أمريكا تطفئ «شعلة التنمية» بأفريقيا.. إنهاء دور «تحدي الألفية»

في خطوة تترك فراغًا جيوسياسيًا في أحد أكثر الميادين التنافسية عالميًا، أمرت إدارة الرئيس دونالد ترامب بإغلاق مؤسسة تحدّي الألفية.
وتعد مؤسسة تحدي الألفية، إحدى أبرز أدوات الدبلوماسية التنموية الأمريكية، التي لعبت دورًا محوريًا في تمويل مشاريع البنية التحتية وتعزيز الحوكمة في أفريقيا وغيرها.
- بينها 8 في أفريقيا.. ترامب يدرس إغلاق سفارات وقنصليات أمريكية
- أفريقيا خارج أولويات أمريكا.. تحولات أمنية وتحالفات جديدة في الأفق
انسحاب مفاجئ
وتم الإعلان عن الإغلاق خلال اجتماع داخلي، أبلغ فيه أحد كبار المسؤولين موظفي المؤسسة بأن القرار يدخل حيز التنفيذ على الفور.
ويتضمّن ذلك تعليق مشاريع تنموية بقيمة مئات الملايين من الدولارات، من بينها مشروع في زامبيا بقيمة 500 مليون دولار يهدف إلى تحسين الطرق والري والطاقة.
وجاءت هذه الخطوة بالتزامن مع مذكرة داخلية تفيد بأن هيئة الكفاءة الحكومية، التي يديرها إيلون ماسك، تخطط لتقليص كبير في ميزانية المؤسسة وعدد موظفيها، ضمن خطة حكومية أوسع لإعادة الهيكلة.
وكانت وثيقة داخلية كشفت قبل أيام عن خطة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإغلاق 27 سفارة وقنصلية تابعة للولايات المتحدة حول العالم.
وفي خطوة موازية لقرارها بإغلاق «مؤسسة تحدي الألفية»، تسير إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو تقليصٍ أوسع للحضور الدبلوماسي الأمريكي حول العالم، ما ينذر بتحول استراتيجي جذري قد يُفقد واشنطن كثيرًا من أدوات نفوذها الناعمة، لا سيما في أفريقيا، حيث تنشط الصين اقتصاديًا بشكل متسارع.
فقد كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مضمون مذكرة غير مؤرخة لوزارة الخارجية الأمريكية، اطلعت عليها «العين الإخبارية»، تدرس الإدارة بموجبها خططًا لإغلاق 10 سفارات و17 قنصلية أمريكية، إلى جانب تقليص أو دمج طواقم العديد من البعثات الأخرى. وهي خطط تُعد امتدادًا لمقترحات سابقة طُرحت مطلع العام الجاري، شملت إغلاق 12 بعثة دبلوماسية وتسريح عدد كبير من الموظفين المحليين العاملين فيها.
وتتماهى هذه التوجهات مع استراتيجية إدارة ترامب لخفض الإنفاق الحكومي، حيث ناقش مسؤولون في وزارة الخارجية خفضًا جذريًا يقارب 50% من ميزانية الوزارة، ضمن ما يُعرف بمشروع «إعادة تشكيل الدولة العميقة» الذي يقوده ماسك عبر هيئة الكفاءة الحكومية (DOGE).
ما هي مؤسسة تحدي الألفية؟
أُنشئت مؤسسة تحدي الألفية عام 2004 بمبادرة من الرئيس جورج دبليو بوش لدعم الدول التي تفي بمعايير واشنطن في الحكم الرشيد، الديمقراطية، والاقتصاد الليبرالي.
وتبنّت المؤسسة نموذج "الشراكة مقابل الأداء"، حيث تمنح التمويل للدول التي تُظهر تقدمًا ملموسًا في مجالات حيوية مثل التعليم، الصحة، ومحاربة الفساد.
واستثمرت المؤسسة منذ تأسيسها أكثر من 17 مليار دولار في مشاريع تنموية، معظمها في أفريقيا، وتمكنت من بناء سجل ناجح في تحقيق نتائج قابلة للقياس، ما جعلها تحظى بدعم سياسي نادر من كلا الحزبين الأمريكيين.
أفريقيا.. ميدان منافسة عالمي
ومع انكفاء واشنطن عن دورها التنموي، تزداد هيمنة الصين في أفريقيا عبر مبادرات وشراكات.
فقد بلغت قيمة التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا 167.8 مليار دولار خلال النصف الأول فقط من 2024، ما يجعل بكين الشريك التجاري الأكبر للقارة.
الغياب الأمريكي المتوقع عن مشاريع التنمية سيمنح الصين مساحة أوسع لترسيخ نفوذها، ليس فقط اقتصاديًا، بل سياسيًا واستراتيجيًا أيضًا.
ويرى محللون أن الإغلاق يعكس توجهًا سياسيًا نحو تقليص الدور الخارجي للولايات المتحدة، والتركيز على الشأن الداخلي.
غير أن التخلي عن أداة فعّالة مثل مؤسسة تحدي الألفية قد يُفقد أمريكا أحد أهم وسائلها في كسب الحلفاء والتأثير على السياسات العالمية عبر التنمية.
aXA6IDE4LjE4OC4xNS4yNDYg جزيرة ام اند امز