ظلال أمريكية على حرب أوكرانيا.. «سلام بعيد المنال»
يجب أن تكون أوكرانيا آمنة ومستقرة، ولتحقيق هذا الهدف، يتعين على الجمهوريين والديمقراطيين في أمريكا إيجاد أرضية مشتركة لإنهاء الحرب.
إن القضية في أوكرانيا ليست ذات أهمية قصوى بالنسبة لكييف فحسب، بل تظل حاسمة لأمن المواطنين في الولايات المتحدة والعالم الغربي ككل ففي أسوأ الأحوال قد يؤدي استمرار الحرب إلى الفناء النووي، وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستيت كرافت".
وبحسب المصدر ذاته، يوجد هدفان رئيسيان مقبولان من جانب الغالبية العظمى داخل أروقة السياسة الأمريكية وأيضا الغالبية العظمى من الشعب الأمريكي.
فالجميع لا يريد حربا مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى خطر حرب نووية كارثية، والجميع أيضا يريد الحفاظ على أكبر قدر ممكن من أوكرانيا كدولة مستقلة مع فرصة إعادة بناء اقتصادها والانضمام في النهاية للاتحاد الأوروبي، فإذا لم تستطع كييف إعادة بناء نفسها فستظل جرحا مفتوحا في أوروبا تترتب عليه كوارث وخيمة على المنطقة.
وللأسف، لا تتضمن المناقشة السياسية الأمريكية حاليا سوى القليل جدا من المناقشة حول كيفية تحقيق هذين الهدفين وسط تبادل للاتهامات، إذ أصبحت هذه اللهجة الحادة هي القاعدة في الحملات الانتخابية وسط مؤشرات على استمرارها عقب الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
فمن المرجح أن يبذل الديمقراطيون والجمهوريون قصارى جهدهم لتخريب الجهود التي يبذلها كل طرف منهما حول أوكرانيا.
ولأنها القوة الدولية الأبرز في العالم، لا تستطيع الولايات المتحدة تحمل مثل هذا الشلل، وإذا لم تنته الحرب قريبا، فمن المرجح أن يتحرك الوضع في أوكرانيا بسرعة نحو نقطة تضع الإدارة الأمريكية أمام خيارين فقط إما الاستسلام لخسارة أوكرانيا المزيد من الأراضي وإما تصعيد الحرب لتصبح مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا.
ويرى منتقدو الرؤية الجمهورية أن الجمع بين الحياد الأوكراني ووقف إطلاق النار على طول الخطوط الأمامية الحالية، كما اقترح السيناتور جيه دي فانس المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس، لن "يمنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كل ما يريده".
وما يجب على الولايات المتحدة التوصل إليه هو كيفية إنشاء مزيج مستقر من الردع العسكري والضمانات الدبلوماسية في أوروبا، من أجل تقليل احتمالات الحرب بين حلف الناتو وروسيا، ويحافظ في الوقت نفسه على استقلال أوكرانيا وأمنها، بحسب موقع "ريسبونسيبل ستيت كرافت".
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية كبيرة من الروس تعارض بشكل قاطع أي شيء يشبه "استسلام" بلادهم في أوكرانيا، كما تظهر الاستطلاعات استعداد الغالبية العظمى لقبول تسوية سلمية الآن.
لكن هل توافق أوكرانيا على هذا؟.. تشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن أعداداً متزايدة من الأوكرانيين تشك في قدرة البلاد على استعادة كل الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
وفي أوروبا يرى كثيرون أن ترسيخ الحياد الرسمي لأوكرانيا سيعكس حقيقة مفادها بأن حكومات حلف دول الناتو، بدعم من الغالبية العظمى من سكانها، أعلنت مراراً وتكراراً أنها لن تخوض حرباً للدفاع عن أوكرانيا، بالتالي فإن عضوية حلف شمال الأطلسي بالنسبة لكييف فكرة غير عملية.
وسيشكل تحريك روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي باتجاه تسوية مقبولة للجانبين لإنهاء الحرب تحديا هائلا للرئيس الأمريكي المقبل، ولا يمكن تجاوزه إذا استمرت الخلافات الحزبية في واشنطن التي ستغذي شكوك روسيا في قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ شروط أي اتفاق، وستدفع رافضي الاتفاق في أوكرانيا أو أوروبا للاعتقاد بأنهم قادرون على استغلال الخلل الحزبي في أمريكا لمنع أي تسوية تفاوضية.