أسواق الطاقة.. العرض والطلب على النفط يقلب المشهد
في الربع الثالث 2014، بدأت تظهر معالم تراكم كبير في مخزونات النفط الخام حول العالم، وذلك وسط ظهور مؤشر على تباطؤ اقتصادي، بعد تعاف من الأزمة المالية العالمية.
وفي نهاية 2015، بلغ إجمالي فائض النفط الخام في الأسواق قرابة 8 ملايين برميل يوميا، فائضة عن حاجة المستهلكين في مختلف أنحاء العالم، دون وجود مبادرات جدية لاستعادة التوازن.
في الربع الأول 2016، تراجعت أسعار النفط الخام إلى متوسط 26 دولارا لبرميل برنت، وهو أدنى مستوى في ذلك الوقت منذ عام 2002، بعدها بدأت محادثات أفضت إلى تشكيل تحالف "أوبك+".
وبينما ظل معروض النفط حاضرا في الأسواق العالمية، إلا أن الفائض تراجع من متوسط 8 ملايين برميل يوميا، إلى 5 ملايين برميل يوميا، ثم إلى 3 ملايين برميل يوميا بحلول 2021.
اليوم، يبلغ متوسط الطلب العالمي على النفط الخام 100 مليون برميل كمتوسط في 2022، وتتوقع منظمة البلدان المصدرة للبترول أن يرتفع الطلب إلى 102 مليون برميل يوميا في 2023، بينما تتوقعه وكالة الطاقة الدولية 101.6.
ارتفاع الطلب
ارتفاع الطلب على النفط الخام، يأتي على الرغم من تسجيل الأسعار مستويات مرتفعة كمتوسط في 2022 فوق 100 دولار للبرميل، لكن الحاجة الملحة إلى مصادر الطاقة التقليدية، تبقي الأسعار مرتفعة.
يأتي ذلك، بينما تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينخفض الإنتاج الروسي بما يقرب من 3 ملايين برميل في اليوم هذا العام مع بدء المزيد من العقوبات الغربية على موسكو، بسبب حرب الأخير على أوكرانيا.
وأمام هذه المعطيات، من المتوقع أن تشهد إمدادات النفط العالمية كفاحا كبيرا لتلبية الطلب المتزايد العام المقبل، على الرغم من المؤشرات المبكرة على أن الأسعار القياسية بدأت تلقي بثقلها على الاستهلاك.
في أول توقعاته لعام 2023، توقع مركز أبحاث الطاقة التابع لوكالة الطاقة الدولية، والذي يقدم المشورة للدول الرئيسية المستهلكة للنفط بشأن سياسة الطاقة، أن الطلب في العام المقبل سينمو بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا إلى 101.6 مليون برميل في اليوم.
وبينما توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تزيد الولايات المتحدة بشكل كبير الإنتاج المحلي في عامي 2022 و 2023، فإن أعضاء مجموعة منتجي أوبك وحلفائها، بما في ذلك روسيا، سيجدون صعوبة في الحفاظ على زيادة الإنتاج لمواجهة الاستهلاك المتزايد.
الإمدادات
فإمدادات النفط العالمية قد تكافح لمواكبة الطلب العام المقبل مع اختفاء الفائض كليا بحلول العام الجاري، حيث تجبر العقوبات المشددة روسيا على إغلاق المزيد من الآبار ويصطدم عدد من المنتجين بالقيود على الطاقة الإنتاجية.
لكن النفط الخام، سيكون كما الغاز، سيجد طريقه للاستهلاك بعيدا عن الدول الغربية، وأقرب إلى دول شرق آسيا وجنوب شرق آسيا، حيث أسواق استهلاك ضخمة هناك (الصين، الهند، كوريا الجنوبية، اليابان، سنغافورة، باكستان).
لن تأتي دول العالم بالنفط من خارج الكرة الأرضية، ما سيحصل هو إعادة توزيع الإنتاج على المستهلكين مرة أخرى، بحيث لا يجد النفط الروسي طريقا له إلى دول الغرب.
هذا العام، وصلت أسعار النفط إلى مستويات شبه قياسية في الأشهر الستة الماضية، حيث أدى تعطل تدفقات الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم مشاكل الإمداد بسبب قلة الاستثمار وانتعاش الطلب بعد حالة الطوارئ الصحية.
لامس خام برنت القياسي، أعلى مستوى في 14 عاما عند 139 دولارا للبرميل في مارس/آذار الماضي، بعد وقت قصير من بدء الأزمة الروسية الأوكرانية.
وقال كالوم ماكفيرسون، رئيس السلع في إنفستيك ، إن توقعات العرض والطلب للعام المقبل، تشير إلى أن أسعار النفط ستزيد العام المقبل، مضيفا أن ارتفاع الأسعار سيضطر في النهاية إلى كبح الطلب.
وأضاف في حيث مع صحيفة فايننشال تايمز: "ربما تكون هناك طريقة أخرى للنظر في توقعات وكالة الطاقة الدولية وهي التساؤل عن السعر الذي يحتاجه النفط للوصول لمنع نمو الطلب بمقدار 2.2 مليون برميل في اليوم العام المقبل".
aXA6IDMuMTM4LjEyNi4xMjQg جزيرة ام اند امز