أردوغان والمعارضة.. ترهيب وتكميم ولعب على كل الأوتار
الرئيس التركي يلعب على أوتار مشاعر المسلمين ويتهم منافسية بخيانة إرث أتاتورك في محاولة منه للتشكيك في ولائهم لتركيا.
لا يفوت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فرصة لتشويه منافسيه في الانتخابات المقررة في 24 يونيو/حزيران، إلا واستغلها.
فهو لا يمل من التصيد لمنافسيه مستغلا بعض كلماتهم، حتى لو وقف في صف المتطرفين، في محاولة بائسة منه لاستعادة جزء من شعبيته التي مُني بانخفاض حاد.
وانهارت شعبية أردوغان جراء سياساته القمعية والاقتصادية التي زجت بآلاف الأتراك في السجون وأطاحت بالآلاف من وظائفهم وهوت بالاقتصاد التركي إلى القاع.
- انهيار الليرة والتدهور الاقتصادي يفضحان أكاذيب أردوغان
- تركيا.. تنصل دولي ينزع الشرعية عن انتخابات أردوغان
أردوغان والإسلام.. استدعاء عند الحاجة
وجد أردوغان ضالته هذه المرة في دغدغة مشاعر الناخبين الأتراك، عن طريق التعريض بمنافسه "العلماني" محرم إينجه، مرشح حزب الشعب الجمهوري.
واتهم الرئيس التركي معارضيه بخيانة إرث مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، في كلمة ألقاها في فعالية خاصة بمركز "خليج" للمؤتمرات في مدينة إسطنبول بمناسبة ذكرى فتح إسطنبول في عام 1453 الموافق 29 مايو/أيار من كل عام، وذلك في محاولة منه للتشكيك في ولائهم لتركيا، وحرصهم على القيم العلمانية التي يجاهرون بها، ويشير إلى أنّ ممارساتهم وشعاراتهم تنصبّ في صالح "الغرب وأعداء الإسلام"، بحسب تعبيره.
وأضاف: "لم ننسَ الذين لا يتحملون رؤية عَلمِنا، ولا المنزعجين من الأذان، لا داعي لأن نذهب بعيدا، ما رأيناه خلال المرحلة الراهنة التي نقبل فيها على انتخابات 24 يونيو المقبل وحده كافٍ لإظهار هذه الحقائق".
اتهام المعارضة بمحاولة تقسيم البلاد
واعتبر الرئيس التركي أن حزب الشعب الجمهوري، تحوّل إلى دعامة للانقساميين، الذين يعملون للتفريق بين الشعب التركي وتقسيم وتدمير البلاد، رغم أنهم يدعون بأنهم الحزب الذي أسس الجمهورية، لكنهم يخونون أيضا إرث أتاتورك".
وأضاف: "نعلم أننا نخوض منافسة مع الأحزاب التي تسرد وعودها في السياسة الخارجية بهذه الانتخابات، وفق مطالب القوى التي يراها شعبنا أنهم الممثلون الحاليون للبيزنطيين، وليس وفق مصالح تركيا وشعبها".
وزعم أردوغان، أنه نمّى الديمقراطية، رغم أنه يقبع في سجونه أكثر من 50 ألف شخص على ذمة المحاكمة بزعم مساهمتهم في الانقلاب الفاشل، كما أوقفت السلطات عن العمل نحو 150 ألفا من الموظفين الحكوميين، بينهم مدرسون وقضاة وجنود بموجب أحكام الطوارئ التي فرضتها تركيا بعد محاولة الانقلاب.
وقال: "قمنا بتنمية ديمقراطية بلادنا واقتصادها على مدى 16 عاما".
أردوغان يرهب المنافسين.. حتى السلام أصبح لعنة
"أنتم في قبضتنا".. هذا هو ما يسعى لتصديره الرئيس التركي لمنافسيه، فمع تزايد كوارثه بحق الاقتصاد التركي وعملته، وصدور عدة استطلاعات للرأي تشير إلى احتمال خسارة حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا بعد 16 عاما من الحكم، فإن أردوغان يعمل بكل ما أوتي من قوة لترهيب أي مرشح رئاسي معارض قد يشكل خطورة وتقييد حرية حركته.
الرئيس التركي لم يترك أي فرصة لمحرم إينجه ولا أي من معارضيه وأصبح اقتراب أي شخص من مرشحي المعارضة أو حتى التقاط صورة معهم بمثابة لعنة تصيبهم، وآخر الأمثلة على ذلك إقالة الدكتور علاء الدين دوران، رئيس جامعة جيرا باشا في إسطنبول، بمجرد إعلانه تأييد حضور إينجه إلى الحرم الجامعي.
كما ألغى أردوغان عروضا لفرقة سولوتورك التابعة للقوات الجوية التركية والمتخصصة في استعراضات طائرات إف-16، بمجرد مصافحة أعضاء الفريق المرشح إينجه، السبت الماضي، بقرار من مكتب رئيس الأركان.
أردوغان يسيطر على الإعلام.. الصوت الواحد
"لن نُسمع صوتكم لأحد".. هكذا يتعامل أردوغان مع منافسيه في الانتخابات، فبعد سيطرته على غالبية وسائل الإعلام لم يعد يسمح للمعارضين حتى بالظهور الإعلامي سوى دقائق قليلة.
