخلف.
لا بد من الاشتغال على تأويل موحد بين العرب والمسلمين في علاقة بالتاريخ العربي الإسلامي.
تونس عاشت حدثا مهما يوم 25 يوليو/تموز.. ما أفق هذا الإجراء الذي قام به قيس سعيد؟
وقعت مع مجموعة من المثقفين التونسيين على بيان مساندة لإجراءات 25 يوليو/تموز، واعتبرناها إجراءات ضرورية لتخليص البلد من برلمان كان قد عرف مشاهد عنف وتدني أخلاقي كبير.
وبخصوص ما يسمى بالانتقال الديمقراطي في تونس وإن شهد بعض نقاط الضوء من حرية تعبير وتعددية حزبية لم نشهد تحسنا ولا إصلاحات حقيقية أو رغبة في الإصلاح.
والديمقراطية ليست فقط انتخابات، لكن ما حصل في تونس انحراف خطير بالبلاد، وما حصل يوم 25 يوليو/تموز ربما هو انتقام الدولة من الأحزاب التي اشتغلت على مصالحها الضيقة دون التفكير في مصالح التونسيين.
كما أن الإسلام السياسي وصل لتونس بقوة منذ سنة 2011 بطريقة مهيكلة، وفرض نفسه على الساحة السياسية لكن بتلوينات النهضة وائتلاف الكرامة والتي طرحت على نفسها أن تكون تعبيرات أخلاقوية في واقع الأمر، لكنها انحرفت في عملها وأدائها اليومي.
وتوجه التونسيين لمقرات حزب النهضة يوم 25 يوليو/تموز الماضي هو ترجمة لغضبهم من منظومة الحكم وما حصل هو محاولة لإعادة البلاد للدولة واستعادة شيء من سيادتها على نفسها وسيادة الشعب على مصيره.
وأتمنى أن تكون الرؤية القادمة هي إعادة تصحيح المسار، خاصة أنه ليس من الطبيعي أن نبقى في سنة 2021 حبيسي خصومات سياسية كانت موجودة فى الجامعة التونسية في ثمانينيات القرن الماضي بين اليسار التونسي واليمين الإسلامي، وما شاهدناه في سنة 2011 من نقاشات لبعض السياسيين هو تكرار عقيم لبعض غوغائيات الجامعة التونسية التي لا تفيد تونس بأي شيء وتجاوزها الزمن.
أخيرًا.. ما التهديدات التي تمس تونس بالربط مع التطورات الإقليمية وتحرك الجماعات الإسلامية؟
أنا متفائلة خيرا بتغيير 25 يوليو/تموز، فما يحدث في ليبيا من عدم استقرار سياسي يجعلنا في حاجة للاهتمام بالأمن القومي، خاصة بعد التطورات التي يعيشها الساحل الأفريقي وانعكاسها على الوضع الأمني في الجارة ليبيا.
aXA6IDMuMTQyLjIxMC4xNzMg جزيرة ام اند امز