تركيا.. تنصل دولي ينزع الشرعية عن انتخابات أردوغان
ضربات متتالية لنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من كل دول العالم والمنظمات الدولية تهدد شرعية الانتخابات التركية.
العالم يلفظ نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.. هذا ما تكشف عنه الأحداث يوما بعد يوم، ويضيق الخناق على النظام التركي، الذي لم تعد تصرفاته مقبولة لغالبية دول العالم، التي ترفض الأنظمة القمعية، وتدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
- تشكيك أوروبي في نزاهة الانتخابات التركية المقبلة
- استفتاء أردوغان.. مراقبون يثيرون شكوكا حول 2.5 مليون صوت
وينأى أردوغان بنفسه وبنظامه عن الديمقراطية بكل صورها، والتي من أبسط مبادئها حق الشعب في اختيار من يمثله، ويضرب الرئيس التركي عرض الحائط بكل المواثيق والمعاهدات الدولية، ما أدى إلى منعه ونظامه من إقامة أي مؤتمرات انتخابية في دول الاتحاد الأوروبي، ورفض المنظمات الدولية المعنية مراقبة الانتخابات التي ستجرى 24 يونيو/حزيران المقبل، بسبب الأجواء غير الديمقراطية، وفرض حالة الطوارئ، وقمع معارضيه ومنافسيه، والسعي للسيطرة على السلطات التنفيذية والتشريعية في البلاد، الأمر الذي يضرب شرعية الانتخابات التركية في مقتل، ويهدد نظام أردوغان.
العالم يرفض مراقبة انتخابات أردوغان
أعلن البرلمان الأوروبي، وغيره من المؤسسات الدولية المعنية بمراقبة الانتخابات حول العالم للتأكد من نزاهتها وشفافيتها، أنه لن يرسل مراقبين للإشراف على الانتخابات التركية.
وقال رؤساء مجموعة تنسيق الدعم والانتخابات بالبرلمان الأوروبي، ديفيد ماك أليست، وليندا ماك أفان، في تصريح مشترك: إن "البرلمان الأوروبي لن يراقب الانتخابات المقررة في تركيا في 24 يونيو/حزيران، ولن يعلق على نتائج الانتخابات.
وأكدا في التصريح أن أي تعليق من عضو بالبرلمان الأوروبي على الانتخابات التركية لن يعبر عن رأي البرلمان الأوروبي.
كما اعتبرت لجنة المراقبة التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا شرعية الانتخابات "مهددة".
أوروبا تغلق أبوابها في وجه النظام التركي
انتكاسات متتالية يتعرض لها أردوغان ووزراء حكومته والتابعون له، فقد رفضت عدة دول أوروبية السماح لهم بإقامة مؤتمرات انتخابية على أرضيها.
وأعلن وزير خارجية ألمانيا، التي تضم نحو ثلاثة ملايين مواطن من أصل تركي، هيكو ماس، في وقت سابق، عدم السماح للسياسيين الأجانب بالقيام بحملات سياسية دعائية على الأراضي الألمانية.
وفي النمسا، أعلن المستشار النمساوي، زيباستيان كورتس، أن حكومة بلاده، التي تعارض بشدة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، ستحظر على السياسيين الأتراك تنظيم حملات انتخابية على الأراضي النمساوية قبل الانتخابات المقررة في تركيا في يونيو المقبل، لكونها تهدد السلم العام.
وفي هولندا، قال رئيس الوزراء الهولندي مارك روتيه، في وقت سابق، إن بلاده لا ترغب في تنظيم الدبلوماسيين وأعضاء الحكومة التركية حملات دعائية سياسية قبيل الانتخابات التركية المبكرة المقررة في 24 يونيو/حزيران المقبل.
كما طالب حزب اليمين الليبرالي أكبر شركاء الحكومة الهولندية والذي ينتمي له رئيس الوزراء، بفرض حظر رسمي على الدبلوماسيين الأتراك يمنعهم من تنظيم حملات دعائية سياسية على أراضيها.
انتقادات دولية للانتخابات في ظل الطوارئ
فرض نظام أردوغان حالة الطوارئ عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز التي أجازت للحكومة تخطي البرلمان وسَنّ قوانين جديدة وتقليص أو تعليق الحقوق والحريات عندما ترى ضرورة لذلك.
وكان آخر الانتقادات الدولية التي واجهها نظام أردوغان ما قاله مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد الحسين، الذي دعا تركيا، إلى رفع حالة الطوارئ فورا "لتمهيد الطريق أمام إجراء انتخابات يعتد بها"، مشيرا إلى أنه "من الصعب تصور إمكانية إجراء انتخابات يعتد بها في مناخ تعاقب فيه بشدة الآراء المعارضة أو تحدي الحزب الحاكم".
