«خطايا» زوجات هنري الثامن.. ما لم يقله التاريخ
هل كان الملك الإنجليزي هنري الثامن عاجزا بالفعل عن التخلص من زوجاته ما اضطره لاتهام اثنتين منهن - أو أكثر- بـ«الزنا» وإعدامهما؟
استفهام يعيد النظر في رواية المؤرخين عن الحياة الخاصة للملك المثير للجدل الذي حكم بلاده بين 1509 و1547.
- المال والحب.. هكذا تنازل «الملك العاشق» عن عرش بريطانيا
- بعد جدل «نهاية اللعبة».. كيت «صانعة سلام» بأمر الملك تشارلز
هنري الثامن (ولد في 1491 وتوفي في 1547) صوره التاريخ على أنه الملك الذي تربع على عرش قائمة ملوك قتلوا زوجاتهم، فقد قتل زوجتين على الأقل من زوجاته الست، بعد اتهامهما بـ«الزنا والسفاح».
لكن بعض المراجع الحديثة تطرح مراجعات عميقة حول سيرة الملك الإنجليزي، متسائلة عما إن كان ملك بحجمه عاجزا عن التخلص من زوجاته بطرق عادية مثل استبعادهن من القصر أو نفيهن.
أو لم يكن قويا لدرجة أنه ثار على السلطة الدينية وفصل كنيسة إنجلترا عن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وقام بحل الأديرة؟، وتلك كانت خطوة جريئة من الصعب أن يقدم عليها حاكم في ذلك الزمن.
الحكاية
عاش هنري الثامن في القرن السادس عشر ميلادي، تزوج في البداية بالملكة كاثرين أراغون، لكن ومع مرور الوقت، عجزت زوجته عن إنجاب وريث للعرش، وهي الأمنية التي كان الملك يصلي ليلا ونهارا من أجل أن تتحقق.
وبمرور السنوات، أدرك الملك أن رغبته لن تتحقق، تماما كما لن يتمكن من الطلاق من كاثرين لأن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية لن تسمح بذلك.
لكنه لم يستسلم، وبلغ به الغضب في أحد الأيام لأن توصل فجأة إلى أن الحل الوحيد الذي سيخلصه من زوجته هو أن يمتلك قرار الكنيسة.
وبالفعل، قام بفصل كنيسة إنجلترا عن كنيسة روما والسلطة البابوية، وحل الأديرة وعين نفسه رئيسا لكنيسة إنجلترا، وبذلك شرع لنفسه طلاقه من الملكة.
لم يكن قرار انفصاله عن كاثرين اعتباطيا، فعلى الجانب الآخر من الأحداث كانت هناك محبوبته آن بولين التي بات يرغب بشدة في الزواج بها، خصوصا أنها لم تستلم لإغوائه، واشترطت الزواج.
وما بين الزوجة والمحبوبة كانت هناك عشيقة، واللافت أنها كانت أخت آن بولين، وقد أنجبت للملك طفلين، ذكرا وأنثى، لكن وباعتبار أنهما كانا غير شرعيين، فإنه لا يحق لأحدهما تولي العرش.
لم يتبق أمام هنري الثامن سوى الزواج بمحبوبته آن بولين بعد أن بقي يتودد إليها لمدة 6 سنوات، لكنها كانت ذكية بما يكفي لتتلافى مصير أختها.
«الزنا» بين روايتين
لم يفلح ذكاء بولين في تغيير مجرى القدر، فبعد زواجها بالملك لم تنجب له سوى فتاة، وعجزت عن تحقيق أمنيته بمنحه وريثا للعرش، وهو ما أصابه بخيبة أمل كبيرة.
وبمرور الوقت، تملك هنري الثامن نوع من النفور تجاه زوجته، حيث بات يهملها ويقضي كامل وقته مع عشيقاته، قبل أن يقرر التخلص منها إلى الأبد.
وبالفعل، انتهى الأمر بهنري الثامن أن اتهم زوجته بالزنا وسفاح القربى، وأعدمها أمام جمع من الناس في 19 مايو/أيار من عام 1536.
لكن هل خانت بولين الملك بالفعل؟
هذا ما لم يذكره التاريخ، فيما تداركته بعض المراجع لاحقا، مشيرة إلى أن آن خانت هنري الثامن بالفعل، وأن اتهامه لها لم يكن مكيدة أو سببا للتخلص منها، لأنه كان قادرا على القيام بذلك بشتى الطرق.
وما يدعم هذه النظرية، هو أنه كان قادرا على تطليقها كما فعل مع الملكة كاثرين، ولم يكن قط مضطرا لإعدام أم ابنته.
خيانة ثانية؟
لم تكن آن الزوجة الوحيدة التي واجهت تهمة الزنا من الملك، فلقد كانت نهاية زوجة أخرى أيضا حزينة وبتفاصيل مشابهة.
تزوج الملك من كاثرين هوارد، وهي ابنة عم آن بولين، ونصبت ملكة على إنجلترا من 1540 حتى عام 1541، وكانت حياتها مع هنري الثامن تبدو طبيعية إلى حين حدثت الكارثة.
وفجأة ودون سابق إنذار، قرر الملك إعدامها وقطع رأسها في 13 فبراير/شباط من عام 1542، وكانت تهمتها الزنا أيضا.
لكن هذه المرة، كانت تهمة ملفقة أو كيدية من جانب الملك الذي أراد التخلص منها وليس عجزا في الحصول على طريقة لفعل ذلك، ويبدو أن خيانة آن له خلقت لديه نوعا من الصدمة والشكوك.
ولذلك، كان ينشر الأعين حول زوجته وأحيانا كان يراقبها بنفسه من منطلق تشكيكه حتى في صدق جواسيسه، ثم كان يفتعل المشادات معها ويوجه إليها اتهامات من محض خياله.
وفي أحيان كثيرة، كان يدخل في نوبات غضب هستيري انتهت بزوجته إلى حبل المشنقة، حيث فصل جلاد رأسها عن جسدها على مرأى من جمع غفير من الناس.
ويقال إن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، بل عانت زوجات أخريات للملك من نفس الهستيريا، وقتلن بنفس الطريقة، وإن لم يركز عليهن المؤرخون بشكل كبير.