فقد ظهر إينجه، الخميس الماضي، على شاشة قناة (سي.إن.إن ترك)، وهي قناة مملوكة لمجموعة دوغان الإعلامية التي استحوذ عليها مؤخرا حليف لأردوغان، وتمّت بعدها إقالة الموظفين بأعداد كبيرة، لكنه فاجأ المذيعين الثلاثة، بنبرة انتقاد حادة، لكنه لم يتمكن من المواصلة وأنهى المقدمون اللقاء بوجوه متجهمة، وصاروا مثار سخرية وسائل التواصل الاجتماعي في اليوم التالي.
كما استخدم أردوغان نفس الأسلوب المستخدم ضد ميرال أكشنير، مؤسسة "حزب الخير"، وحرمها من القيام بحملة دعائية قدر المستطاع.
كما خصصت قناة (تي.آر.تي) المملوكة للدولة 36 ساعة كاملة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحملة الانتخابية لتغطية مرشحي حزب العدالة والتنمية، مقارنة بثلاث ساعات وأربع دقائق لمرشحي حزب الشعب الجمهوري المعارض و40 دقيقة لشركاء متحالفين مع أردوغان في حزب الحركة القومية وتسع دقائق ونصف لأكشنير، فيما لم يحظ حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد وحزب السعادة بأي تغطية على الإطلاق.
كما لم تختر وكالة الأناضول الإخبارية المملوكة للدولة تغطية أي تجمع انتخابي لأكشنير على الهواء مباشرة، رغم التغطية المكثفة لخطابات أردوغان وتحركاته ولرئيس الوزراء بن علي يلدريم ولبكر بوزداغ المتحدث باسم الحكومة وإبراهيم كالين المتحدث الرئاسي، كما وصل الدعم لأردوغان أيضا من شبكات التلفزيون الخاصة.
وكانت إحدى الشبكات أذاعت ذات مرة ثوانٍ قليلة من إحدى تجمعات أكشنير في تغطيتها الإخبارية، وتسبب هذا في فصل موظفين اثنين مسؤولين عن ذلك، فيما يقبع صلاح الدين دميرتاش المرشح الرئاسي عن حزب الشعوب الديمقراطي في السجن بتهم تتعلق بالإرهاب.
فضيحة شهادة أردوغان الجامعية تطارده
لا يزال صدى الطلب الذي تقدم به حزب خلاص الشعب (HKP) للجنة العليا للانتخابات لإلغاء ترشيح مرشح حزب العدالة والتنمية ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، مؤكدا أن شهادة تخرجه الجامعية المزيفة، تسيطر على الشارع التركي، الذي أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي منه حملة تطالب أردوغان بإثبات دراسته للاقتصاد.
وعبر وسم "أظهر يا رئيس الشهادة الجامعية" طالب الآلاف أردوغان بإظهار شهادته الجامعية التي تثبت حصوله على شهادة جامعية في الاقتصاد.
وكان مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض محرم إينجه قد ذكر أن أردوغان يجيب عن كل تساؤلاته غير أنه لا يجيب عنه عند سؤاله عن شهادته الجامعية.
وفي ذات السياق، تلقت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طلبا حول التحقيق في زيف الشهادة الجامعية الخاصة بأردوغان.
وكان الجدل أثير لأول مرة حول عدم امتلاك أردوغان شهادة جامعية في مطلع شهر يوليو/تموز عام 2016.
وأوضح حزب خلاص الشعب، في طلبه أمام اللجنة العليا للانتخابات، أن من متطلبات الترشح لرئاسة الجمهورية الحصول على مؤهل جامعي أربع سنوات، بينما شهادة تخرج أردوغان في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في ذلك الوقت كانت 3 سنوات فقط، مؤكدا أن شهادة التخرج المستخدمة لترشح أردوغان مزيفة ولا يحق له الترشح.
واستند طلب الحزب إلى المادة السادسة من قانون انتخابات رئاسة الجمهورية رقم 6271 و101 من الدستور، الذي ينص على صدور قرار بإلغاء ترشح أي مرشح لرئاسة الجمهورية إذا لم تتوافر فيه الشروط، وكذلك المادة 204 من قانون العقوبات التركي رقم 5237 والخاص بجرائم التزييف والتزوير.
وبحسب السيرة الذاتية للرئيس، فإن أردوغان قد تخرج عام 1981، بعد دراسة أربعة أعوام في كلية العلوم الاقتصادية والإدارية من جامعة مرمرة، بينما تم افتتاح كلية الاقتصاد في جامعة مرمرة عام 1982، أي بعد سنة من تخرج أردوغان المزعوم.
وتؤكد الجمعية المذكورة، في بيان لها، أن أردوغان لم يحصل سوى على شهادة “premier cycle” أي دراسة عامين أو ثلاثة أعوام بعد شهادة الثانوية في مؤسسة تم إلحاقها بجامعة مرمرة بعد دراسة الرئيس فيها، بينما لم يتم افتتاح كلية الاقتصاد في جامعة مرمرة سوى في عام 1982، أي بعد عام من نهاية دراسة أردوغان.