كما عبرت المفوضية الأوروبية في "تقرير التقدم بشأن تركيا" الذي تصدره عن خيبة أملها إزاء "تقلص الحقوق الأساسية بشدة في ظل حالة الطوارئ، ووفقا للمراسيم التي صدرت بموجبها". وقالت "ينبغي لتركيا رفع حالة الطوارئ دون تأخير".
وجمّد البرلمان الأوروبي مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، في وقت سابق بسبب حملة القمع الجارية والاعتقالات، كما دعت الأمم المتحدة الشهر قبل الماضي إلى إنهاء حالة الطوارئ في تركيا قائلة إنها أدت إلى انتهاكات "ضخمة وخطيرة" لحقوق الإنسان.
ولا شك أن أردوغان سيكمل ما فعل في الانتخابات البرلمانية التركية السابقة فبرغم أنه بموجب الأحكام الدستورية في ذلك الحين لم يكن مسموحا له بالمشاركة في الحملة الانتخابية، وكان ملزما بأن يظل محايدا بين الأحزاب، إلا أنه شارك بقوة في الدعاية لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي ينتمي إليه.
وربما يتخذ مزيدا من الإجراءات لضمان الفوز في انتخابات يونيو، والتي تُجرى في أجواء مشابهة لأجواء الاستفتاء الذي قال مراقبون أوروبيون إنه "افتقر إلى الإطار الديمقراطي الملائم".
ويهيمن حزب العدالة والتنمية وأنصاره حاليا على نحو 90% من وسائل الإعلام في تركيا، وذلك بعدما اشترت شركة مقربة من الحكومة "مجموعة دوغان الإعلامية" التي كانت تعدّ آخر مجموعة إعلامية مستقلة في البلاد، كما تسيطر الحكومة، بموجب تشريعات جديدة، على توزيع الصحف المستقلة وبوسعها حظر الإصدارات العالمية ووسائل البث المستقلة وأي مواقع إلكترونية، كما أن إعلان نتائج انتخابات 24 يونيو سيتم عبر وكالات الأنباء الموالية للحكومة فقط.
وأقر البرلمان الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية قانونا جديدا للانتخابات، في مارس، يسمح بنشر قوات الأمن قرب مراكز الاقتراع، وهو وجود قد يرهب كثيرا من الناخبين، لا سيما في المناطق الكردية، كما يسمح القانون الجديد بإحصاء بطاقات اقتراع غير مختومة باعتبارها صحيحة، ما يثير المخاوف من حشو صناديق الاقتراع لاستحالة التحقق من سجل الناخبين قبل الانتخابات المبكرة.
كما يسمح بإجراء الانتخابات في ظل حالة الطوارئ يسمح للحكومة بالاحتفاظ بسلطات تشريعية كبيرة لإقرار القوانين دون موافقة البرلمان، ولأردوغان بالحكم بالمراسيم خلال فترة الحملات الانتخابية.
كما تقيد حالة الطوارئ الحق في حرية التعبير فيما يمنع المعارضة من القيام بحملات كاملة ونشطة.
وهناك نحو 50 ألف شخص في سجون تركيا على ذمة المحاكمة لدورهم في الانقلاب الفاشل، كما أوقفت السلطات عن العمل نحو 150 ألفا من الموظفين الحكوميين، بينهم مدرسون وقضاة وجنود بموجب أحكام الطوارئ التي فرضتها تركيا بعد محاولة الانقلاب.
أردوغان يتبجح ضد المجتمع الدولي
"الهجوم خير وسيلة للدفاع".. هذا هو النهج الذي يتبعه أردوغان دوما، فيتبجح في وجه العالم حال انتقاد نزاهة انتخاباته، وسبق له رفض الانتقادات الصادرة عن مراقبين أوروبيين مفادها أن الحملات التي صاحبت الاستفتاء على التعديلات الدستورية لم تستوف المعايير الدولية.
ولم يكتفِ أردوغان بالرفض فقط للانتقادات بل تطاول في خطاب حاد أمام القصر الرئاسي على دول الاتحاد الأوروبي، وقال: "الزموا حدودكم"، مضيفا أنه لا يقبل هذه التعليقات وأنه سيتجاهل الانتقادات.
وبحسب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، فإن موارد الدولة أسيء استخدامها وفعاليات معارضي الاستفتاء تم فرض قيود عليها.
كما أكد أردوغان أنه قد ينظم استفتاء بشأن إنهاء المفاوضات الخاصة بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي التي استغرقت أكثر من عقد من الزمن وإعادة العمل بعقوبة الإعدام.
فيما وصفت وزارة خارجية نظامه التعليقات التي أدلى بها المراقبون بأنها غير مقبولة، وأنها غير حيادية.