لوفيجارو: استبداد أردوغان يدفع الديمقراطية التركية للانهيار
الصحيفة اعتبرت أن إعادة الانتخابات في إسطنبول بمثابة المسمار الأخير في نعش الديمقراطية
اعتبرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن النموذج الديمقراطي التركي انهار نتيجة الممارسات الاستبدادية للرئيس رجب طيب أردوغان، وعددت الأمثلة بإلغاء نتائج الانتخابات في إسطنبول بعد فوز مرشح المعارضة وعمليات اعتقال الصحفيين وأساتذة الجامعات.
- مقصلة أردوغان.. اعتقال 158 عسكريا بزعم الانتماء لغولن
- بعد خسارته الانتخابات.. أردوغان يسعى لتجميل صورة يلدريم بوظيفة جديدة
ورأت الصحيفة الفرنسية أن إعادة الانتخابات في إسطنبول بمثابة المسمار الأخير في نعش الديمقراطية التركية، موضحة أن أردوغان "أغرق البلاد في وضع متردٍ تقشعر له اﻷبدان".
وأشارت إلى أنه بعد طوفان من الطعون والضغط من قبل نظام أردوغان، ألغى حزب العدالة والتنمية الحاكم واللجنة الانتخابية العليا التركية، 6 مايو/أيار الماضي، انتخابات بلدية إسطنبول التي أجريت في 31 مارس/آذار، بفوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو.
ووفقاً للصحيفة فإن كثيراً من المراقبين اعتبروا أن قرار إلغاء الانتخابات بمثابة "انقلاب على الانتخابات". فيما قال الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، سونر كاجابتاي: "حتى يومنا هذا، كانت عملية الاقتراع رجلاً مقابل صوت، ولكن ما يفعله أردوغان هو التصويت حتى يفوز الحزب الحاكم".
وعادت الصحيفة الفرنسية لتؤكد: "في السنوات الأخيرة، ازدادت المخالفات بشكل مطرد في كل حملة انتخابية، كمحدودية البث للمرشحين المناهضين لأردوغان، واتهام المعارضين بدعم الإرهاب، وصعوبة الوصول إلى بعض مراكز الاقتراع في المحافظات الكردية في الجنوب الشرقي".
ولفتت الصحيفة إلى أن "النشطاء الديمقراطيين ما زالوا يرغبون في الإيمان بقوة الانتخابات، باعتبارها الحلقة الأخيرة في سلسلة من أمل الحياة الديمقراطية التي بددها أردوغان".
من جانبه، قال أحمد سيك، النائب المؤيد للأكراد، والصحفي السابق بصحيفة "جمهورييت"، إن ما حدث انقلاب جديد في تركيا"، في إشارة منه إلى إلغاء الانتخابات في إسطنبول.
وتساءلت الصحيفة عما يدور في رأس أردوغان، موضحة أن "الشخص الذي وجد نفسه في عام 2011، مدفوعًا بفخر على أغلفة مجلة تايم الأمريكية، باعتباره رجل المعجزة الاقتصادية التركية ورمزاً لنموذج يجمع بين الإسلام والديمقراطية، بدأ صعوده منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2002، عندما فاز المحافظون الإسلاميون في حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية، ثم أصبح رئيساً للوزراء في العام التالي".
ووفقاً للصحيفة فإن أردوغان منذ أن قاد خطة أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ومحادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني، في عام 2014، ثم انتخابه رئيسا عن طريق الاقتراع العام المباشر، بدأت العلامات الأولى للانحراف الاستبدادي تظهر على وجهه، خاصة خلال الحملة على مظاهرات "جيزي" في عام 2013.
وفي يونيو/حزيران 2015، كان الانتهاك الحقيقي الأول لقانون صندوق الاقتراع بإلغاء الانتخابات التشريعية وتنظيم انتخابات مبكرة لاستعادة الأغلبية البرلمانية وإغلاق الطريق على حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد، في إطار خطاب جديد إما "حزب العدالة والتنمية أو الفوضى".
وغذى تلك الانحرافات الانقلاب المزعوم الذي وقع في يوليو/تموز 2016، بدعوى القضاء على أنصار فتح الله غولن، المتهم بأنه المدبر الرئيسي للانقلاب وجراء ذلك استهدف الصحفيين والطلاب والمدرسين وأساتذة الجامعات والعلماء، وفقاً لـ"لوفيجارو".
وعزز أردوغان تحالفه مع القوميين المتطرفين في حزب الحركة القومية العليا، وتم تعديل الدستور لتعزيز سلطته، بإعادة انتخابه في يونيو/حزيران 2018، ليصبح رئيساً مدى الحياة متعدد الصلاحيات.
وبموازاة ذلك، أدرج عدد البلديات التابعة للمنطقة الكردية الجنوبية الشرقية، تحت وصاية أنقرة، مثلما يحدث اليوم في إسطنبول، تحت سيطرة مؤقتة لحاكم المدينة، في انتظار الانتخابات المقررة في 23 يونيو/حزيران.
ونوهت "لوفيجارو" بما قالته الصحفية أريان بونزون في كتابها "ساعة الحقيقة": "إن الدولة الآن بين يدي الرئيس التركي وعشيرته وحزبه وحلفائهم القوميين المتطرفين"، مشددة على أنه "لا ينبغي أن تسمحوا بظهور "السلطان الجديد".
ولفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة مرمرة عثمان سافاسكان إلى أن "الشركات المقربة من أردوغان استفادت من خدماته"، موضحاً أنه "بين عامي 2011 و2018، ارتفع عدد الشركات الخاصة التي وقعت عقوداً مع إسطنبول من 20 إلى 30، بعض رؤسائها لديهم علاقات شخصية مع أردوغان".
وتدور الشائعات حول تأثير صهره ووزير المالية بيرت البيرق في هذا القرار المثير للجدل بالدعوة إلى انتخابات جديدة، كما يعود أيضًا سليمان سويلو، وزير الداخلية التركي، بحسب "سافاسكان".
ويرى المحلل السياسي التركي إلهان أوزجل، أنه "من الصعب تحديد من ينصح أردوغان، ويملي عليه القرارات"، مضيفاً أن "السلطة هي لغز صندوق أسود حقيقي مليء بالأسرار".
aXA6IDE4LjIxNi40Mi4yMjUg جزيرة ام اند امز